22 /5 /2010
(( لدغة الأفعى ))
د. زيد حمزه
لدغة الافعى ليست عنوان قصة تتحدث عن غدر حبيبة لحبيبها كما كان كثير من الكتاب الذكوريين يتلذذون في وصفهم المهين للمرأة، ولا هي غمز سياسي من جانب دولة تلدغ جاراتها منذ 62 عاماً رغم ترديد مقولة (( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )) ! فالحديث هنا جدّيٌّ وعن اللدغة الحقيقية للافاعي كمشكلة صحية تؤرق منظمة الصحة العالمية وتجعلها تدق ناقوس الخطر إذ جاء في نشرتها الاعلامية في الرابع من شهر أيار الحالي معلومات محدَّثه تقول إن اكثر من 100 ألف إنسان في العالم تقتلهم لدغات الافاعي سنويا بالاضافة لحوالي 300 ألف آخرين تؤدي بهم سموم الحية الى بتر الطرف الملدوغ أو الى تشوهات جسدية أخرى، أو الى شللٍ في عضلات التنفس يسبب الاختناق أو الى نزيف داخلي شديد، أو تلفٍ في أنسجة الكلى يفضي الى فشلها، والضحايا في العادة اكثرهم من النساء والاطفال والمزارعين الفقراء .. وتعزو منظمة الصحة العالمية ذلك إما لنقص في الامصال المضادة لسم الثعبان أو عدم توفر النوع المنتج خصيصاً ضد عضة الافاعي المعروفة في مناطق معينة، أو للجهل بالارشادات اللازمه لاستعمالها، لذلك تحرص المنظمة على نشر المعلومات المتعلقة بانتاج الامصال وتنظيم حفظها وتوزيعها ومراقبتها ومعلوماتٍ عن أماكن وجود الافاعي السامة وتصف شكلها ولونها لتسهيل التعرف عليها وتحدد الامصال المناسبة لها ومن أين يمكن الحصول عليها أو شراؤها وتُحدّث هذه المعلومات باستمرار على شبكة الانترنت .. وتُقّدر المنظمة عدد الذين يلدغون سنويا بخمسة ملايين، نصفهم بلدغات مسممه تقتل منهم كما ذكرنا 100 ألف شخص .
لكن وقبل أن يدب الرعب في قلوبكم متوهمين أن خطر الافاعي محدق بكم، يقتضيني الواجب أن اطمئنكم على الحقائق التالية ومن أهمها أن الرعاية الصحية الأولية التي يعيرها الاردن اهتماما كبيراً قد وفرت الامصال اللازمه مجاناً لحماية المواطنين حتى أن وزارة الصحة كانت تنتج الترياق المضاد لهذه السموم في مؤسسة الامصال والمطاعيم في حرم مستشفى البشير بالاضافة لمطاعيم أخرى لكنها أُغلقت منذ سنوات لعدم جدواها اقتصاديا بعد أن أمكن شراء هذه الامصال من الخارج باسعار منافسه، وهي متوفرة الآن في مستشفيات الوزارة، ومن المتوقع تزويد المراكز الصحية الشاملة بها للاستعمال المستعجل لأن التأخر في إعطائها للملدوغ يهدد حياته .
من الطريف أن نعلم أن وزارة الصحه ظلت الى عهد قريب تشتري المصل من سويسرا ثم تبيّن لها من تجربة اطبائها أن المنتج في ايران هو الاكثر مطابقةً لاحتياجاتنا لان أفاعيها تشبه المتوطنة في بلادنا والسعر ادنى بكثير، وهناك قصتان لكيفية الحصول عليه: الأولى أن الحصار الاقتصادي الذي فرضته أميركا على إيران حرمنا منه فبادرت وزارة الصحة العراقية بتزويدنا به كهدية .. والثانية أن مستودع أدوية اردني يستورده من أيران لكنها تحذره من تسرّبه الى العراق لاستعمال القوات الأميركية الغازية !
وبعد .. المهم في الأمر أن الرعاية الصحية الأولية مازالت في بلدنا بخير وإلا لتحوَّل إسعاف الملدوغين وإنقاذهم الى (( سلعة )) خاضعة للعرض والطلب حسب الفلسفة الاقتصادية التي يتبناها المروّجون لخصخصة القطاع الطبي العام وليمتْ من لا يملك الثمن !
و الله أرقام مفزعة! شكرا ً لك يا دكتور.
ردحذفقبل أقل من شهر حضرت دورة في الإسعافات الأولية و كان من ضمنها إسعاف اللدغات. ساءني أن معلوماتي غير دقيقة في ذلك.