22 /5 /2010
(( لدغة الأفعى ))
د. زيد حمزه
لدغة الافعى ليست عنوان قصة تتحدث عن غدر حبيبة لحبيبها كما كان كثير من الكتاب الذكوريين يتلذذون في وصفهم المهين للمرأة، ولا هي غمز سياسي من جانب دولة تلدغ جاراتها منذ 62 عاماً رغم ترديد مقولة (( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )) ! فالحديث هنا جدّيٌّ وعن اللدغة الحقيقية للافاعي كمشكلة صحية تؤرق منظمة الصحة العالمية وتجعلها تدق ناقوس الخطر إذ جاء في نشرتها الاعلامية في الرابع من شهر أيار الحالي معلومات محدَّثه تقول إن اكثر من 100 ألف إنسان في العالم تقتلهم لدغات الافاعي سنويا بالاضافة لحوالي 300 ألف آخرين تؤدي بهم سموم الحية الى بتر الطرف الملدوغ أو الى تشوهات جسدية أخرى، أو الى شللٍ في عضلات التنفس يسبب الاختناق أو الى نزيف داخلي شديد، أو تلفٍ في أنسجة الكلى يفضي الى فشلها، والضحايا في العادة اكثرهم من النساء والاطفال والمزارعين الفقراء .. وتعزو منظمة الصحة العالمية ذلك إما لنقص في الامصال المضادة لسم الثعبان أو عدم توفر النوع المنتج خصيصاً ضد عضة الافاعي المعروفة في مناطق معينة، أو للجهل بالارشادات اللازمه لاستعمالها، لذلك تحرص المنظمة على نشر المعلومات المتعلقة بانتاج الامصال وتنظيم حفظها وتوزيعها ومراقبتها ومعلوماتٍ عن أماكن وجود الافاعي السامة وتصف شكلها ولونها لتسهيل التعرف عليها وتحدد الامصال المناسبة لها ومن أين يمكن الحصول عليها أو شراؤها وتُحدّث هذه المعلومات باستمرار على شبكة الانترنت .. وتُقّدر المنظمة عدد الذين يلدغون سنويا بخمسة ملايين، نصفهم بلدغات مسممه تقتل منهم كما ذكرنا 100 ألف شخص .
لكن وقبل أن يدب الرعب في قلوبكم متوهمين أن خطر الافاعي محدق بكم، يقتضيني الواجب أن اطمئنكم على الحقائق التالية ومن أهمها أن الرعاية الصحية الأولية التي يعيرها الاردن اهتماما كبيراً قد وفرت الامصال اللازمه مجاناً لحماية المواطنين حتى أن وزارة الصحة كانت تنتج الترياق المضاد لهذه السموم في مؤسسة الامصال والمطاعيم في حرم مستشفى البشير بالاضافة لمطاعيم أخرى لكنها أُغلقت منذ سنوات لعدم جدواها اقتصاديا بعد أن أمكن شراء هذه الامصال من الخارج باسعار منافسه، وهي متوفرة الآن في مستشفيات الوزارة، ومن المتوقع تزويد المراكز الصحية الشاملة بها للاستعمال المستعجل لأن التأخر في إعطائها للملدوغ يهدد حياته .
من الطريف أن نعلم أن وزارة الصحه ظلت الى عهد قريب تشتري المصل من سويسرا ثم تبيّن لها من تجربة اطبائها أن المنتج في ايران هو الاكثر مطابقةً لاحتياجاتنا لان أفاعيها تشبه المتوطنة في بلادنا والسعر ادنى بكثير، وهناك قصتان لكيفية الحصول عليه: الأولى أن الحصار الاقتصادي الذي فرضته أميركا على إيران حرمنا منه فبادرت وزارة الصحة العراقية بتزويدنا به كهدية .. والثانية أن مستودع أدوية اردني يستورده من أيران لكنها تحذره من تسرّبه الى العراق لاستعمال القوات الأميركية الغازية !
وبعد .. المهم في الأمر أن الرعاية الصحية الأولية مازالت في بلدنا بخير وإلا لتحوَّل إسعاف الملدوغين وإنقاذهم الى (( سلعة )) خاضعة للعرض والطلب حسب الفلسفة الاقتصادية التي يتبناها المروّجون لخصخصة القطاع الطبي العام وليمتْ من لا يملك الثمن !
الاثنين، 24 مايو 2010
13 /5 /2010
الرواية أم التاريخ ؟
د. زيد حمزه
هذا العنوان يعبرّ عن فحوى المحاضرة التي ألقاها الدكتور خالد زياده سفير لبنان في القاهرة الشهر الماضي في الجامعة الاردنية، فهو أديب واستاذ جامعي قبل أن يكون دبلوماسياً وقد شكّل كتابهُ (( حكاية فيصل )) الذي صدر في تسعينات القرن الماضي النموذج لاجراء المقارنة بين الرواية والتاريخ، ورغم أن أكثر الحضور لم يكونوا قد قرأوا هذه الرواية نفسها إلا أن البعض – وقد قرأوا بالطبع سواها – استطاعوا أن يدلوا بدلوهم ويطرحوا آراءهم ليتبلور في النهاية فهم مشترك يفيد بأن الرواية سردٌ لوقائع ذات عمق تاريخي، أما التاريخ فسجلٌّ للاحداث قائمٌ على قواعد علمية، وحتى لا يقال إن هذا الاستنتاج تبسيط ساذج للعلاقة بين الاثنين فمن الانصاف العودة للمحاضرة حيث كان رأيُ الدكتور خالد زيادة أوسع وأعمق، وجاء متفقاً مع انطباعاتي التي خرجت بها من روايات عديدة اتيح لي قراءتها ففي رواية أمين معلوف (( صخرة طانيوس )) عشت جزءً معقداً من تاريخ جبل لبنان أيام الحكم العثماني في القرن التاسع عشر، وفي رواية إيزابيل اليندي (( أينيس يا روحي )) تعرفتُ على حقبة دامية من تاريخ اغتصاب الجيوش الاسبانية لتشيلي من سكانها الاصليين، وفي (( الجنرال في متاهته )) لغابرييل غارسيا ماركيز وجدت نفسي في قلب الصورة المأساوية لسيمون بوليفار المنهكِ القُوى لكنه العنيدُ المصرُّ على كفاحه وحروبه من أجل توحيد دول أميركا الجنوبية مبتدئاً بكولومبيا وفنزويلا وبيرو وبوليفيا، وفي (( عزازيل )) ليوسف زيدان فهمتُ بعض ألغاز التاريخ القبطي وجانباً من النسطوريه والخلاف (( الفقهي )) بين الكنائس القديمة وشهدتُ عن كثب جريمة المتعصبين دينياً وهم يحرقون مكتبة الاسكندرية ويقتلون ويسحلون العالمه هايبيشيا بتهمة الكفر، ثم حين قرأت (( حكاية فيصل )) لاحقاً تعاطفتُ مع هذا الملك العربي إبان محنته في سوريا وقد بلغتْ ذروتها في هزيمة ميسلون .. ومع ذلك فانا لا أزعم أن هذه الروايات الرائعة يمكن أن تكون بديلة عن قراءة تاريخ تلك الازمنه أو سيرة حياة اولئك القادة لكني وجدت فيها إضافة فنية بالغة الأثر والتأثير فقد أدهشتني على سبيل المثال (( حكاية فيصل )) ببساطتها وعفويتها حتى ظننت نفسي أقرأ مذكرات حقيقيه للملك فيصل يصف فيها مشاعره الشخصية التي تتراوح بين الرجاء والخيبة أو النشوة حد الحماسة ثم الاحباط والقنوط، أو يتحدث عن أواصر أنسانية حميمه بين ملكٍٍ وأعوانه ومستشاريه رغم ما يشوبها احيانا من التوتر والشكوك وسط مظاهر النفاق والتملق !.. ولعل مازادني استمتاعاً بصدق (( الحكاية )) ذلك المشهد الدرامي في محطة القطار في درعا التي وصلها من دمشق بعد إنذار الجيش الفرنسي وقد جاء مطابقاً لما رواه لي والدي ذات مرة أنه كان هناك موظفاً في مالية الحكومة الفيصليه حين رأى الملك يذرع رصيف المحطة جيئة وذهاباً في حالة من الحزن والأسى ..
وبعد .. فلقد قرأت كتباً كثيرة عن تلك المرحلة من تاريخ وطننا الذي مزقته اتفاقية سايكس بيكو، وكان آخرها (( مذكرات عوني عبد الهادي )) عندما عمل مع الملك فيصل و(( الاوراق الشخصية )) لغيرترود بيل (الخاتون) ضابطة الاستخبارات البريطانية في العراق ناهيك عما كتبه لورنس أو كُتب عنه، لكن قراءة (( الرواية )) شيء آخر .. ممتع .
الرواية أم التاريخ ؟
د. زيد حمزه
هذا العنوان يعبرّ عن فحوى المحاضرة التي ألقاها الدكتور خالد زياده سفير لبنان في القاهرة الشهر الماضي في الجامعة الاردنية، فهو أديب واستاذ جامعي قبل أن يكون دبلوماسياً وقد شكّل كتابهُ (( حكاية فيصل )) الذي صدر في تسعينات القرن الماضي النموذج لاجراء المقارنة بين الرواية والتاريخ، ورغم أن أكثر الحضور لم يكونوا قد قرأوا هذه الرواية نفسها إلا أن البعض – وقد قرأوا بالطبع سواها – استطاعوا أن يدلوا بدلوهم ويطرحوا آراءهم ليتبلور في النهاية فهم مشترك يفيد بأن الرواية سردٌ لوقائع ذات عمق تاريخي، أما التاريخ فسجلٌّ للاحداث قائمٌ على قواعد علمية، وحتى لا يقال إن هذا الاستنتاج تبسيط ساذج للعلاقة بين الاثنين فمن الانصاف العودة للمحاضرة حيث كان رأيُ الدكتور خالد زيادة أوسع وأعمق، وجاء متفقاً مع انطباعاتي التي خرجت بها من روايات عديدة اتيح لي قراءتها ففي رواية أمين معلوف (( صخرة طانيوس )) عشت جزءً معقداً من تاريخ جبل لبنان أيام الحكم العثماني في القرن التاسع عشر، وفي رواية إيزابيل اليندي (( أينيس يا روحي )) تعرفتُ على حقبة دامية من تاريخ اغتصاب الجيوش الاسبانية لتشيلي من سكانها الاصليين، وفي (( الجنرال في متاهته )) لغابرييل غارسيا ماركيز وجدت نفسي في قلب الصورة المأساوية لسيمون بوليفار المنهكِ القُوى لكنه العنيدُ المصرُّ على كفاحه وحروبه من أجل توحيد دول أميركا الجنوبية مبتدئاً بكولومبيا وفنزويلا وبيرو وبوليفيا، وفي (( عزازيل )) ليوسف زيدان فهمتُ بعض ألغاز التاريخ القبطي وجانباً من النسطوريه والخلاف (( الفقهي )) بين الكنائس القديمة وشهدتُ عن كثب جريمة المتعصبين دينياً وهم يحرقون مكتبة الاسكندرية ويقتلون ويسحلون العالمه هايبيشيا بتهمة الكفر، ثم حين قرأت (( حكاية فيصل )) لاحقاً تعاطفتُ مع هذا الملك العربي إبان محنته في سوريا وقد بلغتْ ذروتها في هزيمة ميسلون .. ومع ذلك فانا لا أزعم أن هذه الروايات الرائعة يمكن أن تكون بديلة عن قراءة تاريخ تلك الازمنه أو سيرة حياة اولئك القادة لكني وجدت فيها إضافة فنية بالغة الأثر والتأثير فقد أدهشتني على سبيل المثال (( حكاية فيصل )) ببساطتها وعفويتها حتى ظننت نفسي أقرأ مذكرات حقيقيه للملك فيصل يصف فيها مشاعره الشخصية التي تتراوح بين الرجاء والخيبة أو النشوة حد الحماسة ثم الاحباط والقنوط، أو يتحدث عن أواصر أنسانية حميمه بين ملكٍٍ وأعوانه ومستشاريه رغم ما يشوبها احيانا من التوتر والشكوك وسط مظاهر النفاق والتملق !.. ولعل مازادني استمتاعاً بصدق (( الحكاية )) ذلك المشهد الدرامي في محطة القطار في درعا التي وصلها من دمشق بعد إنذار الجيش الفرنسي وقد جاء مطابقاً لما رواه لي والدي ذات مرة أنه كان هناك موظفاً في مالية الحكومة الفيصليه حين رأى الملك يذرع رصيف المحطة جيئة وذهاباً في حالة من الحزن والأسى ..
