27/1 /2011
عن تونس .. الثورة لا الانقلاب !
د. زيد حمزه
لقد فزعتُ مما نشرته (( الرأي )) صباح الاثنين الماضي عن وكالة الانباء الفرنسية من اقوالٍ للسيد راشد غنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي التونسي في المنفى (لندن) وهو يتملق الرئيس معمر القذافي مشيداً بدعمه للثورة في تونس التي بدأت في رأيه تتمثل النموذج الليبي (كذا) ولم يكن قد مضى سوى أيام قليله على تصريحات القذافي التي أدلى بها بعد الاطاحة بزين العابدين بن علي وقال فيها (( إنه متألم جداً لما حدث اذ لا يوجد أحسن منه في هذه الفترة لرئاسة تونس !..)) والتي أثارت حفيظة الشعب التونسي فهتف المتظاهرون ضده في الشوارع ونددوا به، وقد استوضحتُ الأمر من صديقي الكاتب الصحفي الذي أثق برجاحة رأيه السياسي فهدّأ من روْعي وقال إنه رغم معارضته لمبادئ حزب النهضة الاسلامي وزعيمه راشد الغنوشي فانه يعتقد أن هذه التصريحات مدسوسة على الرجل وقد ((فُبركت)) لتوظيفها في إنقاذ السمعة السيئة لتصريحات القذافي. ولدى إعادة القراءة وجدتُ أن وكالة الأنباء اخذتْ اقوال الغنوشي عن صحيفة (( قورينا )) الليبية القريبة من سيف الاسلام نجل القذافي ! فتيقنت من صدق تحليل صديقي الذي نصحني أيضاً بقراءة مقال سميّه الغنوشي (ابنة راشد الغنوشي) في صحيفة الغارديان البريطانية وقد ترجمه عبد الرحمن الحسيني في (( الغد )) 23 /1/2011 بعنوان (( على التونسيين تفكيك الوحش الذي بناه بن علي )) وجاء فيه (( بينما العرب يحتفلون في الشوارع هاتفين بقول الشاعر التونسي الراحل أبوالقاسم الشابي – اذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر – فان حكامهم يَبدون مصدومين بالاخبار التي تقشعر لها ابدانهم واكثر ما يخشونه هو انتقال العدوى التونسية الى شعوبهم، وكان معمر القذافي هو الوحيد الذي كسر صمتهم الأشبه بصمت الموتى ليتحدث نيابة عن كل الحكام المستبدين محذراً التونسيين من أنهم سيندمون على ما اقترفته ايديهم )) وقالت الكاتبة بضرورة (( بناء ائتلاف موسع للقوى التي تستطيع تفكيك إرث الحالة الاستبدادية لما بعد الحقبة الكولونياليه وبالتالي جلب التغيير الذي طالما تاق له الشعب منذ عقود )) واشارت الى (( التحالف الذي تشكَّلَ من حزب الشغل الشيوعي بقيادة حمه الحمامي والشخصيه الكارزمية المنصف المرزوقي من حزب الشعب من أجل الجمهورية ، ومن حزب النهضة بقيادة والدي رشيد الغنوشي ، سويّةً مع النقابيين وناشطي المجتمع المدني..)) وهكذا، من العنوان والمحتوى تؤكد لنا سمية الغنوشي (وهي غير بعيدة عن والدها) موقفها الواضح من مساندة الثورة واستراتيجيتها التي لا تمت بصلة للنموذج الليبي !
وبعد .. فلا بدّ من التذكير بأن الثورة التونسية ليست انقلابا عسكرياً وهي اذ تغذّ السير في طريقها وسط حقول الالغام وعلى مرمى من سهام الاعداء القريبين في الجوار أو البعيدين خلف البحار، فأنها مازالت مهددة بالاختطاف وأخطر من يهددها أولئك الذين يدّعون صداقتها !