الأحد، 6 مارس 2011

‏12 /6 /2010 ‏

‏.. ويكتب الآخرون تاريخنا ! ‏
د. زيد حمزه ‏

إذ نعترف بأن صعوبة بالغة تواجه من يكتب سيرته الذاتية أو يحاول ذلك ! فأننا ندرك ‏أنها تختلف شدةً من بلد لآخر، ليس فقط حسب نظام الحكم فيه ومدى قربه أو ابتعاده عن ‏الديمقراطية بل حسب قيمه وتقاليده الاجتماعية أيضاً وبما يشمل علاقات الافراد والعائلات ‏والعشائر .. والمذاهب ! وندرك كذلك أن هذه الصعوبة تزداد اكثر فأكثر عند التصدي لكتابة سير ‏الآخرين، فقد تثير صداماً مع من يدّعون أنهم (( أصحاب الحق )) في هذه السير، بدءاً بالاهل ‏الأقربين ومروراً بالأبعدين في العشيرة الكبيرة وإنتهاءً بالدولة نفسها إذا كان صاحب السيرة قد ‏تبوأ مناصب سياسية هامة ولعب دوراً ما في قراراتها المصيرية .. ‏
ومع أن كتابة السيرة مسؤولية جسيمة تتطلب البحث والتقصي مع درجة عالية من ‏الموضوعية فان ذلك لا يشفع لكاتبها عند المعترضين على نهجه والمختلفين معه على استنتاجاته ‏وذلك إما لغرض في أنفسهم أو خدمةً لمصالحهم، أو بسبب غياب ثقافة احترام الرأي الآخر لديهم ‏وهو السائد في مجتمعاتنا عموماً .. ‏
في الذهن أمثلة عديدة بعضها شخصي سأطرحه جانباً وكثير منها عام يستحق الاهتمام ‏لأن له علاقة بتاريخ هذا البلد، وسأقف وقفة قصيرة عند واحد من أكثر الشخصيات الاردنية ‏حضوراً سواء اختلفنا معه أم اتفقنا، ذلكم هو وصفي التل الذي ألّف الوزارة ثلاث مرات ( 1962 ‏و1965 و1970) في نقاط زمنية فاصلة من حياة الاردن على الصعيدين الداخلي والخارجي .. ‏
أعرف أن مقالات كثيرة دُبجّت في صحافتنا منذ مصرعه في تشرين ثاني 1971 لا ‏ترقى لمستوى الدراسة النقديه الرصينة لحياته الحافلة بالمعارك كما أنها – في تقديري – لا ‏تتجاوز المديح العاطفي من قبل محبيه والمعجبين به أو الثناء عليه من قبل المتعصبين لمواقفه ‏وليس بينها ما يعبر عن رأي المخالفين لأفكاره والمنتقدين لسياساته، لكني لا أعرف كتاباً ‏‏(( أردنيا )) أرّخ لوصفي التل يمكن أن يدخل المكتبات المرموقه ويصطف بين كتب السِيَر التي ‏تتحدث عن ساسة كبار تركوا بصمات واضحة في تاريخ بلادهم والرجل بالنسبة للاردن واحد من ‏هؤلاء، ومرة أخرى سواء اتفقنا معه أم اختلفنا .. ‏

ما دفعني لأثارة هذا الموضوع هو ما عثرت عليه بالصدفة من حديث عن وصفي التل ‏في الفصل الثامن من كتاب (( إيفي شلايم )) الاخير (2009) (( إسرائيل وفلسطين )) بناء على ‏معلومات وردت في كتاب ايشر سوسر بعنوان (( على ضفتي الاردن / سيرة سياسية لوصفي ‏التل)) الذي صدر في تل أبيب عام 1983 بالعبرية ثم نشر بالانجليزية في لندن عام 1994 .. ‏
وبعد .. لا أريد أن أعلق على ما قاله ايفي شلايم عن وصفي التل قبل أن أقرأ كتاب ‏سوسر، لكن سؤالاً واحداً يحوم في رأسي ويسبب لي صداعاً، هو: لماذا نرضى أن يكتب ‏الآخرون تاريخنا، ونتهيّب القيام بهذه (( المهمة )) بأنفسنا ؟! ثم نقمع من يتصدى لها من بين ‏ظهرانينا ! ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق