17 / 4 / 2010
مشكلة أطباء الصحه .. والحل الغريب !
د . زيد حمزه
دعوني أولاً التقط من بريد صحيفة (( الغد )) 13 /4 /2010 رسالة بسيطة معبرة كتبها طبيب (د.عمر دهيمات) يعلّقُ على قرار وزارة الصحه القاضي بالسماح لاطباء الوزارة بالعمل مدة شهرين في السعودية من أجل تحسين احوالهم المادية ! فيقول عنه: (( إنه حل مؤقت لمشكلة متفاقمه، نشكر وزير الصحه عليها ولكن هذا ليس الجواب، العمل لشهرين وتحصيل 10 الاف دينار ربما يبدو كفرصة ذهبية، ما سيحصل هو أن الاطباء سيتصارعون على الذهاب وعدد منهم سيقدمون استقالاتهم بعد هذه الفرصة، وسيتم التعاقد معهم من وراء الكواليس، وبالطبع سيكونون من ذوي الكفاءة والتخصصات النادرة، وبالتالي ستتفاقم مشكلة نقص الاطباء . الاطباء بحاجة لتحسين جذري في الرواتب والسماح لهم بالعمل مساء في القطاع الخاص وهم داخل البلد وإعطاء حوافز مناسبة للمتميزين منهم وتلك أفضل من حلول مؤقته تهدف لحل مشكلة في السعودية وليس الأردن ! )) ما جاء في هذه الرسالة دفعني لأن أستلّ من الملف مقالا قديماً كتبته بتاريخ 11/12/1997 جاء فيه: (( خلافا لما هو مُتّبع في دول العالم قررت الحكومة الأردنية عام 1965 منع أطباء وزارة الصحة من مزاولة العمل الخاص خارج أوقات الدوام الرسمي فحرمتْهم أولاً من دخل إضافي مشروع حاولتْ دون جدوى ان تعوضهم عنه بعلاوات مختلفة المقادير والمسميات كلفت خزينة الدولة أموالا أصبحت مؤخرا عاجزة عن أدائها ! وحرمَتْ ثانياً غالبية المرضى الفقراء من كفاءات الأطباء الذين راحوا يستقيلون تباعا في سعيهم المشروع من أجل دخلٍ أفضل في القطاع الخاص ، وحرمتْ – ثالثا – الأطباء الجدد من فُرص التدريب المتصل المستمر على أيدي الذين سبقوهم وراكموا الخبرة والتجربة قبلهم ثم استقالوا ..
كانت الحجة المعلنة يومذاك أنهم – أي أطباء الصحة – غير مؤتمنين على وقت الدوام وهم المؤتمنون على أرواح وأعراض الناس وأدق أسرار حياتهم الصحية ! أما السبب غير المعلن فهو درء تذمر أطباء الجيش المحرومين من حق العمل الخاص بقرار قديم من جلوب باشا (( ما غيره )) منذ كانت خدماتهم مقصورة على العسكريين ولم تشمل بعد عائلاتهم !
هذا الموضوع أي نظام التفرغ القسري ما انفككتُ أتحدث عنه وأطالب بتصويبه وكدت – حين كنت مسؤولا – أن انجح في إصلاحه لولا المعارضة الشرسة الخفية من قبل المتعصبين للنظام أو أولئك الذين فشلوا في العمل الخاص فحقدوا عليه والأنكى أن نقابة الاطباء عارضت عمل اطباء الصحة في اوقاتهم الخاصة لأنه يزاحم اطباء القطاع الخاص !. أما ما أثارني للحديث عنه فهو شكّي بان النظام بدأ (( يفرط )) ويجري اختراقه سرا وعلانية لكن دون قرار رسمي بتغييره أو تعديله ، فأطباء الخدمات الطبية أصبحنا نراهم يمارسون العمل جهارا نهارا في بعض المستشفيات الخاصة، وأطباء الجامعة الأردنية أنشئت لهم عيادات خاصة في المستشفى فلماذا يستثنى أطباء الصحة فقط من حق العمل في القطاع الخاص الذي لم يتوقفوا قط عن المطالبة به والذي سوف يستبقيهم في الخدمة دون ان يُحمِّل خزينة الدولة مزيدا من العلاوات وتعقيداتها !؟ .. وبعد .. فالمفارقة التاريخية ان الذي كان وراء فرض ذلك النظام عام 1965 – وليس ذلك بسر – هو نفسه الدكتور عبد السلام المجالي رئيس الوزراء الآن .. وكم هو نبيل وحكيم أن يأتي إلغاؤه أو تعديله على يديه ..)) .
من الواضح أن نظام منع اطباء الصحة من العمل الخاص لم (( يَفْرُطْ )) كما توقعتُ قبل ثلاثة عشر عاماً، أما طريقة الوزارة التي اعلنتْ عنها الاسبوع الماضي لتحسين احوال اطبائها المادية فلا تعليق لي عليها سوى بوصفها بالغريبة كما أنها قد لا تنجح في الاحتفاظ بالكفاءات لخدمة الغالبية العظمى من مرضى القطاع العام وهو الهدف الاساسي لوزارة الصحة الذي لن يتحقق – في تقديري – إلا بالسماح بالعمل الخاص غير المنفلت لاطبائها الذين تنطبق عليهم شروط صارمه حددها مشروع النظام لعام 1986 ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق