الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

من يكره الموسيقى والرقص 8 /9 /2014

يقول المتعصبون وضيقو الأفق إن الرقص حرام. لا أظن أن الله ((عز وجل)) منحنا الموسيقى – لا الموسيقى التي نصنعها بأصواتنا وآلاتنا فحسب، بل الموسيقى التي تغلف كل أشكال الحياة، ثم حرّم علينا أن نسمعها. ألا يرون أن الطبيعة برمتها تغني ؟ فكل شيء في هذا الكون يتحرّك بإيقاع: خفقات القلب، ورفرفة أجنحة الطير ، هبوب الريح في ليلة عاصفة وطرقات الحداد وهو يطرق الحديد، أو الاصوات التي تغلف الجنين داخل الرحم .. كل شيء يشارك في انبعاثها، بحماسة وتلقائية، في نغم واحد رائع . وما رقصة الدراويش إلا حلقة في تلك السلسلة الدائمة . وكما يحمل ماء البحر في داخله المحيط برمته ، فإن رقصتنا تعكس أسرار الكون وتغلفها .
لولا العبارة الاخيرة في هذه المقدمة لظن القارئ ان الحديث متعلق بفنون الموسيقى والرقص في حياتنا وكم هي جميلة ومهمة وصحية، غذاءاً للروح وضرورة فسيولوجية للجسد ومع ذلك لم يتوقف عن الاساءة لها ولنا طوال تاريخنا المتعصبون وضيقو الافق ! والحقيقة أنها سطور على لسان شمس التبريزي في قونية، حزيران 1246 كما جاءت في رواية عظيمة عنوانها ((قواعد العشق الاربعون)) (عن جلال الدين الرومي) كتبتها الروائية التركية إليف شافاك عام 2012 وترجمها خالد الجبيلي، والغريب أن المتعصبين وضيقي الافق مازالوا حتى بعد مرور كل هذه المئات من السنين يقيمون بين ظهرانينا ويتغلغلون في حياتنا، يفسدون علينا الاستمتاع بما فُطرنا عليه ويكرهون أن يرونا سعداء فرحين بل يريدوننا أن نبقى مثلهم عابسين متجهمين تعساء وأن نؤجل سعادتنا وفرحنا الى .. الى متى ؟  ليس ذلك فحسب بل يريدون ان يفرضوا علينا نمط الظلامية الفظة التي يتوهمون – ويوهمون الناس أنها كانت السائدة وأنها حققت الأمجاد لأمتنا في ماضيها التليد، ويريدون أن يقضوا على من لا يتفقون معهم في هذا الفهم او الوهم إن بأعدامهم بالرصاص أو جز رقابهم بالمدى ! والأنكى أن في صفوفنا وحتى في قياداتنا الفكرية والسياسية من لا يزال يسايرهم أو يداهنهم أو يجاملهم، إما جبنا عن مواجهتهم أو طمعاً في احتوائهم واستخدامهم عند الحاجة !  
أما مولانا جلال الدين الرومي فمازال كما الصوفية نفسها موضع احترام وتقدير في الاوساط الفكرية والاكاديمية في معظم بلاد العالم المتقدم، واما تلميذه ومريده وصفيّه وصديقه الحميم شمس التبريزي الذي قتله المتطرفون فهو القائل في حضرته: ((عندما كنت طفلاً رأيت الله ، رأيت ملائكة ، رأيت اسرار العالميْن العلوي والسفلي . ظننت ان جميع الرجال رأوا ما رأيته . لكني سرعان ما ادركت انهم لم يروا ..)) .

وبعد .. ليس ضروريا أن نعتنق الصوفية حتى نحب الفنون !  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق