الأربعاء، 17 فبراير 2010

صدر اول كتاب للدكتور

مذكرات زيد حمزة عن أمانة عمّان



عمان- الرأي- بدأت مديرية الثقافة في أمانة عمّان الكبرى إصداراتها الجديدة من الكتب، في ضوء عملية تطوير الشكل والمضمون التي انتهجتها مؤخراً، بإصدار مذكرات د.زيد حمزة، النقابي والكاتب ووزير الصحة الأسبق. يقع الكتاب في 284 صفحة من القطع المتوسط، وتشتمل على عدد وافر من الصور الملونة والوثائق.
صنّفت المذكرات ضمن سلسلة «المذكرات الوطنية»، وهي إحدى الحقول السبعة التي ستتوزع عليها منشورات الأمانة، إلى جانب حقول: الآداب، الفنون، العلوم، التربية والأسرة، الفكر والمجتمع، التاريخ والجغرافيا، حيث سيكون لكل واحد من هذه الحقول لوناً خاصاً من ألوان شعار الأمانة السبعة، فيما تشترك جميع أغلفة الإصدارات بإطار موحد، وقد اتخذت سلسلة المذكرات اللون البني.
وسيتوالى إصدار المذكرات الوطنية للشخصيات ذات الأدوار الاجتماعية خلال الشهور التالية، حيث يتوقع صدور مذكرات كل من رائدة العمل التطوعي هيفاء البشير، الفنان التشكيلي رفيق اللحام، المخرج المسرحي حاتم السيد، قريباً، ووفق آلية نشر المذكرات، يتولى أحد المتخصصين تسجيل المذكرات وتحريرها وإعداها للنشر، حيث قام الكاتب سامر خير، وهو المدير التنفيذي للثقافة في أمانة عمان، بتحرير وإعداد مذكرات زيد حمزة للنشر، فيما يتولى الباحث هاني الحوراني إعداد مذكرات اللحام، والمسرحي غنام غنام تحرير مذكرات السيد. يروي د.حمزة في مذكراته، أحداثاً مهمة من تاريخ الأردن المعاصر في المجالات النقابية والطبية، عايشها بنفسه وكان شاهداً عليها، ويتعرض لما خبره في العمل السياسي خلال قيادته لوزارة الصحة بين عامي 1985 و1989، ثم ترشحه لانتخابات العام 1989، وقيادته لحزب التقدم والعدالة في مطلع التسعينيات، واستقالته منه، فضلاً عن مواصلته الكتابة الصحافية منذ سبعينيات القرن العشرين.
يُشار إلى أن مديرية الثقافة في أمانة عمّان ستصدر قريباً عدداً من الكتب في حلتها الجديدة، منها كتاب التربية «طفلي يشغلني» لخولة مناصرة، والمجموعة الشعرية «مجاز خفيف» لنضال برقان، وستنظم حفلاً لإطلاق سلسلة المذكرات الوطنية وتوقيع مذكرات حمزة، في مكتبة سليمان الموسى المتخصصة بتاريخ الأردن، والتي افتتحتها الأمانة قبل ثلاثة شهور
.

عن العالمة هيباتيا للمرة الثالثة

‏13/2 /2010 ‏
‏ عن العالمة هيباتيا للمرة الثالثة ‏
د. زيد حمزه
‏ ‏
كتبت عنها اول مرة في تسعينات القرن الماضي حين سألتني ابنتي من أقاصي الدنيا ‏‏(بنما) : من هي هيباتيا هذه التي ماتت قبل خمسة عشر قرناً بوخز سمكة شوكية سامه في ‏مياه الشاطئ الاسكندري ؟ ولكي اجيبها بدقه عدت للموسوعة البريطانية فذهلت مما قرأت : ‏لقد كانت عالمة في الرياضيات والفلك والفلسفه في جامعة الاسكندرية ولم تكن تدين بالمسيحية ‏بل كانت من الوثنيين، ولم تمت بوخز سمكة شوكية سامة بل سُحلت وقُتلت بأصداف البحر ‏بطريقة بشعة على يد مسيحيين متعصبين سنة 415 ميلادية . ومن الجدير بالتذكير أن تلك ‏الجامعة العظيمة قد درّس فيها في فترات مختلفه علماء عظام كاقليدس ونيكوماخوس ‏‏(الجرشي أي من جرش الاردنية) وأرخميدس (من صقليه) وبايوس وأبو قراط . ‏
ثم كتبت عن هيباتيا مرة أخرى في العام الماضي (30 /5 /2009 ) ما يلي: مضت ‏سنوات والقصة الحزينة الدامية تنزوي في ركن من مخيلتي ولا تلبث أن تطفو على سطحها ‏بين فينة وأخرى حتى قرأتها من جديد في رواية عزازيل ليوسف زيدان بتفاصيل اكثر ترويعا ‏وأشد ايلاماً على لسان راهب مصري ((... ساعة الفجر فتحتُ عيني منتبهاً أنه يوم الاحد، ‏يعني يوم المحاضرة... سوف ارى هيباتيا... دخلتْ الصالة الفسيحة فوقف لها الجميع بمن ‏فيهم الرجال !.. لما حيتهم وجلسوا رأيتها ترتقي الدرجتين الى المنصة وتقف كالحلم أمام ‏الجمهور ... هيباتيا أمرأة وقورة جميلة بل هي جميلة جداً أو لعلها أجمل أمرأة في ‏الكون ولما تكلمت زاد بهاؤها ألقاً ... ظننت أولا أنني سأسمع محاضرة وثنية جداً ثم عرفت ‏أن الرياضيات لا شأن لها بالوثنية ولا بالايمان ... غير أنني تأكدت من همهمات الخدم الذين ‏يترددون بين المدينة والكنيسه أن كراهية البابا لهيباتيا كانت قد بلغت المدى حتى كان يوم ‏الاحد المشؤوم ففي صبيحة ذاك اليوم خرج البابا كيرولس الى مقصورته ليلقي على الجموع ‏عظته الاسبوعية ، كان بطرس القارئ أول من تحرك نحو الباب ثم تحرك من خلفه الناس ‏جماعات وهم يرددون عباراته الجديده : بعون السماء سوف نطهرّ ارض الرب، انتبهتُ الى ‏ذلك الرجل النحيل طويل الرأس الذي جاء من أقصى الشارع يجري وهو يصيح لبطرس ‏والذين معه : الكافرة ركبتْ عربتها ولا حراس معها، بطرس القارئ انطلق ببدنه الضخم ‏ليلحق بالعربة وهو يصرخ ويصرخ وراءه اتباعه بالفاظ غير مفهومه، قبل أن يصل اليها ‏بامتار وقف فجأة وتلفت فاندفع الى ناحيته احدهم وهو يصيح صيحة هائلة ويخرج من تحت ‏ردائه الكنسي سكيناً طويلا صدئاً، لما التقط بطرس السكين زعق فيها: جئناك يا عاهرة يا ‏عدوة الرب، سحبها من شعرها الى وسط الشارع ومضى يجر ذبيحته ، صارت هيباتيا عارية ‏تماماً ومتكومة حول عريها تماما ثم راحوا يجرونها، وهكذا سحلوا هيباتيا على الارض حتى ‏تسحّج جلدها وتقرّح لحمها، كانت هناك كومة من اصداف البحر، قشّروا بالاصداف جلدها ‏عن لحمها وجروا هيباتيا بعد ما صارت قطعة بل قطعاً من اللحم الاحمر المهترئ . عند بوابة ‏المعبد المهجور بطرف الحي الملكي القوها فوق كومة كبيرة من قطع الخشب بعدما صارت ‏جثة هامدة ، ثم اشعلوا النار )). ‏
في نفس شهر أيار من العام الماضي جاء في الانباء أن المخرج الاسباني اليخاندرو ‏أمينابار قدم في مهرجان كان السينمائي فيلماً باسم (( أغورا )) ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول ‏عبثاً مشاهدته ولو على قرص مدمج حتى حانت الفرصة الحقيقية بعرضه منذ أيام في دار ‏للسينما في عمان حيث عشت مرة أخرى مع مأساة هذه العالمة الفذه التي ظلت حتى أخر يوم ‏في حياتها متشبثة بمواصلة أبحاثها ومن بينها رأيها القائل بكروية الارض رغم اعتراض ‏المتدينين بأنها مسطحة ! أما نهايتها المرعبة ( الثابته تاريخياً ) فقد شاء المخرج أن يحجبها ‏عن عيون المشاهدين نظراً لبشاعتها أو مراعاة لمشاعر بعض المؤمنين واستعاض عنها إيماءاً ‏بأن جعل عاشقها الشاب المسيحي الذي لم يستطع أن يحميها من همجية المسعورين ‏المتربصين بها إلا بأن يضمها ويخنقها كي تموت فلا تحس بآلام الطعن والسحل والتقطيع ..‏
ولعل من أهم ما جاء في الفيلم إضافةً لهذه الجريمة جريمة أخرى تمثلت في حرق ‏مكتبة الاسكندرية أكبر واشهر مكتبة في العالم القديم بناها الملك بطليموس الثالث وكيف ‏حاولت هيباتيا وجماعتها من الوثنيين أن ينقذوا ما أمكن أنقاذه من محتوياتها من اللفائف ‏والكتب والمخطوطات. وللعلم فأن الذين حرقوا المكتبة العظيمة عام 391م هم أنفسهم الذين ‏ارتكبوا جريمة قتل هيباتيا عام 415م ..‏
وبعد .. ما زالت أمثال هذه الجرائم متواصلة بأشكال مختلفة وبفظاعة أشد وانكى ، ‏يرتكبها المتعصبون من كل الاديان والمعتقدات والايديولوجيات .. ضد الآخرين ! ‏

الأحد، 7 فبراير 2010

‏6 /2 /2010 ‏
توني موريسون .. ما أهميتها ؟ ‏
د. زيد حمزه

أنها الكاتبة الافريقية الاميركيةToni Morrison ‎‏ المولودة عام 1931 وأَقْدمُ حاصلةٍ على ‏جائزة نوبل للآداب ما زالت على قيد الحياة والتي اتيحت لي فرصة مشاهدتها على شاشة ‏الكومبيوتر في مقابلة اجرتها معها مندوبة مجلة التايم الاميركية قبل أيام حول كتابها الجديد ‏Mercy‏ فأسرتني أفكارها المفعمة بالحكمة والدالة بوضوح على تجربة طويلة عميقه، ثم ازددت ‏بها انبهاراً حين راحت تتحدث عن العبودية والألم بادٍ على ملامح وجهها لكن بلا غضب أو ‏تحامل وتشرح تاريخها وكيف مارستْها كلُّ الحضارات الكبيرة من دون استثناء ولو باشكال ‏مختلفة منذ أثينا حتى اليوم، لكن الذي ما انفك يحز في نفسها أن ترى العبودية تزداد ظلماً وقهراً ‏حين يصحبها التمييز العنصري، فهي في نظرها عندئذ ليست مجرد شراء وامتلاك العبيد ‏لاستخدامهم في المزارع والاقطاعيات أو سرقة جهد العمال في المصانع والمناجم والاستيلاء في ‏الحالتين على نتاج عرقهم فذلك مستمر – بشكل أو آخر – في ما يسمى الآن اقتصاد السوق، بل ‏هي فوق ذلك تتبدّى بأبشع صور الاذلال للكرامة الانسانية والاعتداء الذي يمارسه عنصر بشري ‏ضد آخر نفسياً كان أو جسديا.. ثم وجدتُ نفسي في النهاية اصغي باهتمام لتوني موريسون وهي ‏توجز بكلام بسيط وبنبرة هادئة وثقة بالنفس كبيرة اجاباتِها على أسئلة تبدو حساسة وشائكه، ففي ‏معرض حديثها عمن تؤيد من السياسيين أو السياسيات ترفض أن تبادر بالانحياز التلقائي من ‏منطلق الجندر لامرأة مرشحة لمنصب ما بل من أيمانها بمواقفها والمبادئ التي تنادي بها، كما لا ‏تسارع للتأييد الأعمى لقائد سياسي من أجل لونه بل حين تحس بادراكها الواعي أنه لا يكذب ولا ‏يزوّر ولا يخفي نواياه الحقيقية وراء الكلمات المعسولة ! ‏
وبعد .. لم أكن لاتحمس للكتابة عن ابداع هذه المرأة السوداء المناضلة لولا أنني بالمقارنة ‏ينتابني القنوط أحيانا بسبب الكم الكبير من الكلام الذي يُهدر في محاضراتٍ وندواتٍ وحوارت ‏نسمع فيها حديثاً خطابياً مكروراً تخفي عباراتُه المبهمة مدى المراوغة عند مناقشة معضلاتنا ‏الحقيقية ومدى الجُبْن في طرح الحلول الحقيقية لها ! لكن قنوطي يتبدد حين اتذكر أن لتوني ‏موريسون في تاريخنا العربي المعاصر شبيهاتٍ من نساء مناضلات رفعْنَ رؤوسنا عاليا في ‏ميادين مختلفه، منها السياسي ضد المستعمرين والمحتلين، ومنها الاجتماعي ضد قوانين القهر ‏التي ابتدعتْها ورعتْها الذكوريةُ المهيمنة منذ قرون، لذلك ولشدة ايماني بقدرات المرأة عموما ‏وفرط تفاؤلي بالمثقفة العربية الحقيقية – قوميا وأنسانياً – فقد بتُّ على يقين أنها سوف تقود جنباً ‏الى جنب مع ((المثقف)) معركة النهوض .. ذات يوم . ‏
zaidhamzeh@orange.jo

الأربعاء، 3 فبراير 2010

‏30 /1 /2010 ‏

هل يجوز تأجيل تنفيذ القانون ؟ ‏
د. زيد حمزه

قبل أيام دعاني صديق لتناول طعام الغداء في احد المطاعم واستجابةً لرغبتي أكد لي أنه ‏حجز طاولة في القاعة التي أعرف أن التدخين محظور فيها منذ زمان طويل ، لكننا فوجئنا عند ‏دخولها باثنين ينفثان دخان السيجار الغليظ وسط اكثر من ثلاثين (( زبونا )) لا يدخنون ! وفي ‏مطعم آخر قبل شهر وجدنا أن التدخين لا يزال مباحاً ولم نلحظ أي استعداد أو تحضير التزاماً ‏بقانون الصحة الجديد رقم 47 لسنة 2008 الذي يحرم في مادته 53 التدخين في الاماكن العامه ‏ومن بينها المطاعم مع أنه طُبق بشكل حازم على مطاعم الوجبات السريعة أما بالنسبة للمطاعم ‏الأخرى فقد جرى (( تأجيله )) ستة أشهر لاعطائها الفرصة لتوفير أماكن معزولة تماماً لاستعمال ‏المدخنين حتى لا يسببوا الأذى والضرر لغير المدخنين وهي الحكمة من هذه المادة تحديداً، ولم ‏يأت التأجيل لأن الوزارة اقتنعت برأي أصحاب المطاعم المبني على الفهم أو الوهم حتى لا نقول ‏الزعم بأن الخسائر المادية التي سوف يتحملونها نتيجة تطبيق القانون سوف تؤثر على دخلهم ‏وعلى الدخل السياحي المرتجى لاقتصاد هذا البلد ! ولقد انقضت المدة ولم (( تكيّف )) المطاعم ‏أوضاعها ، وربما كانت فكرة التأجيل في الأصل رهاناً على تغيّر وزير الصحه وكسب مزيد من ‏‏(( التأجيل )) مع وزير جديد! لذلك شهدنا تأجيلاً آخر وهناك انباء تفيد بأن المطاعم قد (( أعدت )) ‏لوزارة الصحة خطة جديده (!) تقضي بتأجيل تنفيذ القانون لسنوات عديدة قادمه وهو ما لم يحدث ‏في اي بلد طبقت المنع سواء كانت في أميركا أو أوروبا أو من دول الخليج ! ‏
لطالما كررتْ الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين موقفها الداعم لوزارة الصحه خصوصاً ‏بعد تحويل (( نظام )) منع التدخين في الاماكن العامه الى جزء من (( قانون )) الصحة العامه ‏نظراً لاخطاره الشديدة على غير المدخنين، والجمعية بعد تاريخ طويل من عملها الدؤوب في ‏مجال مكافحة التدخين جنباً الى جنب مع وزارة الصحة الحامية الحقيقية لصحة كل المواطنين ‏والمسؤولة الأولى – حسب قانونها – عن جميع الشؤون الصحية في المملكة، ترى نفسها اليوم في ‏موقف تضطر فيه لمصارحتها بأن سياسة التساهل و(( المسايرة )) مع المطاعم في تطبيق القانون ‏لا تخدم صحة المواطنين ولا تتفق مع تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال وهي ‏مثلنا تعرف جيداً أن المنع قد يؤثر لفترة انتقالية وجيزه على دخل تلك المطاعم لكنه على المدى ‏الطويل والدائم سوف يزيد الدخل إذ يشجع غير المدخنين وهم الاكثرية على ارتيادها حين ‏يطمئنون الى خلو اجوائها من سموم دخان السجاير والسيجار والارجيلة .. ‏
وبعد .. فهذا الحديث موجه لوزارة الصحة كي تبادر الى الحزم في تطبيق قانونها لأن ‏المفترض في القوانين حين تصدر أن (( يُعمل بها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية )) وليس ‏بناء على تاريخ يحدده أصحاب المصالح ! ‏

zaidhamzeh@orange.jo