الأربعاء، 3 فبراير 2010

‏30 /1 /2010 ‏

هل يجوز تأجيل تنفيذ القانون ؟ ‏
د. زيد حمزه

قبل أيام دعاني صديق لتناول طعام الغداء في احد المطاعم واستجابةً لرغبتي أكد لي أنه ‏حجز طاولة في القاعة التي أعرف أن التدخين محظور فيها منذ زمان طويل ، لكننا فوجئنا عند ‏دخولها باثنين ينفثان دخان السيجار الغليظ وسط اكثر من ثلاثين (( زبونا )) لا يدخنون ! وفي ‏مطعم آخر قبل شهر وجدنا أن التدخين لا يزال مباحاً ولم نلحظ أي استعداد أو تحضير التزاماً ‏بقانون الصحة الجديد رقم 47 لسنة 2008 الذي يحرم في مادته 53 التدخين في الاماكن العامه ‏ومن بينها المطاعم مع أنه طُبق بشكل حازم على مطاعم الوجبات السريعة أما بالنسبة للمطاعم ‏الأخرى فقد جرى (( تأجيله )) ستة أشهر لاعطائها الفرصة لتوفير أماكن معزولة تماماً لاستعمال ‏المدخنين حتى لا يسببوا الأذى والضرر لغير المدخنين وهي الحكمة من هذه المادة تحديداً، ولم ‏يأت التأجيل لأن الوزارة اقتنعت برأي أصحاب المطاعم المبني على الفهم أو الوهم حتى لا نقول ‏الزعم بأن الخسائر المادية التي سوف يتحملونها نتيجة تطبيق القانون سوف تؤثر على دخلهم ‏وعلى الدخل السياحي المرتجى لاقتصاد هذا البلد ! ولقد انقضت المدة ولم (( تكيّف )) المطاعم ‏أوضاعها ، وربما كانت فكرة التأجيل في الأصل رهاناً على تغيّر وزير الصحه وكسب مزيد من ‏‏(( التأجيل )) مع وزير جديد! لذلك شهدنا تأجيلاً آخر وهناك انباء تفيد بأن المطاعم قد (( أعدت )) ‏لوزارة الصحة خطة جديده (!) تقضي بتأجيل تنفيذ القانون لسنوات عديدة قادمه وهو ما لم يحدث ‏في اي بلد طبقت المنع سواء كانت في أميركا أو أوروبا أو من دول الخليج ! ‏
لطالما كررتْ الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين موقفها الداعم لوزارة الصحه خصوصاً ‏بعد تحويل (( نظام )) منع التدخين في الاماكن العامه الى جزء من (( قانون )) الصحة العامه ‏نظراً لاخطاره الشديدة على غير المدخنين، والجمعية بعد تاريخ طويل من عملها الدؤوب في ‏مجال مكافحة التدخين جنباً الى جنب مع وزارة الصحة الحامية الحقيقية لصحة كل المواطنين ‏والمسؤولة الأولى – حسب قانونها – عن جميع الشؤون الصحية في المملكة، ترى نفسها اليوم في ‏موقف تضطر فيه لمصارحتها بأن سياسة التساهل و(( المسايرة )) مع المطاعم في تطبيق القانون ‏لا تخدم صحة المواطنين ولا تتفق مع تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال وهي ‏مثلنا تعرف جيداً أن المنع قد يؤثر لفترة انتقالية وجيزه على دخل تلك المطاعم لكنه على المدى ‏الطويل والدائم سوف يزيد الدخل إذ يشجع غير المدخنين وهم الاكثرية على ارتيادها حين ‏يطمئنون الى خلو اجوائها من سموم دخان السجاير والسيجار والارجيلة .. ‏
وبعد .. فهذا الحديث موجه لوزارة الصحة كي تبادر الى الحزم في تطبيق قانونها لأن ‏المفترض في القوانين حين تصدر أن (( يُعمل بها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية )) وليس ‏بناء على تاريخ يحدده أصحاب المصالح ! ‏

zaidhamzeh@orange.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق