30 /4/2011
من يحلِّل لنا نفسياتهم ؟
د. زيد حمزه
عن اللصوص من نزلاء السجون تحديداً هناك دراسات اجتماعية عديدة تعرضت لجوانب مختلفة من نشأتهم وحياتهم وظروفهم العائلية وتأثير مجتمعاتهم المحلية عليهم ، وهي دراسات أفادت كثيراً في بناء أسس التربية الحديثه وفي صياغة مناهج التعليم في المدارس وتوجيه الاعلام نحو إشاعة قيم الأمانة بين الناس .. والحديث هنا عن لصوص البنوك و(( حرامية )) البيوت و (( نشّالي )) جيوب البسطاء في الاماكن المزدحمه ، لكن ماذا عن اللصوص الآخرين الذين تُختصر افعالهم المشينة بكلمة الفساد ويُدعوْن بالفاسدين ؟ .. وهم المسؤولون – الكبار عادةً – الذين يسرقون أموال الدولة من خلال مناصبهم ومواقع نفوذهم وينهبون ثروات الوطن ويسطون حتى على احلام الفقراء المتلهفين على (( سكنٍ كريمٍ )) يؤويهم ! هل هناك أبحاث ودراسات عنهم وعن لصوصية اثرائهم غير المشروع إذ يعتبر تحويل الرشوة خلسة الى الرصيد السري في البنك في وضح النهار جريمة تستوي مع السرقة بكسر قاصة البنك في عتمة الليل .. الأولى تتم باحتياطات قانونية ذكية وربما بقوانين مؤقتة احياناً أو بادخال بنود مبهمة على العقود مع الشركات ! والثانية يعرف مرتكبوها سلفاً أنها ضد القانون وأن عقوبتها السجن !؟ وما هي يا ترى النوازع والدوافع الكامنة في نفوس المرتشين أو الذين يحددون سلفاً نسبةً (Commission) على كل صفقة تحتاج لتوقيعهم أو مشروعٍ تنموي أو استثماري يخترعونه أصلاً لكي تكون لهم فيه حصة !؟ بماذا يشعرون وهم يمدون ايديهم تحت المائدة لقبض المال الحرام .. بدم بارد ؟ أم أن مشاعرهم تبلدت بعد أن أُوهموا بأنهم النخبة والصفوة الجديرة بهذه الثروات وبأن باقي الشعب لا يستحقون اكثر من الكفاف ؟!
لنأخذ آخر الأمثلة .. كبار المسؤولين من فاسدي مصر الذين جرجرهم النائب العام الواحد تلو الآخر الى السجن للتحقيق معهم ، ما هو شعورهم وقد (( برطعوا )) لزمان طويل بما نهبوا من اموال السحت ثم فجأة افتضحت الاسرار وأصبحوا أبطال العار في مسلسل الاخبار؟ وما شعور أولئك الذين لم تصلهم بعد يد العدالة في مصر أو سواها ؟ أفلا يرتعدون فَرَقاً من مصيرٍ مشابهٍ وتضطرم نفوسهم بالخزي فيعجزون عن التحديق في عيون ابنائهم وزوجاتهم الا إذا كان هؤلاء ضالعين ومشاركين ؟ أو في عيون أصدقائهم ومعارفهم المباغَتين لكثرة ما سمعوهم فيما مضى يتحدثون عن الشرف والاستقامة وشاهدوهم يترددون على المساجد ليؤدوا صلاة الجمعة .. أمام الملأ وكاميرات التلفزيون ؟
وبعد .. يستطيع اي محلل أن يتكهن بالقدر الهائل من التوتر الذي ينتاب سُرَاق الوطن الآن لكني أتمنى أن يلتقط خيط الكلام أصحاب التخصص في مضمار الطب النفسي والعلوم الاجتماعية ليحللوا لنا نفسياتهم ، وإلى أن يتحقق ذلك سأظل مبتهجاً وأنا أرقبهم بلا أدنى شفقة يتقلبون قلقاً وهلعاً قبل أن يجدوا أنفسهم داخل السجون التي شاهدوا بأم أعينهم كيف دخلها قَبْلهم .. مَن هم أكبر وأهم !
الأحد، 8 مايو 2011
7 /5 /2011
من يحقد على من ؟
د. زيد حمزه
بعد أن فسرتْ الماركسيه تطور المجتمعات من مرحلة البدائية الشيوعية الى مراحل العبودية فالأقطاعية فالرأسمالية ثم الاشتراكية وصولا إلى الشيوعة آخر المطاف ، وأكدت أن أحد العوامل الرئيسية في ذلك هو الصراع الطبقي، اجاب على ذلك أصحاب النظريات الأخرى والمدافعون عن الرأسمالية الغربية على وجه الخصوص بأن هذا التحليل الماركسي دعوة لاثارة الحقد بين الناس يؤدي الى تدمير المجتمعات بتأليب العمال على اصحاب العمل لا بالاعتصام أو الاضراب أو التظاهر فحسب بل بتحويلهم الى مجموعة من الجاحدين لنعمة اربابهم بدل أن يكونوا حامدين شاكرين لهم على أن وفروا لهم فرص العمل فاطعموهم من جوع ! وهو تنظير أساء لنضال العمال واثار عليهم نقمة باقي افراد المجتمع، وغطى على مطالبهم العادله وكتمَ اصواتهم وهم يتظلمون من انتهاك حقوقهم التي نصت عليها الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية كتشكيل النقابات والمفاوضة على الاجور والتأمين الصحي وبالنسبة للمرأة العاملة حق مساواة اجورها وشروط عملها بالرجل واعطاء الحامل اجازة الأمومة .. ومن ناحيتهم فان اصحاب العمل نأَوْا بأنفسهم عن ساحة المعركة وسخّروا بعض الكتاب لكي يقوموا بتشويه المواقف العمالية حتى لا يتعاطف الرأي العام معها لكن العالم وهو يعج بالقلاع الصناعية العملاقة والشركات الكبرى متعددة الجنسيات ذات النفوذ البالغ على الكثير من الحكومات لم يخلُ يوما من أصحاب الاقلام الشريفة الذين ما فتئوا يدافعون عن الحقيقة كنعومي كلاين في كتابها Shock Doctrine : Rise of Disaster Capitalism وقد بيّن بعضهم أن الحقد الطبقي الحقيقي هو الهابط من فوق اي من الأقوياء وليس الصاعد من تحت أي من الضعفاء ، فجشع اصحاب المصالح هو الذي يجعلهم يوغلون في استغلال مستخدميهم كي يحققوا ربحاً أكثر، وذلك بسن التشريعات أو تعديلها كي تعزز هذا الاستغلال .. كما بينوا أن العامل قد يحقد على صاحب العمل أو يكرهه لأنه لا يعطيه أجره الكافي الذي يستحقه ويمكّنه من العيش بكرامة مع أن ذلك لا يكلفه سوى التضحية بجزء يسير من ارباحه .
وبعد .. على هذا الاساس يمكن أن نفسّر موقف سْكوتْ ووكر حاكم ولاية وسكنسون الجمهوري قبل أشهر قليلة الذي باع حقوق النقابات مقابل الثمن الذي قبضه من شركات كبرى معروفه، فهل على نفس الاساس يمكن تفسير مماطلة مؤسسة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها قبل ثلاثين عاما في تطبيق حق التأمين الصحي لمنتسبيها من العمال والوارد نصاً في قانونها بسبب الخضوع لنفوذ أصحاب العمل في مجلس ادارتها ورغم الوجود المزوَّر لاتحادهم العام في هذا المجلس ؟!
من يحقد على من ؟
د. زيد حمزه
بعد أن فسرتْ الماركسيه تطور المجتمعات من مرحلة البدائية الشيوعية الى مراحل العبودية فالأقطاعية فالرأسمالية ثم الاشتراكية وصولا إلى الشيوعة آخر المطاف ، وأكدت أن أحد العوامل الرئيسية في ذلك هو الصراع الطبقي، اجاب على ذلك أصحاب النظريات الأخرى والمدافعون عن الرأسمالية الغربية على وجه الخصوص بأن هذا التحليل الماركسي دعوة لاثارة الحقد بين الناس يؤدي الى تدمير المجتمعات بتأليب العمال على اصحاب العمل لا بالاعتصام أو الاضراب أو التظاهر فحسب بل بتحويلهم الى مجموعة من الجاحدين لنعمة اربابهم بدل أن يكونوا حامدين شاكرين لهم على أن وفروا لهم فرص العمل فاطعموهم من جوع ! وهو تنظير أساء لنضال العمال واثار عليهم نقمة باقي افراد المجتمع، وغطى على مطالبهم العادله وكتمَ اصواتهم وهم يتظلمون من انتهاك حقوقهم التي نصت عليها الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية كتشكيل النقابات والمفاوضة على الاجور والتأمين الصحي وبالنسبة للمرأة العاملة حق مساواة اجورها وشروط عملها بالرجل واعطاء الحامل اجازة الأمومة .. ومن ناحيتهم فان اصحاب العمل نأَوْا بأنفسهم عن ساحة المعركة وسخّروا بعض الكتاب لكي يقوموا بتشويه المواقف العمالية حتى لا يتعاطف الرأي العام معها لكن العالم وهو يعج بالقلاع الصناعية العملاقة والشركات الكبرى متعددة الجنسيات ذات النفوذ البالغ على الكثير من الحكومات لم يخلُ يوما من أصحاب الاقلام الشريفة الذين ما فتئوا يدافعون عن الحقيقة كنعومي كلاين في كتابها Shock Doctrine : Rise of Disaster Capitalism وقد بيّن بعضهم أن الحقد الطبقي الحقيقي هو الهابط من فوق اي من الأقوياء وليس الصاعد من تحت أي من الضعفاء ، فجشع اصحاب المصالح هو الذي يجعلهم يوغلون في استغلال مستخدميهم كي يحققوا ربحاً أكثر، وذلك بسن التشريعات أو تعديلها كي تعزز هذا الاستغلال .. كما بينوا أن العامل قد يحقد على صاحب العمل أو يكرهه لأنه لا يعطيه أجره الكافي الذي يستحقه ويمكّنه من العيش بكرامة مع أن ذلك لا يكلفه سوى التضحية بجزء يسير من ارباحه .
وبعد .. على هذا الاساس يمكن أن نفسّر موقف سْكوتْ ووكر حاكم ولاية وسكنسون الجمهوري قبل أشهر قليلة الذي باع حقوق النقابات مقابل الثمن الذي قبضه من شركات كبرى معروفه، فهل على نفس الاساس يمكن تفسير مماطلة مؤسسة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها قبل ثلاثين عاما في تطبيق حق التأمين الصحي لمنتسبيها من العمال والوارد نصاً في قانونها بسبب الخضوع لنفوذ أصحاب العمل في مجلس ادارتها ورغم الوجود المزوَّر لاتحادهم العام في هذا المجلس ؟!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)