الأحد، 6 مارس 2011

3/7/2010

عربي يهودي أسوة بالعربي المسيحي أو العربي المسلم

نتيجة للدراسات الحديثة لتاريخ المنطقة التي نزلت فيها الاديان السماوية الثلاثة يقترب العالم اكثر فأكثر نحو فهم آخر ليس قائماً على ما ورد في التوراة من قصص وروايات عن قادة وملوك وأنبياء لم يُعثر لهم على آثار حسية وعن احداث وقعت في بقع جغرافية غامضة الحدود والمعالم ومن تقسيمٍ للشعوب على أسس عرقية لم تثبت صحتها ( أبناء سام وأبناء حام مثلا!) فيما لا يشبه قط التاريخ العلمي الدقيق لباقي الحضارات المعاصرة كتلك التي نشأت في مصر أو ما بين النهرين حيث الوقائع وأنماط الحياة والفنون والحروب مسجلة موثقة محفوظة في الآثار ومعروضة في أهم متاحف العالم وتحفل المكتبات في العواصم والمدن الكبرى بآلاف الاسفار والسجلات عنها.. ويعود الفضل في هذا التحول البارز في فهم التاريخ لعدد من المؤرخين الجدد الذين تحلّوْا بالشجاعة فتصدّوْا لما وقر في نفوس الناس على مدى العصور من تصديق أعمى لكل ما فُسِّر لهم من كلام التوراة حتى لو كان حسب الاهواء والمصالح، ومن بين هؤلاء استحوذ المؤرخون الإسرائيليون تحديداً على مزيد من الاحترام والتقدير بعد أن عانوا الأمّريْن وهم يطرحون الحقائق التي توصلوا إليها في أبحاثهم نظراً لتعارضها مع المفاهيم السائدة خصوصاً لدى أولئك اليهود الذين غسلت الصهيونية ادمغتهم في إسرائيل وخارجها، وأُذكّركم هنا على سبيل المثال لا الحصر بإسرائيل شاحاك وشلومو ساند وآرثر كيستلر اليهودي الاشكنازي من هنغاريا والمعتز بأصوله الخزرية.

من الغريب أن بعض المثقفين العرب لا يرحبون كثيراً بالاستنتاج التاريخي الخطير الذي خلص اليه أولئك العلماء الافذاذ والقائل – مع التبسيط الشديد – إن يهود الجزيرة العربية مثلاً هم عرب أقحاح تحولوا بالتبشير من الوثنية الى الديانة اليهودية أي أنهم لم يكونوا قوما مختلفين غرباء وفدوا من مكان آخر! وحين جاءت المسيحية دان بها بعض هؤلاء وآخرون ولما جاء الاسلام أخيرا دانت به الغالبية العظمى، أما يهود فلسطين في ذلك الزمان الغابر فينطبق عليهم نفس الأمر، وعندما ظهر المسيح بينهم تحول كثير منهم الى ديانته، ثم جاء الإسلام فتحوّل له من تحوّل من هؤلاء وسواهم، ومع الوقت تساكَنَ الجميع من أصحاب الديانات الثلاث بشكل أو بآخر في فلسطين ولو أن النسبة الغالبة كانت من المسلمين، لكن بعد قرون عديدة عندما نشأت الحركة الصهيونية سيطر الزعم بالقومية الدينية اليهودية وبأن أصحاب الديانة اليهودية في كل أنحاء العالم أبناء شعب واحد، رغم أن أكثرهم في أوروبا الشرقية هم في الأصل من سكان مملكة الخزر الذين لا علاقة لهم البتة بيهود بلادنا العربية بل خزريون تحولوا في القرن الثامن الميلادي من الوثنية الى الديانة اليهودية بأمر ملكي..

وبعد.. فليس هذا الحديث تمرينا نظرياً ذا علاقة بالدعوة السياسية لحل الدولة الديمقراطية الواحدة بدل حل الدولتين بل هو مجرد استعراض لآراء تاريخية خرجت على المألوف.. مطروحة الآن للتأمل والتفكير!
‏24 /6 /2010 ‏

اضعف الايمان .. مع الاطباء المدخنين ‏
د. زيد حمزه ‏

في ندوة حوارية حول مخاطر التدخين أقامتها جمعية الصحة العامه وجمعية مكافحة ‏التدخين في منتدى نقابة الاطباء قبل اسبوعين قلت: ‏
‏(( لعلنا نغتنم هذه الفرصة في (( بيتنا )) كي نمارس النقد الذاتي ونمر بالعتب على تقصير ‏الجسم الطبي عموماً في مكافحة التدخين كواجب مهني أساسي جرى غض الطرف عنه، فمنذ ‏اصدرت وزارة الصحه نظام منع اضرار التدخين قبل اكثر من ثلاثة عقود وتأسستْ من أجل ‏مساندتها وحملِ هذه المهمة الانسانية معها الجمعيةُ الوطنيةُ لمكافحة التدخين لم أسمع أن نقابة ‏الاطباء أجرت دراسة ميدانية عن مدى انتشار التدخين بين أعضائها وأنعكاس ذلك سلبياً على ‏صحة مرضاهم كما لم أسمع أنها قد قامت بحملة قوية بين الاطباء كي يتوقفوا عن التدخين ‏كسلوك منافٍ لآداب مهنتهم .. وإذا اردنا التوسع في الحديث هنا عن منع التدخين في الأماكن ‏العامه ومن بينها بل في مقدمتها تلك التي يتواجد فيها الاطباء اعضاء هذه النقابة كالعيادات ‏والمستشفيات حيث نخجل حقاً ونحن نرى عدداً كبيراً منهم ينفثون سموم سجايرهم في وجوه ‏مرضاهم بدل أن يكونوا لهم النموذج (( الصحي )) الموحي بالثقة، علما بأن النقابة قادرة بنفوذها ‏‏(( الأدبي )) أن ترشدهم بالحسنى وتؤثر فيهم تأثيراً ايجابيا فتكسب بذلك احترام باقي المواطنين، ‏هذا لو صح العزم وقرر اعضاء مجلس النقابة المدخنون الاقلاع عن هذه العادة الضارة ليكونوا ‏الأسوة الحسنة لزملائهم .. أما الاماكن الأخرى ذات العلاقة والتي يهمنا كثيراً منع التدخين في ‏قاعاتها وردهاتها كمجمع النقابات المهنية في عمان وفي غيرها من مدن المملكة، فقد كنا نتوقع ‏‏– ولا نزال– ان تقود نقابة الاطباء العمل الجاد في تطبيق القانون، فتعلن على الملأ قراراً – بعد ‏أن تقنع به باقي النقابات – يقضي بان يصبح المقر الذي يضمهم هو المجمع الاخضر الخالي من ‏سموم التبغ، حيث يحظر التدخين على اعضائه من أبناء النقابات المهنية وعلى كل مرتاديه من ‏المواطنين .. وسيكون هذا القرار تاريخياً وسنكون فخورين بأن نقابتنا هي التي تبنّته وسوف ‏نعتبره في نفس الوقت خدمة جليلة تسديها النقابات المهنية لكل أبناء المجتمع، وأتمنى من كل قلبي ‏ألا يتأخر اتخاذه حتى لا نسمع ذات يوم آسفين أن (( العقوبات )) القانونية – وبينها الاغلاق لا ‏سمح الله – قد جرى تطبيقها على مجمع له في هذا الوطن مكانة جليلة لكنه ليس فوق ‏القانون! ))..‏
وبعد .. أعرف أن كلامي هذا لم يكن خفيفا على قلوب زملائي من الاطباء المدخنين ‏لكنه - من ناحيتي – أضعف الايمان ! ‏
‏17 /6 /2010 ‏
أقدس من كل المقدسات !‏
د . زيد حمزه

ليس من عادتي أن أكتب عن حدث (( ساخن )) فمقالي اسبوعي تسبقه عشرات المقالات ‏اليومية التي يمكن أن تكون قد ناقشت ذلك الحدث حتى أصبح (( بارداً )) لا يحتمل مزيداً من ‏التعليق، لكن الأمر اختلف قليلا مع ما حدث للمراسلة الصحفية الأميركية هيلين توماس لأجدني ‏اليوم اكتب عنها بعد أن شاهدت على الانترنت شريطاً مصوراً لما فاهت به وأثار عليها غضب ‏الذين اصطادوها لكي تقوله ! ‏
التاريخ : 27/5/2010، المكان : احدى حدائق واشنطن، المشهد: سيدة مسنه (92عاماً) ‏وقد تقاعدت لتوها، تجلس مع اصدقاء على احد المقاعد الخشبية مستمتعةً بالشمس حين اقتحم ‏عليها خصوصيتها بلا موعد مسبق الحاخام ديفيد ناسوناف عضو منظمة التراث اليهودي ‏Jewish Heritage‏ ( واظنها إحدى جماعات اللوبي الاسرائيلي في أميركا ) الذي يعمل صحفياً ‏في البيت الابيض ويعرف أفكارها جيداً وقد باغتها – ومعه كاميرته – بسؤال عن إسرائيل ‏فاجابته وهي تضحك وبحركة تنم عن عدم اكتراث (( لماذا يطردون الناس من أرضهم التي عاشوا ‏فيها لمئات السنين ؟ دعهم يعودون من حيث أتوا )) وبالطبع عرف من تقصد فسألها: أين يذهبون؟ ‏قالت الى بولندا وألمانيا .. وحتى أميركا ! وبعد أن هلّل سعيداً بنجاحه في اقتناصها ثم اصطنع ‏الدهشة من اجابتها قال: اتعرفين تاريخ تلك المنطقة جيداً ؟ أجابت : بكل تأكيد ، فلا تنسَ أن ‏أصلي عربي ! وهنا كانت مصيدته قد أطبقت عليها تماماً .‏
قام الراباي ناسوناف (( بتحرير )) الشريط أو بالاحرى الجزء الذي اقتطعه ولا يزيد عن ‏دقيقة واطلقه من موقعه على الانترنت الى كل أنحاء الدنيا ليثير فوراً مسلسل الارهاب الفكري ‏بالهجوم عليها وتشويه إنجازاتها المهنية التي عرفت بها على مدى ستين عاماً حتى أصبحت ‏عميدة المراسلين الصحفيين في البيت الأبيض . ثم جاء أخيراً الانتقام الذي لم يرحم شيخوختها ‏بحرمانها من حقوقها التقاعدية وسحب بطاقتها الصحفية . ‏
لا أنوي الدفاع عن صحفية كبيرة مثل هيلين توماس جرى استغلال جوابها العابر على ‏سؤال طرح عليها وهي تتشمس في حديقة لا في مقابلة اعلامية جادة فهي أقدر على ذلك سيما ‏وأنها تعلم أكثر من غيرها ألا احد من العرب أنفسهم في هذه الايام يجسر علناً على مطالبة ‏‏(( المهاجرين )) اليهود الذين تدفقوا على فلسطين من اوروبا وسواها وحلوا محل سكانها الاصليين ‏أن يعودوا من حيث أتوا، فقد تغيرّت الدنيا وأصبح أقصى ما يمكن المطالبة به هو (( عودة )) ‏المستوطنين اليهود من الضفة الفلسطينية الى (( وطنهم )) اسرائيل ! ‏
وبعد .. في بلد ديمقراطي يحترم الرأي الآخر ويرعى النقاش الحر في أي موضوع مهما ‏بلغت حساسيته ويتحمل انتقاد الاديان والتشكيك بالمعتقدات ولا يعاقب على الالحاد ولا يعترض ‏على كتب تنسف التاريخ التوراتي من أساسه وتَسخُر من قصص الانبياء على أنها اساطير ويُنتج ‏أفلاماً تسيء لسمعة السيد المسيح وامه مريم العذراء ، نعم .. في هذا البلد نفسه أصبحت إسرائيل ‏فقط أقدس من كل المقدسات ولا يجوز مسُّها .. حتى بكلمة ! ‏‎ ‎‏ ‏
‏12 /6 /2010 ‏

