30 /6 /2011
دومنيك ستروس – كان .. الوجه الآخر !
د. زيد حمزه
لست معنيا بالفضيحة الجنسية التي أسقطت الفرنسي دومنيك ستروس – كان عن عرش أكبر مؤسسة مالية واقتصادية في العالم هي صندوق النقد الدولي ، ففي الدول الغربية التي قطعت أشواطاً شاسعة في ابتعادها عن النظر الى الممارسات الجنسية على أنها خطايا أخلاقية كما تفعل بلاد أخرى محافظة ، لا يمكن التصديق بأن القصد من الفضيحة تلطيخ سمعة الرجل لدى عائلته ومجتمعه بل أمر آخر أخطر وأكبر كَشَفَ عنه مايك ويتني Mike Whitney في مقال له فيI.C.H. بتاريخ 15 /5 /2011 إذ قال: هناك رائحة مشبوهة تنبعث من قصة شتروس – كان لأن للرجل اعداءاً كثيرين كأولئك الذين ينافسهم على منصب رئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة عن الحزب الاشتراكي الفرنسي ومن بينهم ساركوزي ، والأهم منهم أولئك الذين يشكلون أئتلاف البنوك الغربية وقد دأبوا عبر قرنين من الزمان على تحقيق مصالحهم الجشعه بتطبيق سياسة مالية تمتعت في العقود الاخيرة بحماية صندوق النقد الدولي وهبطت بالغالبية العظمى الى مستويات سحيقة من الفقر واليأس، وقد فوجئوا بالسيد ستروس – كان أخيراً يحيد بالصندوق عن الخط المرسوم له في السياسة الليبرالية المالية المتحررة من القيود والمنفلتة من الضوابط لانها في نظره ونظر العالِم الاقتصادي الكبير المؤيد له جوزيف ستيغلتز Joseph Stiglitz غير منتجة كما يُزعم ، وتفتقر تماما للكفاءة والاستقرار وكانت السبب الاول للازمة المالية العالمية التي أنفجرت في صيف 2008.
ويقول ويتني : لقد حاول سترواس – كان أن يوجه الصندوق اتجاها ايجابيا جديداً لا يؤدي بالحكومات الى التخلي عن سيادتها لتصبح اقتصاداتها مرتعاً لرأس المال الاجنبي الذي يدخل البلاد بسرعة فيرفع الاسعار ويخلق شركات الفقاعات المالية ثم ينسحب بارباحه مخلفاً وراءه كارثة البطالة والمصانع المعطلة والركود العميق .. كما بدأ ستروس – كان بارساء خطة جديدة للصندوق لا يجبر بها تلك الحكومات على خصخصة الصناعات والمؤسسات الخدمية التي تملكها الدوله كما كان يحدث في الماضي ، ولا يشترط عليها (( سحق )) النقابات العمالية أو تخريبها من الداخل .. وقد قال في محاضرة له مؤخراً في معهد بروكنغ : (( إن جوهر وظيفة الصندوق توفير العمالة وتحقيق العدالة فهما حجرا الأساس في الاقتصاد المزدهر والاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي )) كما دعا في محاضرته في جامعة جورج واشنطن في أول أيار 2011 الى إعادة النظر في العولمة التي عمقت الفجوة بين الاغنياء والفقراء وإلى ضرورة توزيع الدخل على اساس تنظيم جديد للشركات المالية وهو كلام خطير يعني أن رئيس الصندوق بدأ يخطط لاعادة توزيع الثروة ( يا للهول ! ) فهل يمكن أن يرضى كبار رجال الاعمال بمثل هذا الكلام ؟ والى متى يصبرون عليه قبل أن يرسلوه في اجازة ابدية ؟.. وهنا أيضاً قال ستغلتز: أراهن أنهم لن يصبروا طويلاً بعدما أصبح ستروس – كان عبئا ثقيلا وعائقاً مزعجاً ينبغي التخلص منه ولو بطريقة خسيسة فقد خرج عن الخط المرسوم وغامر بدخول المنطقة المحظورة ولا بد من سحقه كالحشرة بعد أن وقّع على شهادة وفاته بيده !!
ويُنهي الكاتب مايك ويتني كلامه بالتساؤل : هل كان هذا الرجل المعروف بحكمته وحصافته ساذجاً لكي يعتقد أن ملوك البنوك وأصحاب الشركات الكبرى المتمتعين بحماية الصندوق في نهبهم لثروات العالم وتحقيق المزيد من الارباح ولو على حساب فقرٍ أعم وأعمق لكل الآخرين يمكن أن يرحبوا بسياسته الجديدة ويصبحوا فجأةً أصحاب ضمائر رحيمة يمدون اليد لمساعدة الانسانية المعذبه ؟ (( يا ناس )) أفيقوا على الحقيقة والواقع ..
وبعد .. أفلا يذكرّنا هذا المقال بما فعله بنا صندوق النقد الدولي وتوأمه البنك الدولي وما تعانيه اليوم جراء ذلك من مديونية خانقه وعجز خطير في الموازنه ؟
السبت، 23 يوليو 2011
25 / 6 /2011
(( الرواية )) وراء كل هذا !
د . زيد حمزه
ذات يوم بعيد يُداني الخمسين عاماً كنت أجلس بين يدي المحقق وهو يفاجئني بطلقات من الأسئلة التي لم أدرك حينئذٍ كنه بعضها .. واحد منها عجبتُ له كثيراً: ماذا تعرف عن قاسم الريماوي ؟ تُرى .. من أنا القابع في زنزانة حتى أعرف عن هذا الرجل الذي كان يومها في سدة الحكم وزيراً للزراعة بجانب رئيسه وصفي التل وانا طبيب شاب لم أعد من رحلة الاختصاص في بريطانيا إلا منذ أسابيع قليلة ولم أره في حياتي إلا على صفحات الجرائد ؟! وبدأتُ مع الساعات الطويلة للتحقيق وعلى مدى تسعة عشر يوماً أستنتج أن كثيراً من الأسئلة التي تبدو لي غريبة شاذه يمكن أن تتجمع اجاباتها لتشكل في النهاية مخزوناً من المعرفة لا عن قضية محدده بل عن قضايا أخرى تتفكك أسرارها شيئاً فشيئاً بفضل تلك المعلومات المتنوعة الآتية من هذا التحقيق أو ذاك مع معتقل ما أو اكثر وحسب الأساليب (( الحديثه )) التي جاء بها إذ ذاك الخبير الألماني الذي لم ألتق به وإن أدركت للتو أن تلامذته أصبحوا على درجة جيدة من الكفاءه ..!
غابت عن حياتي تلك القصة القديمة وقد توارت بين صفحات ذاكرتي وسط آلاف القصص الأخرى الهامة وغير الهامة، إلى أن قفز أمام ناظري قبل أيام اسم قاسم الريماوي وأنا أقرأ رواية سحر خليفة (( حبي الأول )) المنشورة في 2010 وهي تتحدث عن عبد القادر الحسيني قائد الجهاد المقدس الذي استشهد في القسطل في السادس من نيسان 1948 وتستلهم بعض الحوارات من (( مخطوط عبد القادر الحسيني 1950، بقلم قاسم الريماوي أمين سر الجهاد المقدس )) أي أن أربعة عشر عاماً قد انقضت بين ما كانه أمين سر الجهاد المقدس مساعداً لذلك القائد الثوري حتى أصبح وزيراً للزراعة في حكومة وصفي التل وأُسألُ أنا عنه اثناء التحقيق معي عام 1962 ! فهل اشغل نفسي اليوم بالتنقيب عن تلك العلاقة التي لا بد يعرفها سواي من الذين كتبوا تاريخ وصفي وذلك الجزء من حياته مع الثوار الفلسطينيين ؟ أما أن الأفضل أن أخرج بكم وبنفسي من هذه الحلقة السوداء بأسئلتها المرهِقة، فاتوجه قليلا للذين استغربوا أن يكون وراء حديثي كله روايةٌ قرأتها فاعجبتني وأثارت شجوني كي أقول لهم ولسواهم من الذين لم يولعوا بعد مثلي بهذا النوع من الادب كيف اكتشفتُ بانبهار شديد أن الرواية الجيدة فن عظيم يستطيع المبدعون فيه ( أو المبدعات وقد تفوّقن إذ اسهمن في التيار العريض لحركة تحرير المرأة ) أن يحملونا على اجنحة الخيال الجميل ونحن في كامل وعينا ثم أن يهبطوا بنا الى عوالم الحقيقة فنتعرف على تاريخ المجتمعات لا التاريخ الذي وضعه لنا كتاب السلاطين أو نستخلص من الفلسفات روح المحبة وجوهر الحكمة أو ننفعل باحداثٍ سياسية لم تهتم بها الصحف أو نخوض في أعماق بعض النفوس البشرية وكأننا شاركنا في تحليلها أو نتعاطف مع المعتقدات الدينية الأخرى حتى لو كانت مخالفة لما نؤمن به أو تدهشنا التجارب الجنسية بصدقها الذي يتماهى مع الطبيعة الانسانية، كل ذلك ونحن نستمتع ايما استمتاع بلغة ثرّة زاهية الألوان .. بليغة .
وبعد .. لعلها فرصتي للبوح والتعبير عن ندمي على سنين ضاعت من عمري لم أقرأ فيها الرواية فأردد مستعيراً من عمر الخيام: ( ما أضيع اليوم الذي مر بي من غير أن ) أحظى بمتعتها وأشتاقَ دوماً للمزيد .
(( الرواية )) وراء كل هذا !
د . زيد حمزه
ذات يوم بعيد يُداني الخمسين عاماً كنت أجلس بين يدي المحقق وهو يفاجئني بطلقات من الأسئلة التي لم أدرك حينئذٍ كنه بعضها .. واحد منها عجبتُ له كثيراً: ماذا تعرف عن قاسم الريماوي ؟ تُرى .. من أنا القابع في زنزانة حتى أعرف عن هذا الرجل الذي كان يومها في سدة الحكم وزيراً للزراعة بجانب رئيسه وصفي التل وانا طبيب شاب لم أعد من رحلة الاختصاص في بريطانيا إلا منذ أسابيع قليلة ولم أره في حياتي إلا على صفحات الجرائد ؟! وبدأتُ مع الساعات الطويلة للتحقيق وعلى مدى تسعة عشر يوماً أستنتج أن كثيراً من الأسئلة التي تبدو لي غريبة شاذه يمكن أن تتجمع اجاباتها لتشكل في النهاية مخزوناً من المعرفة لا عن قضية محدده بل عن قضايا أخرى تتفكك أسرارها شيئاً فشيئاً بفضل تلك المعلومات المتنوعة الآتية من هذا التحقيق أو ذاك مع معتقل ما أو اكثر وحسب الأساليب (( الحديثه )) التي جاء بها إذ ذاك الخبير الألماني الذي لم ألتق به وإن أدركت للتو أن تلامذته أصبحوا على درجة جيدة من الكفاءه ..!
غابت عن حياتي تلك القصة القديمة وقد توارت بين صفحات ذاكرتي وسط آلاف القصص الأخرى الهامة وغير الهامة، إلى أن قفز أمام ناظري قبل أيام اسم قاسم الريماوي وأنا أقرأ رواية سحر خليفة (( حبي الأول )) المنشورة في 2010 وهي تتحدث عن عبد القادر الحسيني قائد الجهاد المقدس الذي استشهد في القسطل في السادس من نيسان 1948 وتستلهم بعض الحوارات من (( مخطوط عبد القادر الحسيني 1950، بقلم قاسم الريماوي أمين سر الجهاد المقدس )) أي أن أربعة عشر عاماً قد انقضت بين ما كانه أمين سر الجهاد المقدس مساعداً لذلك القائد الثوري حتى أصبح وزيراً للزراعة في حكومة وصفي التل وأُسألُ أنا عنه اثناء التحقيق معي عام 1962 ! فهل اشغل نفسي اليوم بالتنقيب عن تلك العلاقة التي لا بد يعرفها سواي من الذين كتبوا تاريخ وصفي وذلك الجزء من حياته مع الثوار الفلسطينيين ؟ أما أن الأفضل أن أخرج بكم وبنفسي من هذه الحلقة السوداء بأسئلتها المرهِقة، فاتوجه قليلا للذين استغربوا أن يكون وراء حديثي كله روايةٌ قرأتها فاعجبتني وأثارت شجوني كي أقول لهم ولسواهم من الذين لم يولعوا بعد مثلي بهذا النوع من الادب كيف اكتشفتُ بانبهار شديد أن الرواية الجيدة فن عظيم يستطيع المبدعون فيه ( أو المبدعات وقد تفوّقن إذ اسهمن في التيار العريض لحركة تحرير المرأة ) أن يحملونا على اجنحة الخيال الجميل ونحن في كامل وعينا ثم أن يهبطوا بنا الى عوالم الحقيقة فنتعرف على تاريخ المجتمعات لا التاريخ الذي وضعه لنا كتاب السلاطين أو نستخلص من الفلسفات روح المحبة وجوهر الحكمة أو ننفعل باحداثٍ سياسية لم تهتم بها الصحف أو نخوض في أعماق بعض النفوس البشرية وكأننا شاركنا في تحليلها أو نتعاطف مع المعتقدات الدينية الأخرى حتى لو كانت مخالفة لما نؤمن به أو تدهشنا التجارب الجنسية بصدقها الذي يتماهى مع الطبيعة الانسانية، كل ذلك ونحن نستمتع ايما استمتاع بلغة ثرّة زاهية الألوان .. بليغة .
وبعد .. لعلها فرصتي للبوح والتعبير عن ندمي على سنين ضاعت من عمري لم أقرأ فيها الرواية فأردد مستعيراً من عمر الخيام: ( ما أضيع اليوم الذي مر بي من غير أن ) أحظى بمتعتها وأشتاقَ دوماً للمزيد .
16 / 6 /2011
اختلاف الآراء في موضوعة الأسماء !
د . زيد حمزه
عادةً ما يخضع اختيار اسم المولود في مجتمعاتنا، ذكراً أم أنثى ، لجدل عائلي هادئ في جو من السعادة والاستبشار وصاحب العلاقة بالطبع لا يستشار ! لكنه حين يعي بعض حقائق الحياة ومن بينها اسمه ( وقد لا يعجبه ) لا يعلم إن كان يملك حق الاعتراض عليه واستبداله بآخر يليق به، وحين يكبر ويتجرأ على مناقشة اسمه الثلاثي أو الرباعي الذي تفرضه قوانين الاحوال المدنية ويتفهم ضرورته لاغراض التوثيق وأهميته لحفظ الحقوق ويقبل حتى بدواعيه الأمنية فانه ربما يتساءل عن مدى عدالة الطريقة المتبعة ( هنا وفي أكثر الدول ) في اقتصار الاسم الثاني على الوالد وتغييب اسم الوالده تماماً مع أنها – ولا داعي للشرح – الأدقٌ نسباً كي يحمل الوليد اسمها، وقد يتساءل أيضاً لماذا ينتهي الاسم بعائلة الأب لا عائلة الأم وقد تكون أكثر تشريفاً لو كان ذلك هو المقصود، علماً بأن الاسماء في دول أميركا اللاتينية تنتهي باسم عائلة الأم ( بعد أسم عائلة الأب )، وربما يدخل كذلك في الجدل الذي لا ينقطع حول محاسن ومساوئ الانتساب لاسم العشيرة وليس اسم الجد فقط حيث يقال ان أسم العشيرة شرف لا يجوز التخلي عنه رغم أنه قد يمنح صاحبه تميزاً لا يستحقه أو يؤدي الى تمييز ضده بلا ذنب جناه، وكلاهما يتعارض مع اسس دولة القانون والمواطنه، ورغم ما نتغنى به في ديوان العرب من مثل: لا تقل أصلي وفصلي / إنما أصل الفتى ما قد فعل أو: ليس الفتى من قال كان أبي / إن الفتى من قال ها أنذا !
يختلف الناس في الاجابة على هذه التساؤلات أو الاعتراضات فمنهم من يحيلنا الى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1999 لعل فيها ما يسمح له بعد أن يشب عن الطوق (18 سنه) أن يطلب تغيير اسمه ، ومنهم من يذكّرنا بأن بعض الحكومات اضطرت تحت ضغط الأمر الواقع أن تعترف بما يُدعى (( اسم الشهرة )) وأن تَفرد له خانة خاصة في البطاقة الشخصية بالاضافة الى خانة الاسم القانوني ( الثلاثي أو الرباعي )، واسم الشهرة هذا – لمن لا يعلم – قد يكون فقط الاسم الأول إذا كان مركَّبا كمحمد صلاح الدين أبرز وزير خارجية مصري في العهد الملكي وكان اسم اخيه يوسف عز الدين مخرج أول فلم ديني مصري ( فجر الاسلام ) وكالكاتب السياسي الكبير احمد بهاء الدين ، وفي كل هذه الحالات ليس هناك ذكر لاسم الاب أو الجد أو العائله، وقد يختار اسمَ الشهره صاحبُه أو يطلقه عليه اهله تحبُّباً فيشيع أو يناديه به اهل حارته أو قريته أو اقرانه في المدرسة أو الجامعه أو العمل فيصبح مع الوقت اسمه الوحيد المستعمل، ومن الأمثلة نجوم السينما المشهورون: تحية كاريوكا، سعاد حسني، نادية لطفي، عبد الحليم حافظ، عمر الشريف، وكثير من المصريين لا يستعملون إلا اسمهم الأول مضافاً له اسم الاب كالزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي لم يستعمل قط اسم جده حسين ولا ادّعى باسم عائلة كبيره وسعد زغلول ليست عشيرته الزغاليل، وكذا طه حسين واحمد شوقي وحافظ ابراهيم، كما يكثر في مصر الانتساب لاسم المدينة أو القرية أو المحافظه كالشرقاوي والطنطاوي والقناوي والاسواني والبهجوري والابنودي واصحاب كل منها لا تجمعهم بالضرورة أي قرابة .
وما دامت (( سيره وانفتحت )) فالحديث عن (( موضوعة )) التسمية والأسماء لا بد أن يتطرق للظلم الذي يحيق بالمرأة بعد زواجها حين تفقد اسم أبيها وعائلته وتتبع اسم زوجها وعائلته طبقاً للقاعدة السائدة في كثير من دول العالم خاصة الغربية منها، لكننا في الاردن تمردنا عليها منذ سنوات وأعدنا للزوجة في البطاقة الشخصية اسمها الاصلي واسم أبيها وعائلته ولا ذكر قط لاسم الزوج !
وبعد .. فعلى السطح يبدو الأمر قليل الأهمية وهو في العمق ذو قيمة أنسانية تستحق الطرح والبحث، لكن وحتى لا يتشعب بنا الحديث فندخل (( مناطق )) اجتماعية أكثر حساسية فاننا – في مساحة المقال – نكتفي بهذا القدر من اختلاف الآراء حول الأسماء لعله يثير التأمل والتفكير لا الغضب والتعكير !
اختلاف الآراء في موضوعة الأسماء !
