الأحد، 8 مايو 2011

‏30 /4/2011 ‏

من يحلِّل لنا نفسياتهم ؟
د. زيد حمزه

عن اللصوص من نزلاء السجون تحديداً هناك دراسات اجتماعية عديدة تعرضت لجوانب ‏مختلفة من نشأتهم وحياتهم وظروفهم العائلية وتأثير مجتمعاتهم المحلية عليهم ، وهي دراسات ‏أفادت كثيراً في بناء أسس التربية الحديثه وفي صياغة مناهج التعليم في المدارس وتوجيه الاعلام ‏نحو إشاعة قيم الأمانة بين الناس .. والحديث هنا عن لصوص البنوك و(( حرامية )) البيوت ‏و (( نشّالي )) جيوب البسطاء في الاماكن المزدحمه ، لكن ماذا عن اللصوص الآخرين الذين ‏تُختصر افعالهم المشينة بكلمة الفساد ويُدعوْن بالفاسدين ؟ .. وهم المسؤولون – الكبار عادةً – ‏الذين يسرقون أموال الدولة من خلال مناصبهم ومواقع نفوذهم وينهبون ثروات الوطن ويسطون ‏حتى على احلام الفقراء المتلهفين على (( سكنٍ كريمٍ )) يؤويهم ! هل هناك أبحاث ودراسات عنهم ‏وعن لصوصية اثرائهم غير المشروع إذ يعتبر تحويل الرشوة خلسة الى الرصيد السري في البنك ‏في وضح النهار جريمة تستوي مع السرقة بكسر قاصة البنك في عتمة الليل .. الأولى تتم ‏باحتياطات قانونية ذكية وربما بقوانين مؤقتة احياناً أو بادخال بنود مبهمة على العقود مع ‏الشركات ! والثانية يعرف مرتكبوها سلفاً أنها ضد القانون وأن عقوبتها السجن !؟ وما هي يا ترى ‏النوازع والدوافع الكامنة في نفوس المرتشين أو الذين يحددون سلفاً نسبةً ‏‎(Commission)‎‏ على ‏كل صفقة تحتاج لتوقيعهم أو مشروعٍ تنموي أو استثماري يخترعونه أصلاً لكي تكون لهم فيه ‏حصة !؟ بماذا يشعرون وهم يمدون ايديهم تحت المائدة لقبض المال الحرام .. بدم بارد ؟ أم أن ‏مشاعرهم تبلدت بعد أن أُوهموا بأنهم النخبة والصفوة الجديرة بهذه الثروات وبأن باقي الشعب لا ‏يستحقون اكثر من الكفاف ؟! ‏
لنأخذ آخر الأمثلة .. كبار المسؤولين من فاسدي مصر الذين جرجرهم النائب العام الواحد ‏تلو الآخر الى السجن للتحقيق معهم ، ما هو شعورهم وقد (( برطعوا )) لزمان طويل بما نهبوا ‏من اموال السحت ثم فجأة افتضحت الاسرار وأصبحوا أبطال العار في مسلسل الاخبار؟ وما ‏شعور أولئك الذين لم تصلهم بعد يد العدالة في مصر أو سواها ؟ أفلا يرتعدون فَرَقاً من مصيرٍ ‏مشابهٍ وتضطرم نفوسهم بالخزي فيعجزون عن التحديق في عيون ابنائهم وزوجاتهم الا إذا كان ‏هؤلاء ضالعين ومشاركين ؟ أو في عيون أصدقائهم ومعارفهم المباغَتين لكثرة ما سمعوهم فيما ‏مضى يتحدثون عن الشرف والاستقامة وشاهدوهم يترددون على المساجد ليؤدوا صلاة الجمعة .. ‏أمام الملأ وكاميرات التلفزيون ؟ ‏
وبعد .. يستطيع اي محلل أن يتكهن بالقدر الهائل من التوتر الذي ينتاب سُرَاق الوطن ‏الآن لكني أتمنى أن يلتقط خيط الكلام أصحاب التخصص في مضمار الطب النفسي والعلوم ‏الاجتماعية ليحللوا لنا نفسياتهم ، وإلى أن يتحقق ذلك سأظل مبتهجاً وأنا أرقبهم بلا أدنى شفقة ‏يتقلبون قلقاً وهلعاً قبل أن يجدوا أنفسهم داخل السجون التي شاهدوا بأم أعينهم كيف دخلها قَبْلهم .. ‏مَن هم أكبر وأهم ! ‏‎ ‎‏ ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق