السبت، 29 يناير 2011

هذا المقال لم ينشر في جريدة الراي

‏27/1 /2011 ‏
‏ ‏
عن تونس .. الثورة لا الانقلاب ! ‏
د. زيد حمزه
‏ ‏
لقد فزعتُ مما نشرته (( الرأي )) صباح الاثنين الماضي عن وكالة الانباء الفرنسية من ‏اقوالٍ للسيد راشد غنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي التونسي في المنفى (لندن) وهو يتملق ‏الرئيس معمر القذافي مشيداً بدعمه للثورة في تونس التي بدأت في رأيه تتمثل النموذج الليبي ‏‏(كذا) ولم يكن قد مضى سوى أيام قليله على تصريحات القذافي التي أدلى بها بعد الاطاحة بزين ‏العابدين بن علي وقال فيها (( إنه متألم جداً لما حدث اذ لا يوجد أحسن منه في هذه الفترة لرئاسة ‏تونس !..)) والتي أثارت حفيظة الشعب التونسي فهتف المتظاهرون ضده في الشوارع ونددوا به، ‏وقد استوضحتُ الأمر من صديقي الكاتب الصحفي الذي أثق برجاحة رأيه السياسي فهدّأ من ‏روْعي وقال إنه رغم معارضته لمبادئ حزب النهضة الاسلامي وزعيمه راشد الغنوشي فانه ‏يعتقد أن هذه التصريحات مدسوسة على الرجل وقد ((فُبركت)) لتوظيفها في إنقاذ السمعة السيئة ‏لتصريحات القذافي. ولدى إعادة القراءة وجدتُ أن وكالة الأنباء اخذتْ اقوال الغنوشي عن ‏صحيفة (( قورينا )) الليبية القريبة من سيف الاسلام نجل القذافي ! فتيقنت من صدق تحليل ‏صديقي الذي نصحني أيضاً بقراءة مقال سميّه الغنوشي (ابنة راشد الغنوشي) في صحيفة ‏الغارديان البريطانية وقد ترجمه عبد الرحمن الحسيني في (( الغد )) 23 /1/2011 بعنوان ‏‏(( على التونسيين تفكيك الوحش الذي بناه بن علي )) وجاء فيه (( بينما العرب يحتفلون في ‏الشوارع هاتفين بقول الشاعر التونسي الراحل أبوالقاسم الشابي – اذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا ‏بد أن يستجيب القدر – فان حكامهم يَبدون مصدومين بالاخبار التي تقشعر لها ابدانهم واكثر ما ‏يخشونه هو انتقال العدوى التونسية الى شعوبهم، وكان معمر القذافي هو الوحيد الذي كسر ‏صمتهم الأشبه بصمت الموتى ليتحدث نيابة عن كل الحكام المستبدين محذراً التونسيين من أنهم ‏سيندمون على ما اقترفته ايديهم )) وقالت الكاتبة بضرورة (( بناء ائتلاف موسع للقوى التي ‏تستطيع تفكيك إرث الحالة الاستبدادية لما بعد الحقبة الكولونياليه وبالتالي جلب التغيير الذي طالما ‏تاق له الشعب منذ عقود )) واشارت الى (( التحالف الذي تشكَّلَ من حزب الشغل الشيوعي بقيادة ‏حمه الحمامي والشخصيه الكارزمية المنصف المرزوقي من حزب الشعب من أجل الجمهورية ، ‏ومن حزب النهضة بقيادة والدي رشيد الغنوشي ، سويّةً مع النقابيين وناشطي المجتمع المدني..)) ‏وهكذا، من العنوان والمحتوى تؤكد لنا سمية الغنوشي (وهي غير بعيدة عن والدها) موقفها ‏الواضح من مساندة الثورة واستراتيجيتها التي لا تمت بصلة للنموذج الليبي ! ‏
وبعد .. فلا بدّ من التذكير بأن الثورة التونسية ليست انقلابا عسكرياً وهي اذ تغذّ السير ‏في طريقها وسط حقول الالغام وعلى مرمى من سهام الاعداء القريبين في الجوار أو البعيدين ‏خلف البحار، فأنها مازالت مهددة بالاختطاف وأخطر من يهددها أولئك الذين يدّعون صداقتها ! ‏