وبعد .. فلقد قرأت كتباً كثيرة عن تلك المرحلة من تاريخ وطننا الذي مزقته اتفاقية سايكس بيكو، وكان آخرها (( مذكرات عوني عبد الهادي )) عندما عمل مع الملك فيصل و(( الاوراق الشخصية )) لغيرترود بيل (الخاتون) ضابطة الاستخبارات البريطانية في العراق ناهيك عما كتبه لورنس أو كُتب عنه، لكن قراءة (( الرواية )) شيء آخر .. ممتع .
6 /5 /2010
اختلاط الدين بالدنيا !
د. زيد حمزه
هل صحيح أن مناقشة الأمور الدينية ينبغي أن تكون مقصورةً على أصحابها فقط ومن هم أصحابها هؤلاء ؟ وهل صحيح أننا ممنوعون من الحديث في القضايا الفقهية الخلافية وعلينا التخلي عن حقنا الطبيعي في التفكير بها لانها من اختصاص العلماء فقط، ومن هم العلماء ؟ ونحن نعلم كم هم مختلفون الآن وكم اختلفوا عبر العصور، ولم يكن اختلافهم كله رحمه بل سبّب لبعضهم العنت وللناس من بعدهم الفرقة ؟..
حتى عهد قريب كنا نتحرج من الحديث في هذه الشؤون على الملأ وكنا نخشى الكتابة فيها خشيتنا من ردود الفعل الممتدة بين اللطيفة والعنيفه ! مع أننا كنا في مجالسنا الخاصة لا نتورع عن الخوض فيها وتبادل الآراء حولها كما نفعل مع كل قضايانا السياسية والاجتماعية والثقافية . التي تمس صميم حياتنا، وكانت مجتمعاتنا منذ ظهور الاسلام تتميز باختلاط الدين بالدنيا في ظل انظمة حكم مدنيّة ليس فيها كهنوت ولا مؤسسات دينية تتحكم في احوال الناس أو تتسلط على عقولهم وقد برز في تلك المجتمعات القديمة مفكرون اجتهدوا في أنواع الفقه المختلفة وكانوا جميعاً بشراً مثلنا قاموا بالدراسة والبحث لكنهم لم يدّعوا العصمة من الخطأ ولم ينزّههم أحد عن الهوى والغرض ..
الدنيا تغيرت والناس أيضاً تغيروا وأصبحوا اكثرَ جرأة حتى لا أقول أقل خوفاً وجبناً، بعدما تراجع المنطق عند أصحاب الأصوات العالية وضعفت الحجج لدى مدّعي امتلاك الحقيقة ومحترفي التسلط الفكري، ومن يتابع هذه الايام ما يجري على الساحة الصحفية من حوار ساخن حول قضايا ثلاث مثارة يختلط فيها الدين بالدنيا يدرك ما أقول فقد كانت تُحسم فيما مضى بمجرد صدور صوت جهة واحدة تخرس كل الاصوات الأخرى واصبحنا نرى اشتباك مختلف الآراء في جدل صحي يشارك فيه عامة الناس ففي الاولى يجري استفتاء (( الغد )) حول زواج القاصرات، وفي الثانية تضطر احدى (( المرجعيات )) الدينية أن تدلي بدلوها بما لا يتفق مع المألوف السائد حول اجهاض الجنين المشوّه خَلقْيا، ايكون قبل أن يبلغ 120 يوما حين تُنفخ فيه (( الروح )) أم بمجرد التقاء الحيوان المنوي والبويضة لتكوين (( الحياة )) ؟ والقضية الثالثه المثارة هي حق المرأة في الخلع مقابل حق الرجل في الطلاق ..
وبعد .. ربما يهم القارئ أن يعرف أين أقف من هذه القضايا لكن الاهم أن يعرف أن اصطفافي قوي لا يتزعزع مع لغة الحوار الصحي واستنكاري لمن يدافع عن وجهة نظره بتخوين اصحاب الرأي المخالف .
اختلاط الدين بالدنيا !
د. زيد حمزه
هل صحيح أن مناقشة الأمور الدينية ينبغي أن تكون مقصورةً على أصحابها فقط ومن هم أصحابها هؤلاء ؟ وهل صحيح أننا ممنوعون من الحديث في القضايا الفقهية الخلافية وعلينا التخلي عن حقنا الطبيعي في التفكير بها لانها من اختصاص العلماء فقط، ومن هم العلماء ؟ ونحن نعلم كم هم مختلفون الآن وكم اختلفوا عبر العصور، ولم يكن اختلافهم كله رحمه بل سبّب لبعضهم العنت وللناس من بعدهم الفرقة ؟..
حتى عهد قريب كنا نتحرج من الحديث في هذه الشؤون على الملأ وكنا نخشى الكتابة فيها خشيتنا من ردود الفعل الممتدة بين اللطيفة والعنيفه ! مع أننا كنا في مجالسنا الخاصة لا نتورع عن الخوض فيها وتبادل الآراء حولها كما نفعل مع كل قضايانا السياسية والاجتماعية والثقافية . التي تمس صميم حياتنا، وكانت مجتمعاتنا منذ ظهور الاسلام تتميز باختلاط الدين بالدنيا في ظل انظمة حكم مدنيّة ليس فيها كهنوت ولا مؤسسات دينية تتحكم في احوال الناس أو تتسلط على عقولهم وقد برز في تلك المجتمعات القديمة مفكرون اجتهدوا في أنواع الفقه المختلفة وكانوا جميعاً بشراً مثلنا قاموا بالدراسة والبحث لكنهم لم يدّعوا العصمة من الخطأ ولم ينزّههم أحد عن الهوى والغرض ..
الدنيا تغيرت والناس أيضاً تغيروا وأصبحوا اكثرَ جرأة حتى لا أقول أقل خوفاً وجبناً، بعدما تراجع المنطق عند أصحاب الأصوات العالية وضعفت الحجج لدى مدّعي امتلاك الحقيقة ومحترفي التسلط الفكري، ومن يتابع هذه الايام ما يجري على الساحة الصحفية من حوار ساخن حول قضايا ثلاث مثارة يختلط فيها الدين بالدنيا يدرك ما أقول فقد كانت تُحسم فيما مضى بمجرد صدور صوت جهة واحدة تخرس كل الاصوات الأخرى واصبحنا نرى اشتباك مختلف الآراء في جدل صحي يشارك فيه عامة الناس ففي الاولى يجري استفتاء (( الغد )) حول زواج القاصرات، وفي الثانية تضطر احدى (( المرجعيات )) الدينية أن تدلي بدلوها بما لا يتفق مع المألوف السائد حول اجهاض الجنين المشوّه خَلقْيا، ايكون قبل أن يبلغ 120 يوما حين تُنفخ فيه (( الروح )) أم بمجرد التقاء الحيوان المنوي والبويضة لتكوين (( الحياة )) ؟ والقضية الثالثه المثارة هي حق المرأة في الخلع مقابل حق الرجل في الطلاق ..
وبعد .. ربما يهم القارئ أن يعرف أين أقف من هذه القضايا لكن الاهم أن يعرف أن اصطفافي قوي لا يتزعزع مع لغة الحوار الصحي واستنكاري لمن يدافع عن وجهة نظره بتخوين اصحاب الرأي المخالف .
22 /4 /2010
هل تذكرون رالف نادر ؟
د. زيد حمزه
بلغ رالف نادر أوج شهرته في أميركا كناشط اجتماعي اقتصادي سياسي في ستينات القرن الماضي، وكان في عنفوان شبابه حين أسس حركة حماية المستهلك التي انتشرت فكرتها بسرعة مذهلة حتى بلغت العديد من دول العالم، ولما وصل صيته الى بلادنا طربنا أيضاً لاسمه المتحدر من أصل عربي ..
دعونا نتتبع المسيرة الفريدة منذ بدايتها عندما اكتشفت الصحافة الأميركية في ذلك الوقت مجموعة من الكتاب الجادين وهم يتابعون ويبحثون عن المعلومات ويتقصون الحقائق فراحت تنشر تقاريرهم واقتراحاتهم ووثائقهم وتوزعها على مختلف المراسلين ثم تؤيدهم حين يتوجهون الى الكونغرس ليدلوا بشهاداتهم وكان نادر في مقدمتهم، وقد تمكن مع حلفائه من الحزب الديمقراطي بين عامي 1966 – 1973 في إقرار 25 تشريعاً تتعلق بحماية المستهلك مثل قوانين السلامة على الطرق، وأمان السيارات ومراقبة اللحوم والدواجن وسلامة الزيوت والمنتجات الصناعية وضبط تلوث الهواء والماء والبيئة وقد نجحت تلك التشريعات في انقاذ حياة الملايين من الناس بمنع الشركات الكبرى Corporates من الغش والتلاعب بالنوعية والمواصفات، ويذكر الناس الشعار الخطير الذي طرحه نادر بالنسبة لعدم أمان السيارات Unsafe at any speed وهزّ به اركان أكبر صناعة للسيارات في العالم هي الجنرال موتورزG M التي حاولت ابتزازه وتشويه سمعته بأن وضعت في طريقه أمرأة جميله لاغوائه لكن الخطة باءت بالفشل وافتضح أمرها واضطرت الشركة أن تقدم له اعتذاراً علنياً !
وسط حماس شعبي كبير أصبح رالف نادر في تلك الأيام المجيدة رابع أقوى شخصية اميركية بعد الرئيس ريتشارد نيكسون والقاضي Earl Warren والزعيم العمالي George Meany وهنا تنبهتْ لخطورته آلة الكوربوربيت الجهنمية فكلفت محامي الشركات الكبرى المعروف Lewis Powell بدراسة الأمر ووضْع الخطة الشامله لمواجهة ما اعتبرته هجوماً على النظام الاقتصادي الحر، فقدمَ مذكرته الشهيرة التي وصف فيها رالف نادر بالعدو اللدود للشركات وأوصى بأنشاء هيئة الBusiness Round Table التي رصدت أموالاً ضخمة من أجل حشد الجهود لتغيير سياسة الحكومة بالنسبة للتشريعات الآنفة الذكر واعادة تشكيل الرأي العام واستخدام الطرق اللازمة لاسكات صوت أولئك الناشطين المعادين لمصالح الشركات في الجامعات واجهزة الاعلام، وفي نفس الوقت ايصال اكاديميين معروفين بولائهم للشركات الى مواقع اساتذة الاقتصاد في الجامعات أو محللين في اهم الاذاعات ومحطات التلفزيون بعد أن أمكنَ طرد الذين يتهمون الشركات بتجاوز كل الحدود الاخلاقية لتحقيق الأرباح المنفلته، كما تم إنشاء مراكز دراسات وخزانات فكر Think Tanks وتمويلها بسخاء كبير لانتاج (( ايديولوجيات )) ترد على الناشطين وتفندّ آراءهم، كما فُتحت مكاتب قانونية مختصة تتبني مصالح الشركات في المحاكم ولا تتورع عن السعي الخفي لتعيين قضاة متعاطفين معها !
ويمضي كريس هيدجز Chris Hedges في مقاله علىI.C.H. في 5 نيسان الجاري بعنوان (( كيف كسرت الشركات الكبرى رالف نادر .. وأميركا أيضا )) ليصل الى الحديث عن الصحافة فيروي عن رالف نادر قوله (( إن جنرال موتورز وشركات البترول ومصانع الادوية مارست ضغوطاً على هيئات نشر الصحف فمثلاً فرضت Abe Rosenthal من كندا رئيساً لتحرير النيويورك تايمز التي كانت تعاني من اوضاع مالية صعبة فسخرها لخدمة تلك الشركات مقابل الاعلان فيها ! وكان معروفاً بأنه يميني يكره الاشتراكية ويكره التقدميين عموماً وقد صرّح بانه لا يحبني ولا يحب نعوم شومسكي ومنَعَ مقالاتنا !.)).
وبعد .. فان باقي قصة رالف نادر معروفة ونهايتها المحزنة إساءة لسمعة الديمقراطية الاميركية..
هل تذكرون رالف نادر ؟
د. زيد حمزه
بلغ رالف نادر أوج شهرته في أميركا كناشط اجتماعي اقتصادي سياسي في ستينات القرن الماضي، وكان في عنفوان شبابه حين أسس حركة حماية المستهلك التي انتشرت فكرتها بسرعة مذهلة حتى بلغت العديد من دول العالم، ولما وصل صيته الى بلادنا طربنا أيضاً لاسمه المتحدر من أصل عربي ..
دعونا نتتبع المسيرة الفريدة منذ بدايتها عندما اكتشفت الصحافة الأميركية في ذلك الوقت مجموعة من الكتاب الجادين وهم يتابعون ويبحثون عن المعلومات ويتقصون الحقائق فراحت تنشر تقاريرهم واقتراحاتهم ووثائقهم وتوزعها على مختلف المراسلين ثم تؤيدهم حين يتوجهون الى الكونغرس ليدلوا بشهاداتهم وكان نادر في مقدمتهم، وقد تمكن مع حلفائه من الحزب الديمقراطي بين عامي 1966 – 1973 في إقرار 25 تشريعاً تتعلق بحماية المستهلك مثل قوانين السلامة على الطرق، وأمان السيارات ومراقبة اللحوم والدواجن وسلامة الزيوت والمنتجات الصناعية وضبط تلوث الهواء والماء والبيئة وقد نجحت تلك التشريعات في انقاذ حياة الملايين من الناس بمنع الشركات الكبرى Corporates من الغش والتلاعب بالنوعية والمواصفات، ويذكر الناس الشعار الخطير الذي طرحه نادر بالنسبة لعدم أمان السيارات Unsafe at any speed وهزّ به اركان أكبر صناعة للسيارات في العالم هي الجنرال موتورزG M التي حاولت ابتزازه وتشويه سمعته بأن وضعت في طريقه أمرأة جميله لاغوائه لكن الخطة باءت بالفشل وافتضح أمرها واضطرت الشركة أن تقدم له اعتذاراً علنياً !
وسط حماس شعبي كبير أصبح رالف نادر في تلك الأيام المجيدة رابع أقوى شخصية اميركية بعد الرئيس ريتشارد نيكسون والقاضي Earl Warren والزعيم العمالي George Meany وهنا تنبهتْ لخطورته آلة الكوربوربيت الجهنمية فكلفت محامي الشركات الكبرى المعروف Lewis Powell بدراسة الأمر ووضْع الخطة الشامله لمواجهة ما اعتبرته هجوماً على النظام الاقتصادي الحر، فقدمَ مذكرته الشهيرة التي وصف فيها رالف نادر بالعدو اللدود للشركات وأوصى بأنشاء هيئة الBusiness Round Table التي رصدت أموالاً ضخمة من أجل حشد الجهود لتغيير سياسة الحكومة بالنسبة للتشريعات الآنفة الذكر واعادة تشكيل الرأي العام واستخدام الطرق اللازمة لاسكات صوت أولئك الناشطين المعادين لمصالح الشركات في الجامعات واجهزة الاعلام، وفي نفس الوقت ايصال اكاديميين معروفين بولائهم للشركات الى مواقع اساتذة الاقتصاد في الجامعات أو محللين في اهم الاذاعات ومحطات التلفزيون بعد أن أمكنَ طرد الذين يتهمون الشركات بتجاوز كل الحدود الاخلاقية لتحقيق الأرباح المنفلته، كما تم إنشاء مراكز دراسات وخزانات فكر Think Tanks وتمويلها بسخاء كبير لانتاج (( ايديولوجيات )) ترد على الناشطين وتفندّ آراءهم، كما فُتحت مكاتب قانونية مختصة تتبني مصالح الشركات في المحاكم ولا تتورع عن السعي الخفي لتعيين قضاة متعاطفين معها !
ويمضي كريس هيدجز Chris Hedges في مقاله علىI.C.H. في 5 نيسان الجاري بعنوان (( كيف كسرت الشركات الكبرى رالف نادر .. وأميركا أيضا )) ليصل الى الحديث عن الصحافة فيروي عن رالف نادر قوله (( إن جنرال موتورز وشركات البترول ومصانع الادوية مارست ضغوطاً على هيئات نشر الصحف فمثلاً فرضت Abe Rosenthal من كندا رئيساً لتحرير النيويورك تايمز التي كانت تعاني من اوضاع مالية صعبة فسخرها لخدمة تلك الشركات مقابل الاعلان فيها ! وكان معروفاً بأنه يميني يكره الاشتراكية ويكره التقدميين عموماً وقد صرّح بانه لا يحبني ولا يحب نعوم شومسكي ومنَعَ مقالاتنا !.)).
وبعد .. فان باقي قصة رالف نادر معروفة ونهايتها المحزنة إساءة لسمعة الديمقراطية الاميركية..
هذا المقال لم ينشر في الجريده
29 /4 /2010
مع المعلمين .. ولكن !
د. زيد حمزه
يحتدم الجدل هذه الأيام حول السماح بأنشاء تنظيم يضم المعلمين أسوة بغيرهم من أصحاب المهن الأخرى، وقبل أن أدلى بدلوي وجدت من باب التذكير أن أورد ما كتبته في هذا الشأن قبل ثلاث سنوات (10 /3/2007): (( نعرف الاسباب الكامنة وراء رفض الحكومات المتعاقبة للمطلب المتكرر بانشاء نقابة للمعلمين منذ خمسينات القرن الماضي ومنها على سبيل المثال المخاوف الأمنية والسياسية والحديث عن مضاعفات تربوية محتملة كما نعرف اسباباً مشابهة احاطت بالنقابات العمالية فتم احتواؤها وإضعافها الى درجة أن اتحادها فشل على مدى نصف قرن في ادخال مادة واحدة من سطر واحد على قانون العمل تقضي بتأمين العمال صحياً ! ونعرف مع ذلك أن تلك الحكومات نفسها هي التي سهّلت للمهنيين من الاطباء والمهندسين والمحامين وسواهم أنشاء نقاباتهم لكن بقوانين (( خاصة )) فرضتْ إلزامية العضوية فوفرّت لها وصاية مطلقة على منتسبيها بما يخالف حقوق الانسان، لكن لا أحد ينكر بأنها حققت لاعضائها على الصعيد المهني والمعيشي والوظيفي الشيء الكثير الذي يدفعنا للتساؤل لماذا لا يكون للمعلمين أيضا تنظيمهم ؟ أليس التعليم مهنة ؟ ومن ذا الذي يستطيع الرد بأنهم لا يستحقون أن يكون لهم من يتحدث بأسمهم ويضغط من اجل تحسين ظروف عملهم ومنحهم العلاوات المختلفه التي يحصل عليها المهندسون والاطباء والصيادلة العاملون في الحكومة مثلاً ؟؟ ومن ذا الذي يقول بان المهندس (!) الزراعي الذي يمارس مهنة التعليم أيضاً يتميز على معلم الرياضيات أو الكيمياء مادام كلاهما حاصليْن على الشهادة الجامعية الأولى (البكالوريوس) وبنفس عدد السنوات الدراسية ؟ )) ..
ما كتبته في مقالي القديم هو موقفي المبدئي منذ عشرات السنين التي راكمت فيها خبرةً متواضعة تمكنني اليوم أن اخاطب القائمين على هذا المسعى المشروع لا لكي أدلهم على مخرج ينجيّهم من قرار المجلس العالي لتفسير الدستور بل لكي أسلط الضوء على حقائق ربما فاتهم الاطلاع عليها :
الحقيقة الاولى : في بلاد العالم ليس هناك فرق سواء أكان اسم التنظيم نقابة أم جمعية أم رابطة أم اتحاداً ، الفرق في العمل والاداء وما يحققه هذا التنظيم لاعضائه ..
الحقيقة الثانية: ليس هناك فرق بين أن ينشأ التنظيم بقانون يستند الى مادة في الدستور أو نظام يستند الى مادة في قانون فكل منهما تشريع دستوري يتوجب تطبيقه واحترامه، أما أن النقابات المهنية لها قوانين فذلك (( اختراع خاص )) استند الى الماده 120 من الدستور التي لا علاقة لها بالموضوع ولا ذكر فيها على الاطلاق لكلمة نقابة الموجوده فقط في المادة 23 المخصصه تحديدا للعمال .
الحقيقة الثالثة: المادة الوحيدة ذات العلاقة هي المادة 16 من الدستور، الفقرة 2 (( للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية ))، لذا فان صفة (( الجمعية )) هي التي ينبغي الانطلاق منها لتشكيل أي تجمع للمواطنين من أي نوع كان ..
الحقيقة الرابعه: لا بد من التذكير بأن ماجاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان (المادة 23) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( المادة 8 ) هو الحق المطلق لكل شخص بالاشتراك مع آخرين في تشكيل الجمعيات تحت أي عنوان: نقابة ، اتحاد، رابطة، منظمة .. الخ وحرية الانتساب اليها وبالا يُلزَم احدٌ بالانضمام لها أي ان العضوية في اي جمعية ينبغي أن تظل حرة ، ولهذا الأخير معناه الديمقراطي الاصيل ..
وبعد .. تُرى هل أعلنت النقابات المهنية عن موقف قوي يؤيد المعلمين ؟
29 /4 /2010
مع المعلمين .. ولكن !
د. زيد حمزه
يحتدم الجدل هذه الأيام حول السماح بأنشاء تنظيم يضم المعلمين أسوة بغيرهم من أصحاب المهن الأخرى، وقبل أن أدلى بدلوي وجدت من باب التذكير أن أورد ما كتبته في هذا الشأن قبل ثلاث سنوات (10 /3/2007): (( نعرف الاسباب الكامنة وراء رفض الحكومات المتعاقبة للمطلب المتكرر بانشاء نقابة للمعلمين منذ خمسينات القرن الماضي ومنها على سبيل المثال المخاوف الأمنية والسياسية والحديث عن مضاعفات تربوية محتملة كما نعرف اسباباً مشابهة احاطت بالنقابات العمالية فتم احتواؤها وإضعافها الى درجة أن اتحادها فشل على مدى نصف قرن في ادخال مادة واحدة من سطر واحد على قانون العمل تقضي بتأمين العمال صحياً ! ونعرف مع ذلك أن تلك الحكومات نفسها هي التي سهّلت للمهنيين من الاطباء والمهندسين والمحامين وسواهم أنشاء نقاباتهم لكن بقوانين (( خاصة )) فرضتْ إلزامية العضوية فوفرّت لها وصاية مطلقة على منتسبيها بما يخالف حقوق الانسان، لكن لا أحد ينكر بأنها حققت لاعضائها على الصعيد المهني والمعيشي والوظيفي الشيء الكثير الذي يدفعنا للتساؤل لماذا لا يكون للمعلمين أيضا تنظيمهم ؟ أليس التعليم مهنة ؟ ومن ذا الذي يستطيع الرد بأنهم لا يستحقون أن يكون لهم من يتحدث بأسمهم ويضغط من اجل تحسين ظروف عملهم ومنحهم العلاوات المختلفه التي يحصل عليها المهندسون والاطباء والصيادلة العاملون في الحكومة مثلاً ؟؟ ومن ذا الذي يقول بان المهندس (!) الزراعي الذي يمارس مهنة التعليم أيضاً يتميز على معلم الرياضيات أو الكيمياء مادام كلاهما حاصليْن على الشهادة الجامعية الأولى (البكالوريوس) وبنفس عدد السنوات الدراسية ؟ )) ..
ما كتبته في مقالي القديم هو موقفي المبدئي منذ عشرات السنين التي راكمت فيها خبرةً متواضعة تمكنني اليوم أن اخاطب القائمين على هذا المسعى المشروع لا لكي أدلهم على مخرج ينجيّهم من قرار المجلس العالي لتفسير الدستور بل لكي أسلط الضوء على حقائق ربما فاتهم الاطلاع عليها :
الحقيقة الاولى : في بلاد العالم ليس هناك فرق سواء أكان اسم التنظيم نقابة أم جمعية أم رابطة أم اتحاداً ، الفرق في العمل والاداء وما يحققه هذا التنظيم لاعضائه ..
الحقيقة الثانية: ليس هناك فرق بين أن ينشأ التنظيم بقانون يستند الى مادة في الدستور أو نظام يستند الى مادة في قانون فكل منهما تشريع دستوري يتوجب تطبيقه واحترامه، أما أن النقابات المهنية لها قوانين فذلك (( اختراع خاص )) استند الى الماده 120 من الدستور التي لا علاقة لها بالموضوع ولا ذكر فيها على الاطلاق لكلمة نقابة الموجوده فقط في المادة 23 المخصصه تحديدا للعمال .
الحقيقة الثالثة: المادة الوحيدة ذات العلاقة هي المادة 16 من الدستور، الفقرة 2 (( للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية ))، لذا فان صفة (( الجمعية )) هي التي ينبغي الانطلاق منها لتشكيل أي تجمع للمواطنين من أي نوع كان ..
الحقيقة الرابعه: لا بد من التذكير بأن ماجاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان (المادة 23) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( المادة 8 ) هو الحق المطلق لكل شخص بالاشتراك مع آخرين في تشكيل الجمعيات تحت أي عنوان: نقابة ، اتحاد، رابطة، منظمة .. الخ وحرية الانتساب اليها وبالا يُلزَم احدٌ بالانضمام لها أي ان العضوية في اي جمعية ينبغي أن تظل حرة ، ولهذا الأخير معناه الديمقراطي الاصيل ..
وبعد .. تُرى هل أعلنت النقابات المهنية عن موقف قوي يؤيد المعلمين ؟
17 / 4 / 2010
مشكلة أطباء الصحه .. والحل الغريب !
د . زيد حمزه
دعوني أولاً التقط من بريد صحيفة (( الغد )) 13 /4 /2010 رسالة بسيطة معبرة كتبها طبيب (د.عمر دهيمات) يعلّقُ على قرار وزارة الصحه القاضي بالسماح لاطباء الوزارة بالعمل مدة شهرين في السعودية من أجل تحسين احوالهم المادية ! فيقول عنه: (( إنه حل مؤقت لمشكلة متفاقمه، نشكر وزير الصحه عليها ولكن هذا ليس الجواب، العمل لشهرين وتحصيل 10 الاف دينار ربما يبدو كفرصة ذهبية، ما سيحصل هو أن الاطباء سيتصارعون على الذهاب وعدد منهم سيقدمون استقالاتهم بعد هذه الفرصة، وسيتم التعاقد معهم من وراء الكواليس، وبالطبع سيكونون من ذوي الكفاءة والتخصصات النادرة، وبالتالي ستتفاقم مشكلة نقص الاطباء . الاطباء بحاجة لتحسين جذري في الرواتب والسماح لهم بالعمل مساء في القطاع الخاص وهم داخل البلد وإعطاء حوافز مناسبة للمتميزين منهم وتلك أفضل من حلول مؤقته تهدف لحل مشكلة في السعودية وليس الأردن ! )) ما جاء في هذه الرسالة دفعني لأن أستلّ من الملف مقالا قديماً كتبته بتاريخ 11/12/1997 جاء فيه: (( خلافا لما هو مُتّبع في دول العالم قررت الحكومة الأردنية عام 1965 منع أطباء وزارة الصحة من مزاولة العمل الخاص خارج أوقات الدوام الرسمي فحرمتْهم أولاً من دخل إضافي مشروع حاولتْ دون جدوى ان تعوضهم عنه بعلاوات مختلفة المقادير والمسميات كلفت خزينة الدولة أموالا أصبحت مؤخرا عاجزة عن أدائها ! وحرمَتْ ثانياً غالبية المرضى الفقراء من كفاءات الأطباء الذين راحوا يستقيلون تباعا في سعيهم المشروع من أجل دخلٍ أفضل في القطاع الخاص ، وحرمتْ – ثالثا – الأطباء الجدد من فُرص التدريب المتصل المستمر على أيدي الذين سبقوهم وراكموا الخبرة والتجربة قبلهم ثم استقالوا ..
كانت الحجة المعلنة يومذاك أنهم – أي أطباء الصحة – غير مؤتمنين على وقت الدوام وهم المؤتمنون على أرواح وأعراض الناس وأدق أسرار حياتهم الصحية ! أما السبب غير المعلن فهو درء تذمر أطباء الجيش المحرومين من حق العمل الخاص بقرار قديم من جلوب باشا (( ما غيره )) منذ كانت خدماتهم مقصورة على العسكريين ولم تشمل بعد عائلاتهم !
هذا الموضوع أي نظام التفرغ القسري ما انفككتُ أتحدث عنه وأطالب بتصويبه وكدت – حين كنت مسؤولا – أن انجح في إصلاحه لولا المعارضة الشرسة الخفية من قبل المتعصبين للنظام أو أولئك الذين فشلوا في العمل الخاص فحقدوا عليه والأنكى أن نقابة الاطباء عارضت عمل اطباء الصحة في اوقاتهم الخاصة لأنه يزاحم اطباء القطاع الخاص !. أما ما أثارني للحديث عنه فهو شكّي بان النظام بدأ (( يفرط )) ويجري اختراقه سرا وعلانية لكن دون قرار رسمي بتغييره أو تعديله ، فأطباء الخدمات الطبية أصبحنا نراهم يمارسون العمل جهارا نهارا في بعض المستشفيات الخاصة، وأطباء الجامعة الأردنية أنشئت لهم عيادات خاصة في المستشفى فلماذا يستثنى أطباء الصحة فقط من حق العمل في القطاع الخاص الذي لم يتوقفوا قط عن المطالبة به والذي سوف يستبقيهم في الخدمة دون ان يُحمِّل خزينة الدولة مزيدا من العلاوات وتعقيداتها !؟ .. وبعد .. فالمفارقة التاريخية ان الذي كان وراء فرض ذلك النظام عام 1965 – وليس ذلك بسر – هو نفسه الدكتور عبد السلام المجالي رئيس الوزراء الآن .. وكم هو نبيل وحكيم أن يأتي إلغاؤه أو تعديله على يديه ..)) .