د . زيد حمزه
عادةً ما يخضع اختيار اسم المولود في مجتمعاتنا، ذكراً أم أنثى ، لجدل عائلي هادئ في جو من السعادة والاستبشار وصاحب العلاقة بالطبع لا يستشار ! لكنه حين يعي بعض حقائق الحياة ومن بينها اسمه ( وقد لا يعجبه ) لا يعلم إن كان يملك حق الاعتراض عليه واستبداله بآخر يليق به، وحين يكبر ويتجرأ على مناقشة اسمه الثلاثي أو الرباعي الذي تفرضه قوانين الاحوال المدنية ويتفهم ضرورته لاغراض التوثيق وأهميته لحفظ الحقوق ويقبل حتى بدواعيه الأمنية فانه ربما يتساءل عن مدى عدالة الطريقة المتبعة ( هنا وفي أكثر الدول ) في اقتصار الاسم الثاني على الوالد وتغييب اسم الوالده تماماً مع أنها – ولا داعي للشرح – الأدقٌ نسباً كي يحمل الوليد اسمها، وقد يتساءل أيضاً لماذا ينتهي الاسم بعائلة الأب لا عائلة الأم وقد تكون أكثر تشريفاً لو كان ذلك هو المقصود، علماً بأن الاسماء في دول أميركا اللاتينية تنتهي باسم عائلة الأم ( بعد أسم عائلة الأب )، وربما يدخل كذلك في الجدل الذي لا ينقطع حول محاسن ومساوئ الانتساب لاسم العشيرة وليس اسم الجد فقط حيث يقال ان أسم العشيرة شرف لا يجوز التخلي عنه رغم أنه قد يمنح صاحبه تميزاً لا يستحقه أو يؤدي الى تمييز ضده بلا ذنب جناه، وكلاهما يتعارض مع اسس دولة القانون والمواطنه، ورغم ما نتغنى به في ديوان العرب من مثل: لا تقل أصلي وفصلي / إنما أصل الفتى ما قد فعل أو: ليس الفتى من قال كان أبي / إن الفتى من قال ها أنذا !
يختلف الناس في الاجابة على هذه التساؤلات أو الاعتراضات فمنهم من يحيلنا الى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1999 لعل فيها ما يسمح له بعد أن يشب عن الطوق (18 سنه) أن يطلب تغيير اسمه ، ومنهم من يذكّرنا بأن بعض الحكومات اضطرت تحت ضغط الأمر الواقع أن تعترف بما يُدعى (( اسم الشهرة )) وأن تَفرد له خانة خاصة في البطاقة الشخصية بالاضافة الى خانة الاسم القانوني ( الثلاثي أو الرباعي )، واسم الشهرة هذا – لمن لا يعلم – قد يكون فقط الاسم الأول إذا كان مركَّبا كمحمد صلاح الدين أبرز وزير خارجية مصري في العهد الملكي وكان اسم اخيه يوسف عز الدين مخرج أول فلم ديني مصري ( فجر الاسلام ) وكالكاتب السياسي الكبير احمد بهاء الدين ، وفي كل هذه الحالات ليس هناك ذكر لاسم الاب أو الجد أو العائله، وقد يختار اسمَ الشهره صاحبُه أو يطلقه عليه اهله تحبُّباً فيشيع أو يناديه به اهل حارته أو قريته أو اقرانه في المدرسة أو الجامعه أو العمل فيصبح مع الوقت اسمه الوحيد المستعمل، ومن الأمثلة نجوم السينما المشهورون: تحية كاريوكا، سعاد حسني، نادية لطفي، عبد الحليم حافظ، عمر الشريف، وكثير من المصريين لا يستعملون إلا اسمهم الأول مضافاً له اسم الاب كالزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي لم يستعمل قط اسم جده حسين ولا ادّعى باسم عائلة كبيره وسعد زغلول ليست عشيرته الزغاليل، وكذا طه حسين واحمد شوقي وحافظ ابراهيم، كما يكثر في مصر الانتساب لاسم المدينة أو القرية أو المحافظه كالشرقاوي والطنطاوي والقناوي والاسواني والبهجوري والابنودي واصحاب كل منها لا تجمعهم بالضرورة أي قرابة .
وما دامت (( سيره وانفتحت )) فالحديث عن (( موضوعة )) التسمية والأسماء لا بد أن يتطرق للظلم الذي يحيق بالمرأة بعد زواجها حين تفقد اسم أبيها وعائلته وتتبع اسم زوجها وعائلته طبقاً للقاعدة السائدة في كثير من دول العالم خاصة الغربية منها، لكننا في الاردن تمردنا عليها منذ سنوات وأعدنا للزوجة في البطاقة الشخصية اسمها الاصلي واسم أبيها وعائلته ولا ذكر قط لاسم الزوج !
وبعد .. فعلى السطح يبدو الأمر قليل الأهمية وهو في العمق ذو قيمة أنسانية تستحق الطرح والبحث، لكن وحتى لا يتشعب بنا الحديث فندخل (( مناطق )) اجتماعية أكثر حساسية فاننا – في مساحة المقال – نكتفي بهذا القدر من اختلاف الآراء حول الأسماء لعله يثير التأمل والتفكير لا الغضب والتعكير !
9 /6 / 2011
من فيرمونت الى مؤسسة الضمان الاجتماعي
د . زيد حمزه
كلما غبت قليلا عن الكتابة في القضايا الصحية تحاشياً لشبهة الانحياز لمهنتي اجد نفسي أمام جديدٍ مثير لا يحتمل التغاضي وآخر ما وصلني بهذا الشأن نبأ توقيع بيتر شوملن Peter Shumlin حاكم ولاية فيرمونت يوم الخميس 26/5 /2011 على قانون يجعلها اول ولاية في اميركا تطبق التأمين الصحي على مبدأ ((الدافع الواحد)) Single Payer الذي يوفر للمواطنين تغطية شاملة، وقد قال في حفل التوقيع (( لقد استغرقَنا ذلك وقتاً طويلاً لكنا حصلنا في النهاية على النظام الأفضل في العالم حيث الرعاية الصحية حق لامنّّة وحيث تُنفق اموالنا على جعل مواطني فيرمونت أحسنَ صحةً لا على جعل شركات التأمين أكثر ربحاً !)).
صحيح أن فيرمونت هذه ولاية صغيرة فترتيبها الخامسة والاربعون بين الولايات من حيث المساحة (24900 كم2 ) والتاسعة والاربعون من حيث السكان (600 ألف نسمه) لكنها استطاعت وحدها أن تخرق الحصار الذي فرضته شركات التأمين وحلفاؤها في الكونغرس على الرئيس أوباما وأدى الى تقزيم مشروعه الصحي القائم على مبدأ ((الدافع الواحد)) حسبما وعد ناخبيه !
ما يغيظ الاميركيين المنتظرين من أيام الرئيس هاري ترومان ( 1945 – 1953 ) هو فشلهم في الحصول على نظام تأمين صحي شامل في حين نجحت اوروبا بانظمة تختلف عن بعضها لكنها تنطلق جميعها من مبدأ العدالة الاجتماعية وحق المواطن الأساسي في الرعاية الصحية، فتاريخياً استطاعت الدول الاسكندنافيه منذ أكثر من مائة عام تحقيق هذه الأنظمه وتطويرها، وبريطانيا فعلت ذلك قبل ثلاثة وستين عاماً، والاشد إثارةً لغيرة وحسد الاميركيين أن جارتهم الشمالية كندا – وهي الأقل غنىً – استطاعت منذ ثمانينات القرن الماضي انجاز مشروعها الاكثر سخاء مع المواطنين !
وماذا عن الاردن ؟ لدينا نظام صحي مختلف لكنه حقق شمولاً في توفير الخدمات الصحية لكل المواطنين بدرجات متفاوتة، ولم تقصّر الدولة يوماً في رصد المخصصات اللازمة له من خلال وزارة الصحه والخدمات الطبية الملكية حتى وصلت بها الى اكثر من 10% من الميزانية العامه وهو مالا تحلم به أي دولة من دول العالم الثالث بل تتمناه بعض الدول الاوروبية، لكن المشكلة عندنا هي أن وزارة الصحة مثقلةٌ بالعبء الاكبر إذ بالاضافة لموظفيها وعائلاتهم والمواطنين الفقراء فانها تقدم خدماتها المدعومة أي شبه المجانية للعاملين في القطاع الخاص الذين يُفترض بمؤسسة الضمان الاجتماعي أن تتحمل مسؤوليتهم وتنشيء لهم مشروعاً للتأمين الصحي حسب نص المادة 3 /أ /4 من قانونها لعام 1978 ، لكنها لم تفعل وظلت منذ بدأت عملها تماطل وتماطل حتى قيّض الله لها قبل بضع سنوات مديراً واعيا أدرك أهمية المشروع وطنياً واستطاع أن يقنع اصحاب العمل بأنهم المستفيدون على المدى المتوسط والبعيد فحين يكون عمالهم بصحة جيدة ومطمئنين نفسياً على صحة عائلاتهم المشمولين معهم بالتأمين فان الانتاج يزيد وتبعاً لذلك تزيد ارباحهم من شركاتهم ومصانعهم ، ثم ذهب المدير فغاب المشروع !
وبعد .. في أميركا وقفت شركات التأمين ضد مشروع أوباما لكن فيرمونت الصغيرة انتصرت عليها ! فمن ذا الذي يعطل المشروع في الاردن ومن ذا الذي يجرؤ على القيام بدور فيرمونت ؟!
وأخيراً أين يختبئ اتحاد نقابات العمال وهو عضو في مجلس ادارة موسسة الضمان الاجتماعي ؟
من فيرمونت الى مؤسسة الضمان الاجتماعي
د . زيد حمزه
كلما غبت قليلا عن الكتابة في القضايا الصحية تحاشياً لشبهة الانحياز لمهنتي اجد نفسي أمام جديدٍ مثير لا يحتمل التغاضي وآخر ما وصلني بهذا الشأن نبأ توقيع بيتر شوملن Peter Shumlin حاكم ولاية فيرمونت يوم الخميس 26/5 /2011 على قانون يجعلها اول ولاية في اميركا تطبق التأمين الصحي على مبدأ ((الدافع الواحد)) Single Payer الذي يوفر للمواطنين تغطية شاملة، وقد قال في حفل التوقيع (( لقد استغرقَنا ذلك وقتاً طويلاً لكنا حصلنا في النهاية على النظام الأفضل في العالم حيث الرعاية الصحية حق لامنّّة وحيث تُنفق اموالنا على جعل مواطني فيرمونت أحسنَ صحةً لا على جعل شركات التأمين أكثر ربحاً !)).
صحيح أن فيرمونت هذه ولاية صغيرة فترتيبها الخامسة والاربعون بين الولايات من حيث المساحة (24900 كم2 ) والتاسعة والاربعون من حيث السكان (600 ألف نسمه) لكنها استطاعت وحدها أن تخرق الحصار الذي فرضته شركات التأمين وحلفاؤها في الكونغرس على الرئيس أوباما وأدى الى تقزيم مشروعه الصحي القائم على مبدأ ((الدافع الواحد)) حسبما وعد ناخبيه !
ما يغيظ الاميركيين المنتظرين من أيام الرئيس هاري ترومان ( 1945 – 1953 ) هو فشلهم في الحصول على نظام تأمين صحي شامل في حين نجحت اوروبا بانظمة تختلف عن بعضها لكنها تنطلق جميعها من مبدأ العدالة الاجتماعية وحق المواطن الأساسي في الرعاية الصحية، فتاريخياً استطاعت الدول الاسكندنافيه منذ أكثر من مائة عام تحقيق هذه الأنظمه وتطويرها، وبريطانيا فعلت ذلك قبل ثلاثة وستين عاماً، والاشد إثارةً لغيرة وحسد الاميركيين أن جارتهم الشمالية كندا – وهي الأقل غنىً – استطاعت منذ ثمانينات القرن الماضي انجاز مشروعها الاكثر سخاء مع المواطنين !
وماذا عن الاردن ؟ لدينا نظام صحي مختلف لكنه حقق شمولاً في توفير الخدمات الصحية لكل المواطنين بدرجات متفاوتة، ولم تقصّر الدولة يوماً في رصد المخصصات اللازمة له من خلال وزارة الصحه والخدمات الطبية الملكية حتى وصلت بها الى اكثر من 10% من الميزانية العامه وهو مالا تحلم به أي دولة من دول العالم الثالث بل تتمناه بعض الدول الاوروبية، لكن المشكلة عندنا هي أن وزارة الصحة مثقلةٌ بالعبء الاكبر إذ بالاضافة لموظفيها وعائلاتهم والمواطنين الفقراء فانها تقدم خدماتها المدعومة أي شبه المجانية للعاملين في القطاع الخاص الذين يُفترض بمؤسسة الضمان الاجتماعي أن تتحمل مسؤوليتهم وتنشيء لهم مشروعاً للتأمين الصحي حسب نص المادة 3 /أ /4 من قانونها لعام 1978 ، لكنها لم تفعل وظلت منذ بدأت عملها تماطل وتماطل حتى قيّض الله لها قبل بضع سنوات مديراً واعيا أدرك أهمية المشروع وطنياً واستطاع أن يقنع اصحاب العمل بأنهم المستفيدون على المدى المتوسط والبعيد فحين يكون عمالهم بصحة جيدة ومطمئنين نفسياً على صحة عائلاتهم المشمولين معهم بالتأمين فان الانتاج يزيد وتبعاً لذلك تزيد ارباحهم من شركاتهم ومصانعهم ، ثم ذهب المدير فغاب المشروع !
وبعد .. في أميركا وقفت شركات التأمين ضد مشروع أوباما لكن فيرمونت الصغيرة انتصرت عليها ! فمن ذا الذي يعطل المشروع في الاردن ومن ذا الذي يجرؤ على القيام بدور فيرمونت ؟!
وأخيراً أين يختبئ اتحاد نقابات العمال وهو عضو في مجلس ادارة موسسة الضمان الاجتماعي ؟
2 /6 /2011
... وألمانيا راجعه !
د. زيد حمزه
العنوان الكامل لهذا المقال (( نحن ذاهبون الى المحطات النووية وألمانيا راجعه ! )) فقد جاء في (( الرأي )) 31 /5 /2011 : قررت المانيا امس اغلاق اخر مفاعلاتها النووية العام 2022 اثر الكارثة النووية في فوكوشيما، لتصبح بذلك اول قوة صناعية تتخلى عن الطاقة النووية، فقد توافق اعضاء الائتلاف الحكومي على وقف تشغيل القسم الاكبر من المفاعلات الالمانية ال 17 بحلول نهاية العام 2021 ... واوضح وزير البيئة الالماني نوربرت روتغن ان المفاعلات الثلاثة الاحدث ستستمر في العمل فقط حتى نهاية العام 2022 مؤكدا ألا عودة عن هذا القرار ... وصرحت ميركل للصحافيين ان (( نظامنا لتامين الطاقة ينبغي ان يتغير جذريا ونحن نستطيع القيام بذلك )). وقالت رئيسة الحزب كلاوديا روث (( لا ينبغي فقط معرفة كيفية الاستغناء عن النووي بل باي وتيرة وباي طموح يمكن خوض مجال الطاقات المتجددة )) واعلن مناهضو الطاقة النووية الذين استمروا في التظاهر خلال الاشهر الاخيرة، نيتهم التظاهر مجددا في نهاية الاسبوع. وشارك في اخر تظاهرة 160 الف شخص في عشرين مدينة المانية .
وهكذا فقد كانت كارثة فوكوشيما في اليابان القشة التي قصمت ظهر البعير في حسم الجدل حول الطاقة النووية وعززت الاقتناع بأنها بديل غير آمن لا بل شديد الخطر والضرر وبدات كثير من الدول وفي مقدمتها اليابان باعادة النظر في مشاريعها القائمة للتخلص منها وبالتوقف عن بناء مفاعلات جديدة .. اما في الاردن فلا يلوح في الافق أن هيئة الطاقة الذرية تتجاوب مع هذا الفهم العالمي ولا تستمع للاحتجاجات التي صدرت هنا عن جمعيات البيئة ولا تقرأ انتقادات كتاب واختصاصيين عديدين ولا تهتم بالاعتراضات المعبّره عن فزع حقيقي لدى سكان محافظة المفرق حيث تقرر نقل المشروع الى اراضيها بعد أن بينت دراسة الجدوى التي قيل انها كلفت 14 مليون دولار أن إنشاءها في منطقة العقبة غير آمن لأنها تقع ضمن حفرة الانهدام المعرّضه للهزات الارضية ، وليتها (أي الهيئه) شهدت – كما شهد آلاف الاردنيين المارين من الدوار الرابع وكنت واحدا منهم – الاعتصام الذي قام به الثلاثاء الماضي المئات من الناشطين البيئيين تتقدمهم الاميرة بسمة بنت علي أمام رئاسة الوزراء مستنكرين أنشاء المفاعل النووي في الاردن ومطالبين بالتوجّه نحو الطاقة المتجدده الآمنه .
ومن الغريب، في هذا الوقت بالذات حيث ألمانيا واليابان ودول عديدة في العالم تراجع مواقفها من الطاقة النووية، أن يتحدث الباحث اللبناني الدكتور محمود نصر الدين مستشار الامين العام لجامعة الدول العربية للشؤون العلمية ( وكأن العرب راضون عن انجازات الجامعة في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولم يبق سوى الشؤون العلمية حتى يكتمل الرضا !) في محاضرة له بمنتدى شومان الثقافي (الاثنين 30 /5 /2011) فيؤيد السير قدماً في إنشاء المفاعلات النووية في الدول العربية ويقلل من اهمية ما حدث في شيرنوبيل وفوكوشيما ويعتبرهما حادثين عاديين لا يختلفان كثيراً عن حوادث السيارات والقطارات (كذا !) ويحاول تهميش البدائل النظيفة الرخيصه كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما أن المثير للريبة والشك أن يتحول بناء المفاعلات النووية من الدول المتقدمة الى المتخلفه بلا اعتبارٍ مما حدث وبلا احترام لحياة وصحة البشر بل بتواطؤٍ غير خفي مع كبريات الشركات العالمية التي تحقق من وراء ذلك أرباحاً طائلة !
وبعد .. فالى متى يبقى المسؤولون عن هذه المشاريع يديرون ظهورهم للرأي العام بحجة أنهم وحدهم الذين يفهمون في الطاقة وهم وحدهم الحريصون على مستقبل الوطن !؟
... وألمانيا راجعه !
د. زيد حمزه
العنوان الكامل لهذا المقال (( نحن ذاهبون الى المحطات النووية وألمانيا راجعه ! )) فقد جاء في (( الرأي )) 31 /5 /2011 : قررت المانيا امس اغلاق اخر مفاعلاتها النووية العام 2022 اثر الكارثة النووية في فوكوشيما، لتصبح بذلك اول قوة صناعية تتخلى عن الطاقة النووية، فقد توافق اعضاء الائتلاف الحكومي على وقف تشغيل القسم الاكبر من المفاعلات الالمانية ال 17 بحلول نهاية العام 2021 ... واوضح وزير البيئة الالماني نوربرت روتغن ان المفاعلات الثلاثة الاحدث ستستمر في العمل فقط حتى نهاية العام 2022 مؤكدا ألا عودة عن هذا القرار ... وصرحت ميركل للصحافيين ان (( نظامنا لتامين الطاقة ينبغي ان يتغير جذريا ونحن نستطيع القيام بذلك )). وقالت رئيسة الحزب كلاوديا روث (( لا ينبغي فقط معرفة كيفية الاستغناء عن النووي بل باي وتيرة وباي طموح يمكن خوض مجال الطاقات المتجددة )) واعلن مناهضو الطاقة النووية الذين استمروا في التظاهر خلال الاشهر الاخيرة، نيتهم التظاهر مجددا في نهاية الاسبوع. وشارك في اخر تظاهرة 160 الف شخص في عشرين مدينة المانية .
وهكذا فقد كانت كارثة فوكوشيما في اليابان القشة التي قصمت ظهر البعير في حسم الجدل حول الطاقة النووية وعززت الاقتناع بأنها بديل غير آمن لا بل شديد الخطر والضرر وبدات كثير من الدول وفي مقدمتها اليابان باعادة النظر في مشاريعها القائمة للتخلص منها وبالتوقف عن بناء مفاعلات جديدة .. اما في الاردن فلا يلوح في الافق أن هيئة الطاقة الذرية تتجاوب مع هذا الفهم العالمي ولا تستمع للاحتجاجات التي صدرت هنا عن جمعيات البيئة ولا تقرأ انتقادات كتاب واختصاصيين عديدين ولا تهتم بالاعتراضات المعبّره عن فزع حقيقي لدى سكان محافظة المفرق حيث تقرر نقل المشروع الى اراضيها بعد أن بينت دراسة الجدوى التي قيل انها كلفت 14 مليون دولار أن إنشاءها في منطقة العقبة غير آمن لأنها تقع ضمن حفرة الانهدام المعرّضه للهزات الارضية ، وليتها (أي الهيئه) شهدت – كما شهد آلاف الاردنيين المارين من الدوار الرابع وكنت واحدا منهم – الاعتصام الذي قام به الثلاثاء الماضي المئات من الناشطين البيئيين تتقدمهم الاميرة بسمة بنت علي أمام رئاسة الوزراء مستنكرين أنشاء المفاعل النووي في الاردن ومطالبين بالتوجّه نحو الطاقة المتجدده الآمنه .
ومن الغريب، في هذا الوقت بالذات حيث ألمانيا واليابان ودول عديدة في العالم تراجع مواقفها من الطاقة النووية، أن يتحدث الباحث اللبناني الدكتور محمود نصر الدين مستشار الامين العام لجامعة الدول العربية للشؤون العلمية ( وكأن العرب راضون عن انجازات الجامعة في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولم يبق سوى الشؤون العلمية حتى يكتمل الرضا !) في محاضرة له بمنتدى شومان الثقافي (الاثنين 30 /5 /2011) فيؤيد السير قدماً في إنشاء المفاعلات النووية في الدول العربية ويقلل من اهمية ما حدث في شيرنوبيل وفوكوشيما ويعتبرهما حادثين عاديين لا يختلفان كثيراً عن حوادث السيارات والقطارات (كذا !) ويحاول تهميش البدائل النظيفة الرخيصه كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما أن المثير للريبة والشك أن يتحول بناء المفاعلات النووية من الدول المتقدمة الى المتخلفه بلا اعتبارٍ مما حدث وبلا احترام لحياة وصحة البشر بل بتواطؤٍ غير خفي مع كبريات الشركات العالمية التي تحقق من وراء ذلك أرباحاً طائلة !
وبعد .. فالى متى يبقى المسؤولون عن هذه المشاريع يديرون ظهورهم للرأي العام بحجة أنهم وحدهم الذين يفهمون في الطاقة وهم وحدهم الحريصون على مستقبل الوطن !؟
26 /5 /2011
الاساتذه .. قادمون !
د . زيد حمزه
لا يكفي أن أقول للقراء من الاجيال الجديدة أن أُولى نوافذ الاعلام التي انفتحت أمام جيلنا كانت الصحف المصرية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، فتلك (( أيام لها تاريخ )) على حد تعبير أحمد بهاء الدين في عنوان احد كتبه القليلة العظيمة ، حيث العالم بعد الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية والفاشية يضطرم باشواق الشعوب المتطلعة للحرية والاستقلال، ومن القاهرة يهب علينا نسيم الفكر السياسي محمولاً على مجلات وجرائد تتحدث عن الحياة الحزبية والانتخابات البرلمانية وتطفح بمقالات حماسية تطالب برحيل الاستعمار البريطاني وبجلاء قواته عن قناة السويس وتفضح فساد صفقات الاسلحه في حرب اغتصاب فلسطين، ويتجرأ كتابٌ شبابٌ يكسرون حواجز الخوف ويواجهون سلطة مستبدة حاملين ألوية التغيير متعاونين سراً مع الضباط الاحرار وصولا الى ثورة يوليو 1952، ومن بينهم احسان عبد القدوس واحمد بهاء الدين وعبد الرحمن الخميسي وعبد الرحمن الشرقاوي وصلاح حافظ ويوسف إدريس وكامل زهيري وفتحي غانم وخالد محمد خالد، يكتبون في (( روز اليوسف ))، وفي (( المصري )) (صحيفة حزب الوفد ذي الشعبية الواسعه) ويزحزحون عن مواقعهم كتابا كباراً كفكري أباظة ومحمد عبد القادر المازني ومصطفى امين واحمد الصاوي محمد ومحمد التابعي كانوا قد ازمنوا في صحف (( المصور )) و(( اخبار اليوم )) و(( آخر ساعه )) .
حتى احتواها السادات في السبعينات بقيت الصحف المصرية محتفظةً بمستوى مهني جيد وقدرات فنية متقدمه، لكنْ وحدها (( روز اليوسف )) استطاعت بصعوبة ولفترة محدودة أن تتمسك ببقية من هويتها المتفرده ومذاقها المختلف، لا بمن صمد من محرريها الشجعان فحسب بل كذلك بالمبدعين من رسامي الكاريكاتير السياسي الذين واصلوا السير على خطى الاوائل أمثال عبد السميع وزهدي وصلاح جاهين ومن بعدهم رجائي والبهجوري واللباد والليثي وحجازي والقائمة تطول ..
ثم .. لا يلبث الاعلام المصري أن يدخل في نفق معتم طويل ويصبح الصحفيون مجرد أحجار شطرنج ينقلها بين المؤسسات الصحفية على هواه رجلٌ واحد لم يتزحزح عن مواقع المسؤولية لاربعة عقود منذ نجح أول مرة في التقاط صور سرية ابتزازية لسياسيٍّ مع امرأة ! فهبطت الى الحضيض صحافة سُميت (( قومية )) وما هي في حقيقة الأمر إلا حكومية مأمورة تنضح نفاقاً وخداعاً .. أما التلفزيون الرسمي وبعد أن كانت له الريادة على مستوى الوطن العربي فقد راح يتراجع ويخبو بريقه ويلوّثه الفساد حتى أنبلج فجر الثورة في 25 يناير فإذا بالمواهب التي أُحبطت وقُمعت ومنُعت ردحا من الزمن تقفز الى المشهد المضيء فيبهرنا اصحابها من مذيعين ومحاورين مثل يسري فوده ومنى الشاذلي ووائل الابراشي وعمرو الليثي وأبراهيم عيسى وريم ماجد وبلال فضل واحمد المسلماني وحسن فوده وأماني الخياط وجابر القرموطي والكبير دائماً حمدي قنديل ونتسمر أمامهم لساعات طويلة نتأمل باحترام واعجاب قدراتهم ومهنّتيهم وجرأتهم وأدبهم الجم ونتمنى لو تواضع بعض اعلاميينا وانتسبوا لمدرستهم ! ..
وبعد .. ألم أقل منذ العنوان .. الاساتذه قادمون ؟
الاساتذه .. قادمون !
د . زيد حمزه
لا يكفي أن أقول للقراء من الاجيال الجديدة أن أُولى نوافذ الاعلام التي انفتحت أمام جيلنا كانت الصحف المصرية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، فتلك (( أيام لها تاريخ )) على حد تعبير أحمد بهاء الدين في عنوان احد كتبه القليلة العظيمة ، حيث العالم بعد الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية والفاشية يضطرم باشواق الشعوب المتطلعة للحرية والاستقلال، ومن القاهرة يهب علينا نسيم الفكر السياسي محمولاً على مجلات وجرائد تتحدث عن الحياة الحزبية والانتخابات البرلمانية وتطفح بمقالات حماسية تطالب برحيل الاستعمار البريطاني وبجلاء قواته عن قناة السويس وتفضح فساد صفقات الاسلحه في حرب اغتصاب فلسطين، ويتجرأ كتابٌ شبابٌ يكسرون حواجز الخوف ويواجهون سلطة مستبدة حاملين ألوية التغيير متعاونين سراً مع الضباط الاحرار وصولا الى ثورة يوليو 1952، ومن بينهم احسان عبد القدوس واحمد بهاء الدين وعبد الرحمن الخميسي وعبد الرحمن الشرقاوي وصلاح حافظ ويوسف إدريس وكامل زهيري وفتحي غانم وخالد محمد خالد، يكتبون في (( روز اليوسف ))، وفي (( المصري )) (صحيفة حزب الوفد ذي الشعبية الواسعه) ويزحزحون عن مواقعهم كتابا كباراً كفكري أباظة ومحمد عبد القادر المازني ومصطفى امين واحمد الصاوي محمد ومحمد التابعي كانوا قد ازمنوا في صحف (( المصور )) و(( اخبار اليوم )) و(( آخر ساعه )) .
حتى احتواها السادات في السبعينات بقيت الصحف المصرية محتفظةً بمستوى مهني جيد وقدرات فنية متقدمه، لكنْ وحدها (( روز اليوسف )) استطاعت بصعوبة ولفترة محدودة أن تتمسك ببقية من هويتها المتفرده ومذاقها المختلف، لا بمن صمد من محرريها الشجعان فحسب بل كذلك بالمبدعين من رسامي الكاريكاتير السياسي الذين واصلوا السير على خطى الاوائل أمثال عبد السميع وزهدي وصلاح جاهين ومن بعدهم رجائي والبهجوري واللباد والليثي وحجازي والقائمة تطول ..
ثم .. لا يلبث الاعلام المصري أن يدخل في نفق معتم طويل ويصبح الصحفيون مجرد أحجار شطرنج ينقلها بين المؤسسات الصحفية على هواه رجلٌ واحد لم يتزحزح عن مواقع المسؤولية لاربعة عقود منذ نجح أول مرة في التقاط صور سرية ابتزازية لسياسيٍّ مع امرأة ! فهبطت الى الحضيض صحافة سُميت (( قومية )) وما هي في حقيقة الأمر إلا حكومية مأمورة تنضح نفاقاً وخداعاً .. أما التلفزيون الرسمي وبعد أن كانت له الريادة على مستوى الوطن العربي فقد راح يتراجع ويخبو بريقه ويلوّثه الفساد حتى أنبلج فجر الثورة في 25 يناير فإذا بالمواهب التي أُحبطت وقُمعت ومنُعت ردحا من الزمن تقفز الى المشهد المضيء فيبهرنا اصحابها من مذيعين ومحاورين مثل يسري فوده ومنى الشاذلي ووائل الابراشي وعمرو الليثي وأبراهيم عيسى وريم ماجد وبلال فضل واحمد المسلماني وحسن فوده وأماني الخياط وجابر القرموطي والكبير دائماً حمدي قنديل ونتسمر أمامهم لساعات طويلة نتأمل باحترام واعجاب قدراتهم ومهنّتيهم وجرأتهم وأدبهم الجم ونتمنى لو تواضع بعض اعلاميينا وانتسبوا لمدرستهم ! ..
وبعد .. ألم أقل منذ العنوان .. الاساتذه قادمون ؟
19 / 5 /2011
الاخوان المسلمون .. الجدد !
د ز يد حمزه
أدهشني الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح – وهو المرشح المحتمل للاخوان المسلمين في مصر لانتخابات رئاسة الجمهورية – باجاباته البليغه على أسئلة المذيع في قناة دريم المصرية قبل أيام وقد أوضح منذ البداية بأنه لا يوافق على الكثير من الآراء التي دأب الاخوان على طرحها فيما يتعلق بالحجاب واللحى ونوع اللباس وغير ذلك من السلوكيات والمظاهر التي يختلف عليها الناس لكنها لا تدخل في عمق المشاكل الحقيقية التي يعانون منها، واوضح كذلك كيف انتصر رأيه في الفصل التام بين جماعة الاخوان المسلمين (( الدعوية )) والاحزاب التي تشكلت مؤخراً من صلب الحركة الاسلامية لتعمل في الحقل السياسي وعددها ثلاثة واحد منها فقط يحمل اسماً دينياً، وقال إن ذلك جاء بعد تجربة حزب جبهة العمل الاسلامي في الاردن التي وصفها بأنها غير ناجحه لأن الحزب ظل واجهة للجماعة تسيّره كما تشاء ، وكان الدكتور أبو الفتوح اكثر ليونة وتساهلاً في العديد من القضايا التي تعوّدْنا تشدد الاخوان وتزمتهم بشأنها وكرر اكثر من مرة أنه يُطَمْئن المواطنين (الناخبين !) وهو يتقدم بترشيحه ليمثل الجميع مسلمين ومسيحيين لكنه لم يذكر مِلَلاً أو اصحاب عقائد أخرى ! واحتاط كثيرا فلم يهاجم أيا من التيارات السياسية الناشطة في الوقت الحاضر وقال إنها جميعها وطنية تسعى للخدمة العامه بطرق مختلفه ، واختلاف الرأي اجتهاد يرضاه الاسلام ويدعو له ، خاصة بعدما توقف فترة طويلة من الزمن لكن لم يذكر من كان وراء هذا التوقف أو التجميد ! ولعل من أهم ما جاء في كلام الدكتور أبو الفتوح هو رأيه في الدستور وأنه لا يمانع في وصف الدولة بالمدنية (( فهكذا هي الدولة منذ إنشائها في عهد الرسول وحتى يومنا هذا في بلادنا العربية جميعا !)) ولم يكن واضحاً بشأن إلزام الدستور بمرجعية الشريعة الاسلامية بل شدد على الديمقراطية وحق جميع المواطنين من كل الاديان في المساواة والعيش في وئام تحت ظل ظليل من العدالة الاجتماعية والسياسية ..
وفي نفس السياق لكن هذه المرة في الاردن وفي رابطة الكتاب تحدث قبل أيام السيد زكي بني ارشيد احد قادة الاخوان المسلمين – وكنت أستمع له لاول مرة – فقال كلاماً يزخر بالمفاهيم المستنيرة التي تتناسب مع الأجواء التي يعيشها العرب منذ نجاح ثورتي تونس ومصر، وقد أدهشني مثلُ (( أخيه )) أبو الفتوح في مصر بطرحٍ منفتح متقدم وشعرت وكأنني أمام جماعة جديدة ! لكنْ في الحالتين ليست لديّ مع الأسف اوراق مكتوبة تمكنني من الاقتباس بامانة والتعليق بموضوعية، كما فعلتُ قبل شهور (26 /2 /2011) حين رحبت بما جاء في مقال د. رحيل غرايبة ( الرأي 18 /2/2011 ) واعتبرته مؤشراً ايجابيا .
وبعد .. فما لم يُعلَنْ على الملأ برنامجٌ جديدٌ واضح للأخوان المسلمين يتفق صراحةً مع وعي الجماهير في (( ربيع العرب )) وتحفظها الواسع على استخدام الدين في العمل السياسي ومطالبتها بالدولة المدنية التي تساوي بين كل المواطنين على اختلاف اديانهم ومعتقداتهم فان من الصعب الثقة بكلام جميل مفعم بالنوايا الطيبة التي لا احد يضمن صمودها أمام تيار التشدد، أو الاتكاء على تكتيك ذكي قد يقصد به ركوب الموجه وكسب الانتخابات ، لأن الناس لا يستطيعون أن ينسوا دفعةً واحدة تاريخ الاسلام السياسي في قسوته وتطرفه وتعصبه أو أن يتجاوزوا بسهولة السلوكيات المنفرة التي ما زالت تتكرر يومياً على أرض الواقع في دول عديدة تدّعي حكم الشريعة وتبتعد مسافات شاسعة عن روح العصر وعن أبسط حقوق الانسان .. وفي مقدمتها حقوق المرأة !
الاخوان المسلمون .. الجدد !
د ز يد حمزه
أدهشني الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح – وهو المرشح المحتمل للاخوان المسلمين في مصر لانتخابات رئاسة الجمهورية – باجاباته البليغه على أسئلة المذيع في قناة دريم المصرية قبل أيام وقد أوضح منذ البداية بأنه لا يوافق على الكثير من الآراء التي دأب الاخوان على طرحها فيما يتعلق بالحجاب واللحى ونوع اللباس وغير ذلك من السلوكيات والمظاهر التي يختلف عليها الناس لكنها لا تدخل في عمق المشاكل الحقيقية التي يعانون منها، واوضح كذلك كيف انتصر رأيه في الفصل التام بين جماعة الاخوان المسلمين (( الدعوية )) والاحزاب التي تشكلت مؤخراً من صلب الحركة الاسلامية لتعمل في الحقل السياسي وعددها ثلاثة واحد منها فقط يحمل اسماً دينياً، وقال إن ذلك جاء بعد تجربة حزب جبهة العمل الاسلامي في الاردن التي وصفها بأنها غير ناجحه لأن الحزب ظل واجهة للجماعة تسيّره كما تشاء ، وكان الدكتور أبو الفتوح اكثر ليونة وتساهلاً في العديد من القضايا التي تعوّدْنا تشدد الاخوان وتزمتهم بشأنها وكرر اكثر من مرة أنه يُطَمْئن المواطنين (الناخبين !) وهو يتقدم بترشيحه ليمثل الجميع مسلمين ومسيحيين لكنه لم يذكر مِلَلاً أو اصحاب عقائد أخرى ! واحتاط كثيرا فلم يهاجم أيا من التيارات السياسية الناشطة في الوقت الحاضر وقال إنها جميعها وطنية تسعى للخدمة العامه بطرق مختلفه ، واختلاف الرأي اجتهاد يرضاه الاسلام ويدعو له ، خاصة بعدما توقف فترة طويلة من الزمن لكن لم يذكر من كان وراء هذا التوقف أو التجميد ! ولعل من أهم ما جاء في كلام الدكتور أبو الفتوح هو رأيه في الدستور وأنه لا يمانع في وصف الدولة بالمدنية (( فهكذا هي الدولة منذ إنشائها في عهد الرسول وحتى يومنا هذا في بلادنا العربية جميعا !)) ولم يكن واضحاً بشأن إلزام الدستور بمرجعية الشريعة الاسلامية بل شدد على الديمقراطية وحق جميع المواطنين من كل الاديان في المساواة والعيش في وئام تحت ظل ظليل من العدالة الاجتماعية والسياسية ..
وفي نفس السياق لكن هذه المرة في الاردن وفي رابطة الكتاب تحدث قبل أيام السيد زكي بني ارشيد احد قادة الاخوان المسلمين – وكنت أستمع له لاول مرة – فقال كلاماً يزخر بالمفاهيم المستنيرة التي تتناسب مع الأجواء التي يعيشها العرب منذ نجاح ثورتي تونس ومصر، وقد أدهشني مثلُ (( أخيه )) أبو الفتوح في مصر بطرحٍ منفتح متقدم وشعرت وكأنني أمام جماعة جديدة ! لكنْ في الحالتين ليست لديّ مع الأسف اوراق مكتوبة تمكنني من الاقتباس بامانة والتعليق بموضوعية، كما فعلتُ قبل شهور (26 /2 /2011) حين رحبت بما جاء في مقال د. رحيل غرايبة ( الرأي 18 /2/2011 ) واعتبرته مؤشراً ايجابيا .
وبعد .. فما لم يُعلَنْ على الملأ برنامجٌ جديدٌ واضح للأخوان المسلمين يتفق صراحةً مع وعي الجماهير في (( ربيع العرب )) وتحفظها الواسع على استخدام الدين في العمل السياسي ومطالبتها بالدولة المدنية التي تساوي بين كل المواطنين على اختلاف اديانهم ومعتقداتهم فان من الصعب الثقة بكلام جميل مفعم بالنوايا الطيبة التي لا احد يضمن صمودها أمام تيار التشدد، أو الاتكاء على تكتيك ذكي قد يقصد به ركوب الموجه وكسب الانتخابات ، لأن الناس لا يستطيعون أن ينسوا دفعةً واحدة تاريخ الاسلام السياسي في قسوته وتطرفه وتعصبه أو أن يتجاوزوا بسهولة السلوكيات المنفرة التي ما زالت تتكرر يومياً على أرض الواقع في دول عديدة تدّعي حكم الشريعة وتبتعد مسافات شاسعة عن روح العصر وعن أبسط حقوق الانسان .. وفي مقدمتها حقوق المرأة !
12 / 5 /2011
بين الصحة واطبائها، ليس الطريق مسدوداً ؟
د. زيد حمزه
في الاضراب الطويل لاطباء وزارة الصحة لا يبدو الموقف واضحاً لدى الرأي العام الاردني حتى بعد مرور خمسة اسابيع ، فمن ناحيةٍ هناك فئة من موظفي الدولة تسعى لتحسين شروط عملها بزيادة رواتبها وتلقى تأييد الكثيرين وانا واحد منهم لكنْ ضمن فهم محدد شرحته لمجلس النقابة وللوزير ولا يقوم على قاعدة (( أُنصرْ اخاك ظالماً او مظلوماً )) ولا على استدرار شعبوية لم أسعَ لها يوماً، ومن ناحيةٍ أخرى لا تقف الحكومة من هذه القضية موقفاً رافضاً بل متفهماً حتى أنها لا تعترض على حق الاضراب رغم أنه – حسب تفسيرٍ رسمي سابق – مخالفٌ لنظام الخدمة المدنية .. إذن لماذا يستمر الاضراب كل هذه المدة ونحن نعلم أن محادثات جرت بين النقابة والوزارة للوصول الى تسوية يرضى بها الطرفان كما ينتج عادة عن اي مفاوضات مطلبية بين اطراف متنازعه ؟ وتُرى ما هو النظام الخاص الموحد الذي تطالب به النقابة لاطباء وزارة الصحة ؟ وهل يستحقونه وينسجم مع العدالة المالية التي يفترض أن تعم الجميع أم أنه – كما تقول الحكومة – (( يميّزهم )) على باقي موظفي الدولة من اصحاب المهن الأخرى أو سواهم من حملة الشهادات الجامعية المختلفه الذين لهم ايضاً قيمتهم واهميتهم وحاجة المجتمع لخدمتهم وإنْ بدرجات مختلفه ، وتبعا لذلك بدأتْ كثير من النقابات المهنية تتقدم بمطالب مشابهة !؟ وترد النقابة لتبرير مطلبها بأن الدولة أنشأت للقضاة نظاماً خاصاً لكنها – أي النقابة – لم تنتبه الى أن هذا هو الحال في أكثر الدول لأن القضاء سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ، فهل الاطباء سلطة رابعة ؟
وفي هذا السياق أعلنت الحكومة أن النظام المقترح سيكلف 28 مليون دينار وليس 4 ملايين كما تقول النقابة، كما أنها بصدد أخراج نظام مالي جديد يتمثل في مشروع لاعادة هيكلة الخدمة المدنية يشمل جميع العاملين في اجهزة الدولة ويطبق بعدالة حسب مقياس واحد ليلغي التشوهات القائمة في النظام الحالي ويحسّن مجمل الرواتب في حين سيخفض الرواتب الكبيرة غير المحقه في المؤسسات الخاصة المستقلة التي سيعيدها الى حظيرة النظام المالي أو يلغيها ، وهي أصلاً لم تكن نماذج صالحة حتى تسعى النقابة للاقتداء بها !
وقبل ايام نشرت الصحف أن الحكومة سوف تسمح لاي موظف حكومي بالعمل في القطاع الخاص خارج الدوام الرسمي وهو مبدأ معمول به منذ تأسيس الامارة وبأذن من مجلس الوزراء ولا اعلم أنه أوقف إلا بالنسبة للاطباء منذ عام 1965 وهم اكثر من كانوا يستخدمونه بين موظفي الدولة .. والعودة له الآن سوف تحل جزءاً كبيراً من المشكله القائمة أذا وضع في نظام محدد وبضوابط واضحة تلافياً لإساءة الاستعمال .
وعلى هامش الخلاف القائم يسمع الناس أن هناك غُبناً مزمنا لَحقَ باطباء الصحة يتبدى عند مقارنة رواتبهم برواتب اطباء القوات المسلحة أو أطباء الجامعة لكنهم لم يسمعوا تفسيراً لذلك من حيث ظروف العمل العسكري وطبيعة المهام الأخرى الملقاة على عاتق الطبيب كضابط في الجيش علماً بأن راتب الطبيب العام عند بدء عمله في الخدمات الطبية الملكية هو أقل من راتب زميله في وزارة الصحه الذي يصل لاكثر من 600 دينار شهرياً لكن التفاوت الكبير في الدخل يبرز واضحاً لدى أصحاب الرتب العليا فبالاضافة لحصولهم على حصتهم من الحوافز من دخل المرضى المحولين للمدينة الطبية من خارج القوات المسلحة فهناك امتيازات أخرى وبعثات ومؤتمرات لا يحظى بها طبيب الصحه ، صحيح أن رواتب الاختصاصيين في الصحة قد تصل الى الآلاف شهرياً لكن النقابة ترد بأن معظمها علاوات لا تجدي عند احتساب التقاعد على الراتب الاساسي وهو الضئيل الذي يقترح النظام الخاص رفعه .. أما بالنسبة لاطباء كليات الطب فالتفسير مختلف إذ أنهم من الحاصلين على درجات علمية عالية تؤهلهم – بالاضافة لمعالجة المرضى – للقيام بمهام التعليم والتدريب ، فضلاً عن حصولهم على نسب سخية من دخل مستشفى الجامعة الاردنية أو مستشفى الملك المؤسس في جامعة العلوم والتكنولوجيا المتأتي من الاجور التي يدفعها مرضى القطاع الخاص والأهم والأغزر ما يدفعه صندوق التأمين الصحي لهذين المستشفيين مقابل المرضى الذين يحولهم لهما، وهو ما يزيد من الشعور بالغبن في اوساط أطباء الصحه !
وبعد .. فمن غير المقبول أو المعقول لمجرد تمسك كل من طرفي النزاع بموقفه، أن يستمر الاضراب فيتسبب بمعاناة يومية مؤلمه لآلاف المرضى غير القادرين على تحمل نفقات العلاج الباهظة في عيادات ومستشفيات القطاع الخاص ، وأنا على يقين من أن هذا المأزق المأساوي يشكل عبئاً ثقيلاً على ضمائر أطبائنا واعضاء مجلس نقابتنا ، لذلك ادعو الى تعليق الاضراب فوراً والسعي لانجاح الحوار بين الطرفين بادخال طرف ثالث محايد من المحكّمين ذوي الخبرة .. والمعرفة .
بين الصحة واطبائها، ليس الطريق مسدوداً ؟
د. زيد حمزه
في الاضراب الطويل لاطباء وزارة الصحة لا يبدو الموقف واضحاً لدى الرأي العام الاردني حتى بعد مرور خمسة اسابيع ، فمن ناحيةٍ هناك فئة من موظفي الدولة تسعى لتحسين شروط عملها بزيادة رواتبها وتلقى تأييد الكثيرين وانا واحد منهم لكنْ ضمن فهم محدد شرحته لمجلس النقابة وللوزير ولا يقوم على قاعدة (( أُنصرْ اخاك ظالماً او مظلوماً )) ولا على استدرار شعبوية لم أسعَ لها يوماً، ومن ناحيةٍ أخرى لا تقف الحكومة من هذه القضية موقفاً رافضاً بل متفهماً حتى أنها لا تعترض على حق الاضراب رغم أنه – حسب تفسيرٍ رسمي سابق – مخالفٌ لنظام الخدمة المدنية .. إذن لماذا يستمر الاضراب كل هذه المدة ونحن نعلم أن محادثات جرت بين النقابة والوزارة للوصول الى تسوية يرضى بها الطرفان كما ينتج عادة عن اي مفاوضات مطلبية بين اطراف متنازعه ؟ وتُرى ما هو النظام الخاص الموحد الذي تطالب به النقابة لاطباء وزارة الصحة ؟ وهل يستحقونه وينسجم مع العدالة المالية التي يفترض أن تعم الجميع أم أنه – كما تقول الحكومة – (( يميّزهم )) على باقي موظفي الدولة من اصحاب المهن الأخرى أو سواهم من حملة الشهادات الجامعية المختلفه الذين لهم ايضاً قيمتهم واهميتهم وحاجة المجتمع لخدمتهم وإنْ بدرجات مختلفه ، وتبعا لذلك بدأتْ كثير من النقابات المهنية تتقدم بمطالب مشابهة !؟ وترد النقابة لتبرير مطلبها بأن الدولة أنشأت للقضاة نظاماً خاصاً لكنها – أي النقابة – لم تنتبه الى أن هذا هو الحال في أكثر الدول لأن القضاء سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ، فهل الاطباء سلطة رابعة ؟
وفي هذا السياق أعلنت الحكومة أن النظام المقترح سيكلف 28 مليون دينار وليس 4 ملايين كما تقول النقابة، كما أنها بصدد أخراج نظام مالي جديد يتمثل في مشروع لاعادة هيكلة الخدمة المدنية يشمل جميع العاملين في اجهزة الدولة ويطبق بعدالة حسب مقياس واحد ليلغي التشوهات القائمة في النظام الحالي ويحسّن مجمل الرواتب في حين سيخفض الرواتب الكبيرة غير المحقه في المؤسسات الخاصة المستقلة التي سيعيدها الى حظيرة النظام المالي أو يلغيها ، وهي أصلاً لم تكن نماذج صالحة حتى تسعى النقابة للاقتداء بها !
