27 /5 /2010
ذكريات شبه سياسية
في القدس 1964
د. زيد حمزه
وأنا استعيد قراءة مقال قديم ليوري أفنيري كتبه قبل عامين (17 /5/2010 ) في نشرة (( كتلة السلام )) الاسرائيلية وتحدث فيه باسهاب عن الفساد المالي في اسرائيل تذكرتُ قصةً ذات علاقة رواها صديق مقدسي ( من أصل اردني ) حين كنا في فندقه أثناء انعقاد المؤتمر الطبي الثالث لاتحاد الاطباء العرب في القدس ( الشرقية طبعاً ) في تموز من عام 1964 ..
يتحدث يوري أفنيري عن الميليارديرات اليهود من أميركا واستراليا وسويسرا وكندا والنمسا الذين يفسدون الحياة السياسية في اسرائيل، وكلهم يدّعون أنهم وطنيون يهيمون بحب اسرائيل ومحسنون يتبرعون بسخاء للساسة الاسرائيليين، اليمينيين بالطبع ! ولا حاجة للبحث المعمق لاكتشاف حقيقة هؤلاء المليارديرات الذين صنعوا ثرواتهم المشبوهة في الزوايا المعتمه، فبعضهم من بارونات نوادي القمار والكازينوهات ذات الارتباط بجرائم العنف والغش والاستغلال، وبعضهم ممن اداروا بيوت الدعارة أو مارسوا تهريب المخدرات، وآخرون تاجروا في الأسلحة مع العصابات السياسية التي تزرع الموت والدمار في أفريقيا .. فهل نصدق أنهم حقاً وطنيون وانهم يحبون الخير لاسرائيل ؟ نحن نعرف أنهم في الواقع يريدون غسل ادران سمعتهم السيئة بثمن بخس في إسرائيل التي تمنحهم القاب الشرف ويستقبلهم كبار القوم وتحفر أسماؤهم على مباني الجامعات ! ويمضي يوري أفنيري للقول إن أصحاب المال الفاسد حين ينفقونه على سياسي ما في إسرائيل يعلمون علم اليقين أنهم سيستعيدونه مع فوائده إذ ليس في السياسة تبرع بريء ،ويشير الى أن هناك وقاحات أخرى يرتكبها هؤلاء الاثرياء القادمون من الخارج فحين يتدخلون في انتخاباتنا يقررون – خارج ارادتنا – مصير دولتنا، وعندما يتبرعون لاحدى حروبنا فان أبناءنا – لا أبناءهم – هم من يُقتلون في المعارك، وحينما يستثمرون أموالهم في بناء المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة فانما يضعون العراقيل في طريق السلام وتكون النتيجة أن نبقى نعاني من النزاع المسلح الذي يهدد مستقبلنا لا مستقبلهم !
وقد استعرض أفنيري اسماء بعض القادة الاسرائيليين الذين طواهم المليارديرات تحت آباطهم وآخرهم ايهود أولميرت الذي كان يتلقى من الملياردير الاميركي موشيه موريس تالانسكي مغلفات محشوة بالدولارات على مدى عدة سنين، ويقول عنه إنه ليس حديث عهد بالفساد فقد مارسه منذ بداية عمله السياسي قبل خمسة واربعين عاماً، بما يتطابق مع القصة التي رواها لي صديقي المقدسي في فندقه أثناء حضوري المؤتمر الطبي العربي عام 1964 وأكّد فيها أنه قام بنفسه برشوة أولميرت للحصول على ترخيص ما من بلدية القدس الغربية حين كان آنذاك مساعداً لرئيسها تيدي كوليك ..
وبعد .. أرجو المعذرة لأن الحديث الجريء ليوري أفنيري عن الفساد في إسرائيل قد غطى على ذكريات عزيزه عن مؤتمر طبي عقدناه ذات يوم في القدس ثم .. انقطع الوصل وفي القلب غصة ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق