30 /1 /2010
هل يجوز تأجيل تنفيذ القانون ؟
د. زيد حمزه
قبل أيام دعاني صديق لتناول طعام الغداء في احد المطاعم واستجابةً لرغبتي أكد لي أنه حجز طاولة في القاعة التي أعرف أن التدخين محظور فيها منذ زمان طويل ، لكننا فوجئنا عند دخولها باثنين ينفثان دخان السيجار الغليظ وسط اكثر من ثلاثين (( زبونا )) لا يدخنون ! وفي مطعم آخر قبل شهر وجدنا أن التدخين لا يزال مباحاً ولم نلحظ أي استعداد أو تحضير التزاماً بقانون الصحة الجديد رقم 47 لسنة 2008 الذي يحرم في مادته 53 التدخين في الاماكن العامه ومن بينها المطاعم مع أنه طُبق بشكل حازم على مطاعم الوجبات السريعة أما بالنسبة للمطاعم الأخرى فقد جرى (( تأجيله )) ستة أشهر لاعطائها الفرصة لتوفير أماكن معزولة تماماً لاستعمال المدخنين حتى لا يسببوا الأذى والضرر لغير المدخنين وهي الحكمة من هذه المادة تحديداً، ولم يأت التأجيل لأن الوزارة اقتنعت برأي أصحاب المطاعم المبني على الفهم أو الوهم حتى لا نقول الزعم بأن الخسائر المادية التي سوف يتحملونها نتيجة تطبيق القانون سوف تؤثر على دخلهم وعلى الدخل السياحي المرتجى لاقتصاد هذا البلد ! ولقد انقضت المدة ولم (( تكيّف )) المطاعم أوضاعها ، وربما كانت فكرة التأجيل في الأصل رهاناً على تغيّر وزير الصحه وكسب مزيد من (( التأجيل )) مع وزير جديد! لذلك شهدنا تأجيلاً آخر وهناك انباء تفيد بأن المطاعم قد (( أعدت )) لوزارة الصحة خطة جديده (!) تقضي بتأجيل تنفيذ القانون لسنوات عديدة قادمه وهو ما لم يحدث في اي بلد طبقت المنع سواء كانت في أميركا أو أوروبا أو من دول الخليج !
لطالما كررتْ الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين موقفها الداعم لوزارة الصحه خصوصاً بعد تحويل (( نظام )) منع التدخين في الاماكن العامه الى جزء من (( قانون )) الصحة العامه نظراً لاخطاره الشديدة على غير المدخنين، والجمعية بعد تاريخ طويل من عملها الدؤوب في مجال مكافحة التدخين جنباً الى جنب مع وزارة الصحة الحامية الحقيقية لصحة كل المواطنين والمسؤولة الأولى – حسب قانونها – عن جميع الشؤون الصحية في المملكة، ترى نفسها اليوم في موقف تضطر فيه لمصارحتها بأن سياسة التساهل و(( المسايرة )) مع المطاعم في تطبيق القانون لا تخدم صحة المواطنين ولا تتفق مع تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال وهي مثلنا تعرف جيداً أن المنع قد يؤثر لفترة انتقالية وجيزه على دخل تلك المطاعم لكنه على المدى الطويل والدائم سوف يزيد الدخل إذ يشجع غير المدخنين وهم الاكثرية على ارتيادها حين يطمئنون الى خلو اجوائها من سموم دخان السجاير والسيجار والارجيلة ..
وبعد .. فهذا الحديث موجه لوزارة الصحة كي تبادر الى الحزم في تطبيق قانونها لأن المفترض في القوانين حين تصدر أن (( يُعمل بها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية )) وليس بناء على تاريخ يحدده أصحاب المصالح !
zaidhamzeh@orange.jo
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق