الاثنين، 24 مايو 2010

‏17 / 4 / 2010 ‏

مشكلة أطباء الصحه .. والحل الغريب ! ‏
د . زيد حمزه ‏

دعوني أولاً التقط من بريد صحيفة (( الغد )) 13 /4 /2010 رسالة بسيطة معبرة كتبها طبيب ‏‏(د.عمر دهيمات) يعلّقُ على قرار وزارة الصحه القاضي بالسماح لاطباء الوزارة بالعمل مدة شهرين ‏في السعودية من أجل تحسين احوالهم المادية ! فيقول عنه: (( إنه حل مؤقت لمشكلة متفاقمه، نشكر ‏وزير الصحه عليها ولكن هذا ليس الجواب، العمل لشهرين وتحصيل 10 الاف دينار ربما يبدو ‏كفرصة ذهبية، ما سيحصل هو أن الاطباء سيتصارعون على الذهاب وعدد منهم سيقدمون استقالاتهم ‏بعد هذه الفرصة، وسيتم التعاقد معهم من وراء الكواليس، وبالطبع سيكونون من ذوي الكفاءة ‏والتخصصات النادرة، وبالتالي ستتفاقم مشكلة نقص الاطباء . الاطباء بحاجة لتحسين جذري في ‏الرواتب والسماح لهم بالعمل مساء في القطاع الخاص وهم داخل البلد وإعطاء حوافز مناسبة ‏للمتميزين منهم وتلك أفضل من حلول مؤقته تهدف لحل مشكلة في السعودية وليس الأردن ! )) ما ‏جاء في هذه الرسالة دفعني لأن أستلّ من الملف مقالا قديماً كتبته بتاريخ 11/12/1997 جاء فيه: (( ‏خلافا لما هو مُتّبع في دول العالم قررت الحكومة الأردنية عام 1965 منع أطباء وزارة الصحة من ‏مزاولة العمل الخاص خارج أوقات الدوام الرسمي فحرمتْهم أولاً من دخل إضافي مشروع حاولتْ ‏دون جدوى ان تعوضهم عنه بعلاوات مختلفة المقادير والمسميات كلفت خزينة الدولة أموالا أصبحت ‏مؤخرا عاجزة عن أدائها ! وحرمَتْ ثانياً غالبية المرضى الفقراء من كفاءات الأطباء الذين راحوا ‏يستقيلون تباعا في سعيهم المشروع من أجل دخلٍ أفضل في القطاع الخاص ، وحرمتْ – ثالثا – ‏الأطباء الجدد من فُرص التدريب المتصل المستمر على أيدي الذين سبقوهم وراكموا الخبرة والتجربة ‏قبلهم ثم استقالوا .. ‏
كانت الحجة المعلنة يومذاك أنهم – أي أطباء الصحة – غير مؤتمنين على وقت الدوام وهم ‏المؤتمنون على أرواح وأعراض الناس وأدق أسرار حياتهم الصحية ! أما السبب غير المعلن فهو ‏درء تذمر أطباء الجيش المحرومين من حق العمل الخاص بقرار قديم من جلوب باشا (( ما غيره )) ‏منذ كانت خدماتهم مقصورة على العسكريين ولم تشمل بعد عائلاتهم ! ‏
هذا الموضوع أي نظام التفرغ القسري ما انفككتُ أتحدث عنه وأطالب بتصويبه وكدت – ‏حين كنت مسؤولا – أن انجح في إصلاحه لولا المعارضة الشرسة الخفية من قبل المتعصبين للنظام ‏أو أولئك الذين فشلوا في العمل الخاص فحقدوا عليه والأنكى أن نقابة الاطباء عارضت عمل اطباء ‏الصحة في اوقاتهم الخاصة لأنه يزاحم اطباء القطاع الخاص !. أما ما أثارني للحديث عنه فهو شكّي ‏بان النظام بدأ (( يفرط )) ويجري اختراقه سرا وعلانية لكن دون قرار رسمي بتغييره أو تعديله ، ‏فأطباء الخدمات الطبية أصبحنا نراهم يمارسون العمل جهارا نهارا في بعض المستشفيات الخاصة، ‏وأطباء الجامعة الأردنية أنشئت لهم عيادات خاصة في المستشفى فلماذا يستثنى أطباء الصحة فقط من ‏حق العمل في القطاع الخاص الذي لم يتوقفوا قط عن المطالبة به والذي سوف يستبقيهم في الخدمة ‏دون ان يُحمِّل خزينة الدولة مزيدا من العلاوات وتعقيداتها !؟ .. وبعد .. فالمفارقة التاريخية ان الذي ‏كان وراء فرض ذلك النظام عام 1965 – وليس ذلك بسر – هو نفسه الدكتور عبد السلام المجالي ‏رئيس الوزراء الآن .. وكم هو نبيل وحكيم أن يأتي إلغاؤه أو تعديله على يديه ..)) .‏
من الواضح أن نظام منع اطباء الصحة من العمل الخاص لم (( يَفْرُطْ )) كما توقعتُ قبل ثلاثة ‏عشر عاماً، أما طريقة الوزارة التي اعلنتْ عنها الاسبوع الماضي لتحسين احوال اطبائها المادية فلا ‏تعليق لي عليها سوى بوصفها بالغريبة كما أنها قد لا تنجح في الاحتفاظ بالكفاءات لخدمة الغالبية ‏العظمى من مرضى القطاع العام وهو الهدف الاساسي لوزارة الصحة الذي لن يتحقق – في تقديري ‏‏– إلا بالسماح بالعمل الخاص غير المنفلت لاطبائها الذين تنطبق عليهم شروط صارمه حددها مشروع ‏النظام لعام 1986 .. ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق