6 /5 /2010
اختلاط الدين بالدنيا !
د. زيد حمزه
هل صحيح أن مناقشة الأمور الدينية ينبغي أن تكون مقصورةً على أصحابها فقط ومن هم أصحابها هؤلاء ؟ وهل صحيح أننا ممنوعون من الحديث في القضايا الفقهية الخلافية وعلينا التخلي عن حقنا الطبيعي في التفكير بها لانها من اختصاص العلماء فقط، ومن هم العلماء ؟ ونحن نعلم كم هم مختلفون الآن وكم اختلفوا عبر العصور، ولم يكن اختلافهم كله رحمه بل سبّب لبعضهم العنت وللناس من بعدهم الفرقة ؟..
حتى عهد قريب كنا نتحرج من الحديث في هذه الشؤون على الملأ وكنا نخشى الكتابة فيها خشيتنا من ردود الفعل الممتدة بين اللطيفة والعنيفه ! مع أننا كنا في مجالسنا الخاصة لا نتورع عن الخوض فيها وتبادل الآراء حولها كما نفعل مع كل قضايانا السياسية والاجتماعية والثقافية . التي تمس صميم حياتنا، وكانت مجتمعاتنا منذ ظهور الاسلام تتميز باختلاط الدين بالدنيا في ظل انظمة حكم مدنيّة ليس فيها كهنوت ولا مؤسسات دينية تتحكم في احوال الناس أو تتسلط على عقولهم وقد برز في تلك المجتمعات القديمة مفكرون اجتهدوا في أنواع الفقه المختلفة وكانوا جميعاً بشراً مثلنا قاموا بالدراسة والبحث لكنهم لم يدّعوا العصمة من الخطأ ولم ينزّههم أحد عن الهوى والغرض ..
الدنيا تغيرت والناس أيضاً تغيروا وأصبحوا اكثرَ جرأة حتى لا أقول أقل خوفاً وجبناً، بعدما تراجع المنطق عند أصحاب الأصوات العالية وضعفت الحجج لدى مدّعي امتلاك الحقيقة ومحترفي التسلط الفكري، ومن يتابع هذه الايام ما يجري على الساحة الصحفية من حوار ساخن حول قضايا ثلاث مثارة يختلط فيها الدين بالدنيا يدرك ما أقول فقد كانت تُحسم فيما مضى بمجرد صدور صوت جهة واحدة تخرس كل الاصوات الأخرى واصبحنا نرى اشتباك مختلف الآراء في جدل صحي يشارك فيه عامة الناس ففي الاولى يجري استفتاء (( الغد )) حول زواج القاصرات، وفي الثانية تضطر احدى (( المرجعيات )) الدينية أن تدلي بدلوها بما لا يتفق مع المألوف السائد حول اجهاض الجنين المشوّه خَلقْيا، ايكون قبل أن يبلغ 120 يوما حين تُنفخ فيه (( الروح )) أم بمجرد التقاء الحيوان المنوي والبويضة لتكوين (( الحياة )) ؟ والقضية الثالثه المثارة هي حق المرأة في الخلع مقابل حق الرجل في الطلاق ..
وبعد .. ربما يهم القارئ أن يعرف أين أقف من هذه القضايا لكن الاهم أن يعرف أن اصطفافي قوي لا يتزعزع مع لغة الحوار الصحي واستنكاري لمن يدافع عن وجهة نظره بتخوين اصحاب الرأي المخالف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق