الاثنين، 12 أبريل 2010

‏10 / 4 / 2010 ‏
من هم أصحاب النفوذ ؟ ‏
د. زيد حمزه

‏(( نادراً ما تُروى قصة الفلسطينين دون تشويه، لذلك تبدو عجيبة غريبة حين تعرف على ‏حقيقتها، فحتى عام 1948 كانوا يعيشون في وطنهم وعلى ارضهم، وفجأة بين عشية وضحاها ‏طردوا شر طرده في حربٍ أدت الى نشوء دولة لأناس غرباء فروا من التطهير العرقي الوحشي ‏في أوروبا، أما هم فقد كُتب عليهم أن يعيشوا في حالة من الذهول متكدسين في 20 % من بلادهم ‏التي سُمح لهم الاحتفاظ بها ! ولم يتسنَّ لهم حتى بأن يحاربوا من أجل ما ضاع منهم فاكتفوا ‏بالبكاء.. وبحلم العوده ! الى أن كانت حرب 1967 وابتُلوا هذه المرة بالاحتلال الكامل حيث باتت ‏الدبابات والجيوش تجثم على صدورهم .. ويوما بعد يوم بدأ المستوطنون يستولون على أراضيهم ‏قطعة بعد أخرى بحجة أنها أرض منحها لهم الله ! )) ‏
هذا ما جاء في مقدمة مقال كتبه يوهان هاري ‏Johann Hari‏ في صحيفة الاندبندنت ‏‏12 /3 /2010 ثم استطرد : لقد صبر الفلسطينيون على مأساتهم وهم يسمعون غولدامئير تقول ‏‏(( لا يوجد فلسطينيون )) ووصفتهم بأنهم حيوانات ، كما وصفهم مناحم بيغن بأنهم (( وحوش تمشي ‏على ساقين )) وقال اسحق شامير: (( ينبغي سحقهم كم يسحق الجراد وأن تُحطّم رؤوسهم على ‏الصخور والجدران )) وحين حاولوا أن يقاوموا سلميا بالاعتصام والعصيان المدني رد عليهم ‏اسحق رابين بأوامره الى جيش الاحتلال الاسرائيلي (( بتحطيم عظامهم )) ... [ وقد جاء في ‏‏(( القدس العربي )) 28 /12 /2009 أن القناة الثانية من التلفزيون الاسرائيلي أختارت رئيس ‏الموساد مئير داغان رجل العام 2009 في الدولة، وقال مقدم البرنامج قبل الاعلان عن أسمه إنه ‏الرجل الذي لم يقدم في حياته الا الأمور الطيبة (!) إنه الشخص الذي اشتهر بقطع رؤوس ‏الفلسطينيين وفصلها عن اجسادهم باستخدام سكين ياباني، إنه الرجل الذي ولد والسكين بين ‏أسنانه..] ‏
الآن وبعد عقود طويلة من المعاناة والعذاب لا يوجد إلا القليل الذي يستطيع الفلسطينيون ‏أن يفعلوه لتغيير أوضاعهم البالغة السوء ، فهم عمليا مجردون من السلاح عدا بضعة صواريخ ‏بدائية وصبية يلقون الحجارة ضد جيش يعتبر رابع أقوى جيوش العالم، والحكومات الغربية تدعم ‏بشكل مباشر أو غير مباشر محو فلسطين من الوجود فالاتحاد الاوروبي يقوم بذلك من خلال ‏صفقات الأسلحة مع إسرائيل وتوفير أكبر الاسواق لمنتجاتها ، والولايات المتحده تزودها بالمال ‏اللازم نقداً ! ‏
وينهي يوهان هاري مقاله: كل ما يطلبه الفلسطينيون هو حرية كالتي تطلّع اليها ‏الاسرائيليون ذات يوم، ووطن آمن خاص بهم يعلنون فيه استقلالهم .. ومن واجبنا نحن – بلايين ‏الناس الذين يشهدون أوضاعهم عن كثب – أن نضغط على حكوماتنا كي تجعل حلمهم حقيقة لا ‏مجرد صرخة في الظلام ..‏
وبعد .. صحيح أن البلايين قد شهدت مسلسل الجريمة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني ‏على مدى أكثر من ستة عقود ، لكن حكوماتها مازالت تخضع لمصالح اصحاب النفوذ الحقيقي ‏فيها .. وهم معروفون ! ‏‎ ‎
3 / 4 / 2010 ‏
عطوفة المحافِظة ؟ هذا اختراق آخر ! ‏
د. زيد حمزه
‏ لقد تعودنا في الدولة الاردنية التي ما زالت في نظري فتيّة، أن نشهد بين الحين والآخر ‏اختراقات جريئه في التعامل الحضاري مع المرأة الاردنية على أنها صنو الرجل لا كما جاء في ‏‏(( الميثاق )) فحسب بل قبل ذلك بزمان طويل انسجاماً مع روح النصوص الواردة في الاعلان ‏العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين الصادرين بموجبه .. والحديث يطول لو شئنا تبيان ‏الأمثلة التي تشع ساطعة وسط ظلام الاخفاقات العديدة في مجال حقوق المرأة وهي اخفاقات ‏يتحمل المجتمع الاردني وزر عدم تحدّيها ويتحمل البرلمان الاردني الضلوع في بعضها كما ‏تتحمل الحكومات المتعاقبة مسؤولية التردد والخوف في مواجهتها .‏
في الشهر الماضي تفاجأ الاردنيون بسيدة وسيمة تستقبل جلالة الملك في جرش وتظهر ‏الى جانبه منفرجة الاسارير وهي تتحدث بثقة عن قضايا هذه المنطقة من بلدنا وتشرح لجلالته ‏جوهر المشاريع التي تتصدى لها، إنها السيدة رابحه الدباس حاكمة جرش ‏‎( Governess )‎‏ أي ‏التي تدير شؤون المحافَظَة، والمحافظة هي التسمية الرسمية للمقاطعة أو المنطقة التي نقلناها عن ‏غيرنا وقبلناها على مضض مع أنها لغوياً ضعيفة ففعل حافَظَ يُحافظُ غير متعدٍّ كفعل حَكَم يحكُمُ ‏لذلك يُتبع بحرف الجر ((على)) .. ومن هنا نقبل أن نقول إنها محافِظة جرش وليست محافِظ جرش ‏كما شاء الاعلام في ذلك اليوم ان يحرمها من تاء التأنيث عنوةً واستلابا كما فعل مع الأمينة ‏العامه والقاضية والنائبه وغيرها من الصفات والالقاب بشكل انتقائي فظ لا علاقة له باللغة أو ‏المنطق بل مرده – في تقديري – لبقايا الذكورية الكامنه في اعماق بعض النفوس ! ‏
لقد اقتحمت المرأة الاردنية العديد من مجالات العمل والنشاط التي كانت حكراً على ‏الرجال بعدما توهّم الناس ولردح طويل من الزمان أنها غير قادرة على القيام بها كقيادة الطائرات ‏وسلك القضاء، حتى الجيش وجدناها تعمل في بعض أسلحته التي تحتاج لجسارة فائقة فكان منها ‏المظليات مثلاً، ودخلت أجهزة الأمن والمخابرات وأبلت فيها بلاءً حسناً .. ‏
أما اختيارها الآن للعمل كمحافِظة فله رنة خاصة في أذني وصدى آخر عميق في أوساط ‏المجتمع كله ، والذين يعرفون جيداً نوع المهام الجسام التي سوف تتعامل معها المحافِظة والقضايا ‏الحساسة التي سوف تواجهها يدركون تماما ما أقول ويعتبرونه تحدياً ليس لها فحسب بل لكل ‏الذين سوف يأتمرون بأمرها او أولئك الذين يلجأون لها لحل مشاكلهم وأولئك الذين تقضي أعمالهم ‏ومشاريعهم ونشاطاتهم العودة لها للحصول على موافقتها أو بيان موقفها .. ‏
لكن الأهم من ذلك في تقديري هو أن امرأة أردنية سيكون لها لاول مرة ربما في تاريخ ‏العرب جميعاً دور في حل القضايا والنزاعات العشائرية وما يصاحبها ويتبعها من جاهات ‏وعطوات وجلوات وديّات ومن خلال ذلك سوف تتهاوى كثير من المسلمات الاجتماعية التي لم ‏يعد العصر يقبلها وقد آن الأوان لاستبدالها بما هو منطقي وعقلاني من دون أن يخرج على قواعد ‏الامانة والاستقامة والخلق . ‏
وبعد .. لقد تسلمت المرأة مواقع عديدة كانت محرمة عليها ولكي نكون منصفين ينبغي ‏الحكم عليها في ادائها كما الحكم على الرجل ، فالكفاءة هي المعيار وليس (( الجندر )) وإلا كنا ‏منافقين نخفي في داخلنا ذكورية توارثناها عبر قرون وقرون ! ‏