وقبل ايام نشرت الصحف أن الحكومة سوف تسمح لاي موظف حكومي بالعمل في القطاع الخاص خارج الدوام الرسمي وهو مبدأ معمول به منذ تأسيس الامارة وبأذن من مجلس الوزراء ولا اعلم أنه أوقف إلا بالنسبة للاطباء منذ عام 1965 وهم اكثر من كانوا يستخدمونه بين موظفي الدولة .. والعودة له الآن سوف تحل جزءاً كبيراً من المشكله القائمة أذا وضع في نظام محدد وبضوابط واضحة تلافياً لإساءة الاستعمال .
وعلى هامش الخلاف القائم يسمع الناس أن هناك غُبناً مزمنا لَحقَ باطباء الصحة يتبدى عند مقارنة رواتبهم برواتب اطباء القوات المسلحة أو أطباء الجامعة لكنهم لم يسمعوا تفسيراً لذلك من حيث ظروف العمل العسكري وطبيعة المهام الأخرى الملقاة على عاتق الطبيب كضابط في الجيش علماً بأن راتب الطبيب العام عند بدء عمله في الخدمات الطبية الملكية هو أقل من راتب زميله في وزارة الصحه الذي يصل لاكثر من 600 دينار شهرياً لكن التفاوت الكبير في الدخل يبرز واضحاً لدى أصحاب الرتب العليا فبالاضافة لحصولهم على حصتهم من الحوافز من دخل المرضى المحولين للمدينة الطبية من خارج القوات المسلحة فهناك امتيازات أخرى وبعثات ومؤتمرات لا يحظى بها طبيب الصحه ، صحيح أن رواتب الاختصاصيين في الصحة قد تصل الى الآلاف شهرياً لكن النقابة ترد بأن معظمها علاوات لا تجدي عند احتساب التقاعد على الراتب الاساسي وهو الضئيل الذي يقترح النظام الخاص رفعه .. أما بالنسبة لاطباء كليات الطب فالتفسير مختلف إذ أنهم من الحاصلين على درجات علمية عالية تؤهلهم – بالاضافة لمعالجة المرضى – للقيام بمهام التعليم والتدريب ، فضلاً عن حصولهم على نسب سخية من دخل مستشفى الجامعة الاردنية أو مستشفى الملك المؤسس في جامعة العلوم والتكنولوجيا المتأتي من الاجور التي يدفعها مرضى القطاع الخاص والأهم والأغزر ما يدفعه صندوق التأمين الصحي لهذين المستشفيين مقابل المرضى الذين يحولهم لهما، وهو ما يزيد من الشعور بالغبن في اوساط أطباء الصحه !
وبعد .. فمن غير المقبول أو المعقول لمجرد تمسك كل من طرفي النزاع بموقفه، أن يستمر الاضراب فيتسبب بمعاناة يومية مؤلمه لآلاف المرضى غير القادرين على تحمل نفقات العلاج الباهظة في عيادات ومستشفيات القطاع الخاص ، وأنا على يقين من أن هذا المأزق المأساوي يشكل عبئاً ثقيلاً على ضمائر أطبائنا واعضاء مجلس نقابتنا ، لذلك ادعو الى تعليق الاضراب فوراً والسعي لانجاح الحوار بين الطرفين بادخال طرف ثالث محايد من المحكّمين ذوي الخبرة .. والمعرفة .
5 /5 /2011
من يحقد على من ؟
د. زيد حمزه
بعد أن فسرتْ الماركسيه تطور المجتمعات من مرحلة البدائية الشيوعية الى مراحل العبودية فالأقطاعية فالرأسمالية ثم الاشتراكية وصولا إلى الشيوعة آخر المطاف ، وأكدت أن أحد العوامل الرئيسية في ذلك هو الصراع الطبقي، اجاب على ذلك أصحاب النظريات الأخرى والمدافعون عن الرأسمالية الغربية على وجه الخصوص بأن هذا التحليل الماركسي دعوة لاثارة الحقد بين الناس يؤدي الى تدمير المجتمعات بتأليب العمال على اصحاب العمل لا بالاعتصام أو الاضراب أو التظاهر فحسب بل بتحويلهم الى مجموعة من الجاحدين لنعمة اربابهم بدل أن يكونوا حامدين شاكرين لهم على أن وفروا لهم فرص العمل فاطعموهم من جوع ! وهو تنظير أساء لنضال العمال واثار عليهم نقمة باقي افراد المجتمع، وغطى على مطالبهم العادله وكتمَ اصواتهم وهم يتظلمون من انتهاك حقوقهم التي نصت عليها الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية كتشكيل النقابات والمفاوضة على الاجور والتأمين الصحي وبالنسبة للمرأة العاملة حق مساواة اجورها وشروط عملها بالرجل واعطاء الحامل اجازة الأمومة .. ومن ناحيتهم فان اصحاب العمل نأَوْا بأنفسهم عن ساحة المعركة وسخّروا بعض الكتاب لكي يقوموا بتشويه المواقف العمالية حتى لا يتعاطف الرأي العام معها لكن العالم وهو يعج بالقلاع الصناعية العملاقة والشركات الكبرى متعددة الجنسيات ذات النفوذ البالغ على الكثير من الحكومات لم يخلُ يوما من أصحاب الاقلام الشريفة الذين ما فتئوا يدافعون عن الحقيقة كنعومي كلاين في كتابها Shock Doctrine : Rise of Disaster Capitalism وقد بيّن بعضهم أن الحقد الطبقي الحقيقي هو الهابط من فوق اي من الأقوياء وليس الصاعد من تحت أي من الضعفاء ، فجشع اصحاب المصالح هو الذي يجعلهم يوغلون في استغلال مستخدميهم كي يحققوا ربحاً أكثر، وذلك بسن التشريعات أو تعديلها كي تعزز هذا الاستغلال .. كما بينوا أن العامل قد يحقد على صاحب العمل أو يكرهه لأنه لا يعطيه أجره الكافي الذي يستحقه ويمكّنه من العيش بكرامة مع أن ذلك لا يكلفه سوى التضحية بجزء يسير من ارباحه .
وبعد .. على هذا الاساس يمكن أن نفسّر موقف سْكوتْ ووكر حاكم ولاية وسكنسون الجمهوري قبل أشهر قليلة الذي باع حقوق النقابات مقابل الثمن الذي قبضه من شركات كبرى معروفه، فهل على نفس الاساس يمكن تفسير مماطلة مؤسسة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها قبل ثلاثين عاما في تطبيق حق التأمين الصحي لمنتسبيها من العمال والوارد نصاً في قانونها بسبب الخضوع لنفوذ أصحاب العمل في مجلس ادارتها ورغم الوجود المزوَّر لاتحادهم العام في هذا المجلس ؟!
من يحقد على من ؟
د. زيد حمزه
بعد أن فسرتْ الماركسيه تطور المجتمعات من مرحلة البدائية الشيوعية الى مراحل العبودية فالأقطاعية فالرأسمالية ثم الاشتراكية وصولا إلى الشيوعة آخر المطاف ، وأكدت أن أحد العوامل الرئيسية في ذلك هو الصراع الطبقي، اجاب على ذلك أصحاب النظريات الأخرى والمدافعون عن الرأسمالية الغربية على وجه الخصوص بأن هذا التحليل الماركسي دعوة لاثارة الحقد بين الناس يؤدي الى تدمير المجتمعات بتأليب العمال على اصحاب العمل لا بالاعتصام أو الاضراب أو التظاهر فحسب بل بتحويلهم الى مجموعة من الجاحدين لنعمة اربابهم بدل أن يكونوا حامدين شاكرين لهم على أن وفروا لهم فرص العمل فاطعموهم من جوع ! وهو تنظير أساء لنضال العمال واثار عليهم نقمة باقي افراد المجتمع، وغطى على مطالبهم العادله وكتمَ اصواتهم وهم يتظلمون من انتهاك حقوقهم التي نصت عليها الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية كتشكيل النقابات والمفاوضة على الاجور والتأمين الصحي وبالنسبة للمرأة العاملة حق مساواة اجورها وشروط عملها بالرجل واعطاء الحامل اجازة الأمومة .. ومن ناحيتهم فان اصحاب العمل نأَوْا بأنفسهم عن ساحة المعركة وسخّروا بعض الكتاب لكي يقوموا بتشويه المواقف العمالية حتى لا يتعاطف الرأي العام معها لكن العالم وهو يعج بالقلاع الصناعية العملاقة والشركات الكبرى متعددة الجنسيات ذات النفوذ البالغ على الكثير من الحكومات لم يخلُ يوما من أصحاب الاقلام الشريفة الذين ما فتئوا يدافعون عن الحقيقة كنعومي كلاين في كتابها Shock Doctrine : Rise of Disaster Capitalism وقد بيّن بعضهم أن الحقد الطبقي الحقيقي هو الهابط من فوق اي من الأقوياء وليس الصاعد من تحت أي من الضعفاء ، فجشع اصحاب المصالح هو الذي يجعلهم يوغلون في استغلال مستخدميهم كي يحققوا ربحاً أكثر، وذلك بسن التشريعات أو تعديلها كي تعزز هذا الاستغلال .. كما بينوا أن العامل قد يحقد على صاحب العمل أو يكرهه لأنه لا يعطيه أجره الكافي الذي يستحقه ويمكّنه من العيش بكرامة مع أن ذلك لا يكلفه سوى التضحية بجزء يسير من ارباحه .
وبعد .. على هذا الاساس يمكن أن نفسّر موقف سْكوتْ ووكر حاكم ولاية وسكنسون الجمهوري قبل أشهر قليلة الذي باع حقوق النقابات مقابل الثمن الذي قبضه من شركات كبرى معروفه، فهل على نفس الاساس يمكن تفسير مماطلة مؤسسة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها قبل ثلاثين عاما في تطبيق حق التأمين الصحي لمنتسبيها من العمال والوارد نصاً في قانونها بسبب الخضوع لنفوذ أصحاب العمل في مجلس ادارتها ورغم الوجود المزوَّر لاتحادهم العام في هذا المجلس ؟!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)