هذا المقال لم ينشر في الجريده
29 /4 /2010
مع المعلمين .. ولكن !
د. زيد حمزه
يحتدم الجدل هذه الأيام حول السماح بأنشاء تنظيم يضم المعلمين أسوة بغيرهم من أصحاب المهن الأخرى، وقبل أن أدلى بدلوي وجدت من باب التذكير أن أورد ما كتبته في هذا الشأن قبل ثلاث سنوات (10 /3/2007): (( نعرف الاسباب الكامنة وراء رفض الحكومات المتعاقبة للمطلب المتكرر بانشاء نقابة للمعلمين منذ خمسينات القرن الماضي ومنها على سبيل المثال المخاوف الأمنية والسياسية والحديث عن مضاعفات تربوية محتملة كما نعرف اسباباً مشابهة احاطت بالنقابات العمالية فتم احتواؤها وإضعافها الى درجة أن اتحادها فشل على مدى نصف قرن في ادخال مادة واحدة من سطر واحد على قانون العمل تقضي بتأمين العمال صحياً ! ونعرف مع ذلك أن تلك الحكومات نفسها هي التي سهّلت للمهنيين من الاطباء والمهندسين والمحامين وسواهم أنشاء نقاباتهم لكن بقوانين (( خاصة )) فرضتْ إلزامية العضوية فوفرّت لها وصاية مطلقة على منتسبيها بما يخالف حقوق الانسان، لكن لا أحد ينكر بأنها حققت لاعضائها على الصعيد المهني والمعيشي والوظيفي الشيء الكثير الذي يدفعنا للتساؤل لماذا لا يكون للمعلمين أيضا تنظيمهم ؟ أليس التعليم مهنة ؟ ومن ذا الذي يستطيع الرد بأنهم لا يستحقون أن يكون لهم من يتحدث بأسمهم ويضغط من اجل تحسين ظروف عملهم ومنحهم العلاوات المختلفه التي يحصل عليها المهندسون والاطباء والصيادلة العاملون في الحكومة مثلاً ؟؟ ومن ذا الذي يقول بان المهندس (!) الزراعي الذي يمارس مهنة التعليم أيضاً يتميز على معلم الرياضيات أو الكيمياء مادام كلاهما حاصليْن على الشهادة الجامعية الأولى (البكالوريوس) وبنفس عدد السنوات الدراسية ؟ )) ..
ما كتبته في مقالي القديم هو موقفي المبدئي منذ عشرات السنين التي راكمت فيها خبرةً متواضعة تمكنني اليوم أن اخاطب القائمين على هذا المسعى المشروع لا لكي أدلهم على مخرج ينجيّهم من قرار المجلس العالي لتفسير الدستور بل لكي أسلط الضوء على حقائق ربما فاتهم الاطلاع عليها :
الحقيقة الاولى : في بلاد العالم ليس هناك فرق سواء أكان اسم التنظيم نقابة أم جمعية أم رابطة أم اتحاداً ، الفرق في العمل والاداء وما يحققه هذا التنظيم لاعضائه ..
الحقيقة الثانية: ليس هناك فرق بين أن ينشأ التنظيم بقانون يستند الى مادة في الدستور أو نظام يستند الى مادة في قانون فكل منهما تشريع دستوري يتوجب تطبيقه واحترامه، أما أن النقابات المهنية لها قوانين فذلك (( اختراع خاص )) استند الى الماده 120 من الدستور التي لا علاقة لها بالموضوع ولا ذكر فيها على الاطلاق لكلمة نقابة الموجوده فقط في المادة 23 المخصصه تحديدا للعمال .
الحقيقة الثالثة: المادة الوحيدة ذات العلاقة هي المادة 16 من الدستور، الفقرة 2 (( للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية ))، لذا فان صفة (( الجمعية )) هي التي ينبغي الانطلاق منها لتشكيل أي تجمع للمواطنين من أي نوع كان ..
الحقيقة الرابعه: لا بد من التذكير بأن ماجاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان (المادة 23) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( المادة 8 ) هو الحق المطلق لكل شخص بالاشتراك مع آخرين في تشكيل الجمعيات تحت أي عنوان: نقابة ، اتحاد، رابطة، منظمة .. الخ وحرية الانتساب اليها وبالا يُلزَم احدٌ بالانضمام لها أي ان العضوية في اي جمعية ينبغي أن تظل حرة ، ولهذا الأخير معناه الديمقراطي الاصيل ..
وبعد .. تُرى هل أعلنت النقابات المهنية عن موقف قوي يؤيد المعلمين ؟
المعلمون لا بواكي َ لهم يا دكتور! :(
ردحذف