من الواضح أن نظام منع اطباء الصحة من العمل الخاص لم (( يَفْرُطْ )) كما توقعتُ قبل ثلاثة عشر عاماً، أما طريقة الوزارة التي اعلنتْ عنها الاسبوع الماضي لتحسين احوال اطبائها المادية فلا تعليق لي عليها سوى بوصفها بالغريبة كما أنها قد لا تنجح في الاحتفاظ بالكفاءات لخدمة الغالبية العظمى من مرضى القطاع العام وهو الهدف الاساسي لوزارة الصحة الذي لن يتحقق – في تقديري – إلا بالسماح بالعمل الخاص غير المنفلت لاطبائها الذين تنطبق عليهم شروط صارمه حددها مشروع النظام لعام 1986 ..
مشكلة أطباء الصحه .. والحل الغريب !
د . زيد حمزه
دعوني أولاً التقط من بريد صحيفة (( الغد )) 13 /4 /2010 رسالة بسيطة معبرة كتبها طبيب (د.عمر دهيمات) يعلّقُ على قرار وزارة الصحه القاضي بالسماح لاطباء الوزارة بالعمل مدة شهرين في السعودية من أجل تحسين احوالهم المادية ! فيقول عنه: (( إنه حل مؤقت لمشكلة متفاقمه، نشكر وزير الصحه عليها ولكن هذا ليس الجواب، العمل لشهرين وتحصيل 10 الاف دينار ربما يبدو كفرصة ذهبية، ما سيحصل هو أن الاطباء سيتصارعون على الذهاب وعدد منهم سيقدمون استقالاتهم بعد هذه الفرصة، وسيتم التعاقد معهم من وراء الكواليس، وبالطبع سيكونون من ذوي الكفاءة والتخصصات النادرة، وبالتالي ستتفاقم مشكلة نقص الاطباء . الاطباء بحاجة لتحسين جذري في الرواتب والسماح لهم بالعمل مساء في القطاع الخاص وهم داخل البلد وإعطاء حوافز مناسبة للمتميزين منهم وتلك أفضل من حلول مؤقته تهدف لحل مشكلة في السعودية وليس الأردن ! )) ما جاء في هذه الرسالة دفعني لأن أستلّ من الملف مقالا قديماً كتبته بتاريخ 11/12/1997 جاء فيه: (( خلافا لما هو مُتّبع في دول العالم قررت الحكومة الأردنية عام 1965 منع أطباء وزارة الصحة من مزاولة العمل الخاص خارج أوقات الدوام الرسمي فحرمتْهم أولاً من دخل إضافي مشروع حاولتْ دون جدوى ان تعوضهم عنه بعلاوات مختلفة المقادير والمسميات كلفت خزينة الدولة أموالا أصبحت مؤخرا عاجزة عن أدائها ! وحرمَتْ ثانياً غالبية المرضى الفقراء من كفاءات الأطباء الذين راحوا يستقيلون تباعا في سعيهم المشروع من أجل دخلٍ أفضل في القطاع الخاص ، وحرمتْ – ثالثا – الأطباء الجدد من فُرص التدريب المتصل المستمر على أيدي الذين سبقوهم وراكموا الخبرة والتجربة قبلهم ثم استقالوا ..
كانت الحجة المعلنة يومذاك أنهم – أي أطباء الصحة – غير مؤتمنين على وقت الدوام وهم المؤتمنون على أرواح وأعراض الناس وأدق أسرار حياتهم الصحية ! أما السبب غير المعلن فهو درء تذمر أطباء الجيش المحرومين من حق العمل الخاص بقرار قديم من جلوب باشا (( ما غيره )) منذ كانت خدماتهم مقصورة على العسكريين ولم تشمل بعد عائلاتهم !
هذا الموضوع أي نظام التفرغ القسري ما انفككتُ أتحدث عنه وأطالب بتصويبه وكدت – حين كنت مسؤولا – أن انجح في إصلاحه لولا المعارضة الشرسة الخفية من قبل المتعصبين للنظام أو أولئك الذين فشلوا في العمل الخاص فحقدوا عليه والأنكى أن نقابة الاطباء عارضت عمل اطباء الصحة في اوقاتهم الخاصة لأنه يزاحم اطباء القطاع الخاص !. أما ما أثارني للحديث عنه فهو شكّي بان النظام بدأ (( يفرط )) ويجري اختراقه سرا وعلانية لكن دون قرار رسمي بتغييره أو تعديله ، فأطباء الخدمات الطبية أصبحنا نراهم يمارسون العمل جهارا نهارا في بعض المستشفيات الخاصة، وأطباء الجامعة الأردنية أنشئت لهم عيادات خاصة في المستشفى فلماذا يستثنى أطباء الصحة فقط من حق العمل في القطاع الخاص الذي لم يتوقفوا قط عن المطالبة به والذي سوف يستبقيهم في الخدمة دون ان يُحمِّل خزينة الدولة مزيدا من العلاوات وتعقيداتها !؟ .. وبعد .. فالمفارقة التاريخية ان الذي كان وراء فرض ذلك النظام عام 1965 – وليس ذلك بسر – هو نفسه الدكتور عبد السلام المجالي رئيس الوزراء الآن .. وكم هو نبيل وحكيم أن يأتي إلغاؤه أو تعديله على يديه ..)) .
من الواضح أن نظام منع اطباء الصحة من العمل الخاص لم (( يَفْرُطْ )) كما توقعتُ قبل ثلاثة عشر عاماً، أما طريقة الوزارة التي اعلنتْ عنها الاسبوع الماضي لتحسين احوال اطبائها المادية فلا تعليق لي عليها سوى بوصفها بالغريبة كما أنها قد لا تنجح في الاحتفاظ بالكفاءات لخدمة الغالبية العظمى من مرضى القطاع العام وهو الهدف الاساسي لوزارة الصحة الذي لن يتحقق – في تقديري – إلا بالسماح بالعمل الخاص غير المنفلت لاطبائها الذين تنطبق عليهم شروط صارمه حددها مشروع النظام لعام 1986 ..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)