‏.. ويكتب الآخرون تاريخنا ! ‏
د. زيد حمزه ‏

إذ نعترف بأن صعوبة بالغة تواجه من يكتب سيرته الذاتية أو يحاول ذلك ! فأننا ندرك ‏أنها تختلف شدةً من بلد لآخر، ليس فقط حسب نظام الحكم فيه ومدى قربه أو ابتعاده عن ‏الديمقراطية بل حسب قيمه وتقاليده الاجتماعية أيضاً وبما يشمل علاقات الافراد والعائلات ‏والعشائر .. والمذاهب ! وندرك كذلك أن هذه الصعوبة تزداد اكثر فأكثر عند التصدي لكتابة سير ‏الآخرين، فقد تثير صداماً مع من يدّعون أنهم (( أصحاب الحق )) في هذه السير، بدءاً بالاهل ‏الأقربين ومروراً بالأبعدين في العشيرة الكبيرة وإنتهاءً بالدولة نفسها إذا كان صاحب السيرة قد ‏تبوأ مناصب سياسية هامة ولعب دوراً ما في قراراتها المصيرية .. ‏
ومع أن كتابة السيرة مسؤولية جسيمة تتطلب البحث والتقصي مع درجة عالية من ‏الموضوعية فان ذلك لا يشفع لكاتبها عند المعترضين على نهجه والمختلفين معه على استنتاجاته ‏وذلك إما لغرض في أنفسهم أو خدمةً لمصالحهم، أو بسبب غياب ثقافة احترام الرأي الآخر لديهم ‏وهو السائد في مجتمعاتنا عموماً .. ‏
في الذهن أمثلة عديدة بعضها شخصي سأطرحه جانباً وكثير منها عام يستحق الاهتمام ‏لأن له علاقة بتاريخ هذا البلد، وسأقف وقفة قصيرة عند واحد من أكثر الشخصيات الاردنية ‏حضوراً سواء اختلفنا معه أم اتفقنا، ذلكم هو وصفي التل الذي ألّف الوزارة ثلاث مرات ( 1962 ‏و1965 و1970) في نقاط زمنية فاصلة من حياة الاردن على الصعيدين الداخلي والخارجي .. ‏
أعرف أن مقالات كثيرة دُبجّت في صحافتنا منذ مصرعه في تشرين ثاني 1971 لا ‏ترقى لمستوى الدراسة النقديه الرصينة لحياته الحافلة بالمعارك كما أنها – في تقديري – لا ‏تتجاوز المديح العاطفي من قبل محبيه والمعجبين به أو الثناء عليه من قبل المتعصبين لمواقفه ‏وليس بينها ما يعبر عن رأي المخالفين لأفكاره والمنتقدين لسياساته، لكني لا أعرف كتاباً ‏‏(( أردنيا )) أرّخ لوصفي التل يمكن أن يدخل المكتبات المرموقه ويصطف بين كتب السِيَر التي ‏تتحدث عن ساسة كبار تركوا بصمات واضحة في تاريخ بلادهم والرجل بالنسبة للاردن واحد من ‏هؤلاء، ومرة أخرى سواء اتفقنا معه أم اختلفنا .. ‏

ما دفعني لأثارة هذا الموضوع هو ما عثرت عليه بالصدفة من حديث عن وصفي التل ‏في الفصل الثامن من كتاب (( إيفي شلايم )) الاخير (2009) (( إسرائيل وفلسطين )) بناء على ‏معلومات وردت في كتاب ايشر سوسر بعنوان (( على ضفتي الاردن / سيرة سياسية لوصفي ‏التل)) الذي صدر في تل أبيب عام 1983 بالعبرية ثم نشر بالانجليزية في لندن عام 1994 .. ‏
وبعد .. لا أريد أن أعلق على ما قاله ايفي شلايم عن وصفي التل قبل أن أقرأ كتاب ‏سوسر، لكن سؤالاً واحداً يحوم في رأسي ويسبب لي صداعاً، هو: لماذا نرضى أن يكتب ‏الآخرون تاريخنا، ونتهيّب القيام بهذه (( المهمة )) بأنفسنا ؟! ثم نقمع من يتصدى لها من بين ‏ظهرانينا ! ‏
‏5 /6 /2010 ‏
من يقضي بين الناس ؟ ‏
د. زيد حمزه ‏

بقينا منذ طفولتنا مبهورين بصلاح الدين الايوبي وبطولاته الحربية التي وصلت قمتها في ‏تحرير القدس من أيدي الصليبيين ومبهورين كذلك باخلاقه الانسانية الرفيعة حين ارسل طبيبه ‏الخاص لكي يداوي عدوه اللدود ريتشارد قلب الأسد ، ولم نعرف – انا على الاقل – إلا فيما بعد ‏أن أسم ذلك الطبيب هو موسى بن ميمون، ثم في وقت متأخر عرفتُ هويته الدينية فاعتذرت ‏‏– حين كنت في موقع المسؤولية – عن عدم استقبال وفد من (( علماء )) احدى الجامعات ‏الاميركية جاء ليواصل أبحاثه عنه كطبيب ليس لأنهم (حاخامات)، ثم – في وقت لاحق ايضاً – ‏عرفتُ من كتاب اسرائيل شاحاك (( الديانة اليهودية وتاريخ اليهود .. وطأة 3000 عام )) الجانبَ ‏السيء في سيرته حين أصبح صلاح الدين حاكما على مصر وأعطاه الحرية الكاملة في التفرغ ‏لعلومه الدينية، ففي تلك الفترة تحديداً ألفّ ابن ميمون أشد ما في التلمود من فصول التعصب ‏اليهودي ضد الآخرين ( الغوييم ) وضّمنها تعاليم لا إنسانية تناقض الدستور (( الطبي )) المعروف ‏منذ أبوقراط، وإمعانا من صلاح الدين في احترام (( الاقليات )) الدينية من أهل الكتاب وعدم ‏التدخل في شؤونها (( أقطَعَهُ )) يهودَ مصر يتصرف بهم ويسوسهم كيفما شاء جرياً على القاعدة ‏التي أصبحت سائدة في ممالك اوروبا حيث كان اليهود يعيشون معزولين في احيائهم (( الغيتو )) ‏فيفوّض الملك لحاخامهم الاكبر ادارة شؤونهم الدينية وامور معيشتهم ومحاكمَهم ما دام يجمع له ‏الضرائب منهم، وقد اندثر هذا التفويض التمييزي مع نشوء الدساتير الديمقراطية لكن بعض ‏الحكومات لا تزال تتعامل مع مواطنيها حسب اديانهم ! فبالأمس القريب كنت أشاهد على قناة ‏تلفزيونية مصرية رئيس المحكمة الادارية العليا يصدر قراره بالسماح بزواج مواطن قبطيٍّ ‏رفضت الكنيسة تزويجه لأنه مطلَّق وقال القاضي: في مصر قضاء واحد يلجأ له كل المصريين، ‏وليس لأي (( محكمة )) أخرى أن تنقض قرار المحكمة المصرية لكن الكنيسة ردت عليه ومازال ‏الجدل محتدماً ! أما في الاردن فقانون الاحوال الشخصية يشتق كثيراً من مواده من الشريعة ‏الاسلامية ورغم ذلك يمكن – ككل القوانين الأخرى – أن تجري عليه بين الحين والآخر تعديلات ‏تراعي التطور الاجتماعي وتأخذ بعين الاعتبار قبل طرحها على مجلس الأمه آراء الناس ‏ومنظمات المجتمع المدني ونصوص الاتفاقات الدولية مثلما حدث مؤخراً فيما يتعلق بحقوق المرأة ‏والطفل، لكن .. بالنسبة لقوانين الاحوال الشخصية التي تتعامل بها (( مجالس الطوائف الدينية )) ‏المشكلة بموجب المادة 108 من الدستور فيتساءل بعض المواطنين الذين يخضعون لها إن كان ‏يجري تطويرها كغيرها من القوانين حسب ظروف العصر وبما يتفق مع الاعلان العالمي لحقوق ‏الانسان والعهدين الدوليين الصادرين بموجبه واتفاقية سيداو وسواها ! ويتساءلون كيف تطبقها ‏‏(( المحاكم الخاصة )) خارج السلطة القضائية ! أفلا يمكن مثلاً التظلم من احكامها أمام محكمة ‏التمييز والمادة 6 من الدستور تقول: الاردنيون أمام القانون سواء وإن اختلفوا في العرق أو اللغة ‏أو الدين ؟ وهل تتمتع هذه المحاكم بالشفافية وهل قضاتها متخصصون ؟ الخ ؟. ‏
وبعد .. يبقى الدستور هو الموئل والمرجع لهؤلاء المتسائلين .. لكن كيف ؟ ‏
‏ 27 /5 /2010 ‏
ذكريات شبه سياسية
في القدس 1964 ‏
د. زيد حمزه ‏

‏ وأنا استعيد قراءة مقال قديم ليوري أفنيري كتبه قبل عامين (17 /5/2010 ) في نشرة ‏‏(( كتلة السلام )) الاسرائيلية وتحدث فيه باسهاب عن الفساد المالي في اسرائيل تذكرتُ قصةً ذات ‏علاقة رواها صديق مقدسي ( من أصل اردني ) حين كنا في فندقه أثناء انعقاد المؤتمر الطبي ‏الثالث لاتحاد الاطباء العرب في القدس ( الشرقية طبعاً ) في تموز من عام 1964 .. ‏
يتحدث يوري أفنيري عن الميليارديرات اليهود من أميركا واستراليا وسويسرا وكندا ‏والنمسا الذين يفسدون الحياة السياسية في اسرائيل، وكلهم يدّعون أنهم وطنيون يهيمون بحب ‏اسرائيل ومحسنون يتبرعون بسخاء للساسة الاسرائيليين، اليمينيين بالطبع ! ولا حاجة للبحث ‏المعمق لاكتشاف حقيقة هؤلاء المليارديرات الذين صنعوا ثرواتهم المشبوهة في الزوايا المعتمه، ‏فبعضهم من بارونات نوادي القمار والكازينوهات ذات الارتباط بجرائم العنف والغش ‏والاستغلال، وبعضهم ممن اداروا بيوت الدعارة أو مارسوا تهريب المخدرات، وآخرون تاجروا ‏في الأسلحة مع العصابات السياسية التي تزرع الموت والدمار في أفريقيا .. فهل نصدق أنهم حقاً ‏وطنيون وانهم يحبون الخير لاسرائيل ؟ نحن نعرف أنهم في الواقع يريدون غسل ادران سمعتهم ‏السيئة بثمن بخس في إسرائيل التي تمنحهم القاب الشرف ويستقبلهم كبار القوم وتحفر أسماؤهم ‏على مباني الجامعات ! ويمضي يوري أفنيري للقول إن أصحاب المال الفاسد حين ينفقونه على ‏سياسي ما في إسرائيل يعلمون علم اليقين أنهم سيستعيدونه مع فوائده إذ ليس في السياسة تبرع ‏بريء ،ويشير الى أن هناك وقاحات أخرى يرتكبها هؤلاء الاثرياء القادمون من الخارج فحين ‏يتدخلون في انتخاباتنا يقررون – خارج ارادتنا – مصير دولتنا، وعندما يتبرعون لاحدى حروبنا ‏فان أبناءنا – لا أبناءهم – هم من يُقتلون في المعارك، وحينما يستثمرون أموالهم في بناء ‏المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة فانما يضعون العراقيل في طريق السلام وتكون ‏النتيجة أن نبقى نعاني من النزاع المسلح الذي يهدد مستقبلنا لا مستقبلهم ! ‏


وقد استعرض أفنيري اسماء بعض القادة الاسرائيليين الذين طواهم المليارديرات تحت ‏آباطهم وآخرهم ايهود أولميرت الذي كان يتلقى من الملياردير الاميركي موشيه موريس تالانسكي ‏مغلفات محشوة بالدولارات على مدى عدة سنين، ويقول عنه إنه ليس حديث عهد بالفساد فقد ‏مارسه منذ بداية عمله السياسي قبل خمسة واربعين عاماً، بما يتطابق مع القصة التي رواها لي ‏صديقي المقدسي في فندقه أثناء حضوري المؤتمر الطبي العربي عام 1964 وأكّد فيها أنه قام ‏بنفسه برشوة أولميرت للحصول على ترخيص ما من بلدية القدس الغربية حين كان آنذاك مساعداً ‏لرئيسها تيدي كوليك .. ‏
وبعد .. أرجو المعذرة لأن الحديث الجريء ليوري أفنيري عن الفساد في إسرائيل قد ‏غطى على ذكريات عزيزه عن مؤتمر طبي عقدناه ذات يوم في القدس ثم .. انقطع الوصل وفي ‏القلب غصة ؟ ‏