الاثنين، 24 مايو 2010

‏ 22 /5 /2010 ‏
‏(( لدغة الأفعى ))‏
د. زيد حمزه ‏
‏ ‏
لدغة الافعى ليست عنوان قصة تتحدث عن غدر حبيبة لحبيبها كما كان كثير من الكتاب ‏الذكوريين يتلذذون في وصفهم المهين للمرأة، ولا هي غمز سياسي من جانب دولة تلدغ جاراتها ‏منذ 62 عاماً رغم ترديد مقولة (( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )) ! فالحديث هنا جدّيٌّ وعن ‏اللدغة الحقيقية للافاعي كمشكلة صحية تؤرق منظمة الصحة العالمية وتجعلها تدق ناقوس الخطر ‏إذ جاء في نشرتها الاعلامية في الرابع من شهر أيار الحالي معلومات محدَّثه تقول إن اكثر من ‏‏100 ألف إنسان في العالم تقتلهم لدغات الافاعي سنويا بالاضافة لحوالي 300 ألف آخرين تؤدي ‏بهم سموم الحية الى بتر الطرف الملدوغ أو الى تشوهات جسدية أخرى، أو الى شللٍ في عضلات ‏التنفس يسبب الاختناق أو الى نزيف داخلي شديد، أو تلفٍ في أنسجة الكلى يفضي الى فشلها، ‏والضحايا في العادة اكثرهم من النساء والاطفال والمزارعين الفقراء .. وتعزو منظمة الصحة ‏العالمية ذلك إما لنقص في الامصال المضادة لسم الثعبان أو عدم توفر النوع المنتج خصيصاً ضد ‏عضة الافاعي المعروفة في مناطق معينة، أو للجهل بالارشادات اللازمه لاستعمالها، لذلك ‏تحرص المنظمة على نشر المعلومات المتعلقة بانتاج الامصال وتنظيم حفظها وتوزيعها ومراقبتها ‏ومعلوماتٍ عن أماكن وجود الافاعي السامة وتصف شكلها ولونها لتسهيل التعرف عليها وتحدد ‏الامصال المناسبة لها ومن أين يمكن الحصول عليها أو شراؤها وتُحدّث هذه المعلومات باستمرار ‏على شبكة الانترنت .. وتُقّدر المنظمة عدد الذين يلدغون سنويا بخمسة ملايين، نصفهم بلدغات ‏مسممه تقتل منهم كما ذكرنا 100 ألف شخص .‏
‏ لكن وقبل أن يدب الرعب في قلوبكم متوهمين أن خطر الافاعي محدق بكم، يقتضيني ‏الواجب أن اطمئنكم على الحقائق التالية ومن أهمها أن الرعاية الصحية الأولية التي يعيرها ‏الاردن اهتماما كبيراً قد وفرت الامصال اللازمه مجاناً لحماية المواطنين حتى أن وزارة الصحة ‏كانت تنتج الترياق المضاد لهذه السموم في مؤسسة الامصال والمطاعيم في حرم مستشفى البشير ‏بالاضافة لمطاعيم أخرى لكنها أُغلقت منذ سنوات لعدم جدواها اقتصاديا بعد أن أمكن شراء هذه ‏الامصال من الخارج باسعار منافسه، وهي متوفرة الآن في مستشفيات الوزارة، ومن المتوقع ‏تزويد المراكز الصحية الشاملة بها للاستعمال المستعجل لأن التأخر في إعطائها للملدوغ يهدد ‏حياته . ‏
من الطريف أن نعلم أن وزارة الصحه ظلت الى عهد قريب تشتري المصل من سويسرا ‏ثم تبيّن لها من تجربة اطبائها أن المنتج في ايران هو الاكثر مطابقةً لاحتياجاتنا لان أفاعيها تشبه ‏المتوطنة في بلادنا والسعر ادنى بكثير، وهناك قصتان لكيفية الحصول عليه: الأولى أن الحصار ‏الاقتصادي الذي فرضته أميركا على إيران حرمنا منه فبادرت وزارة الصحة العراقية بتزويدنا به ‏كهدية .. والثانية أن مستودع أدوية اردني يستورده من أيران لكنها تحذره من تسرّبه الى العراق ‏لاستعمال القوات الأميركية الغازية ! ‏
وبعد .. المهم في الأمر أن الرعاية الصحية الأولية مازالت في بلدنا بخير وإلا لتحوَّل ‏إسعاف الملدوغين وإنقاذهم الى (( سلعة )) خاضعة للعرض والطلب حسب الفلسفة الاقتصادية التي ‏يتبناها المروّجون لخصخصة القطاع الطبي العام وليمتْ من لا يملك الثمن ! ‏

هناك تعليق واحد:

  1. و الله أرقام مفزعة! شكرا ً لك يا دكتور.
    قبل أقل من شهر حضرت دورة في الإسعافات الأولية و كان من ضمنها إسعاف اللدغات. ساءني أن معلوماتي غير دقيقة في ذلك.

    ردحذف