الاثنين، 24 مايو 2010

‏ 22 /4 /2010 ‏
هل تذكرون رالف نادر ؟ ‏
د. زيد حمزه ‏

بلغ رالف نادر أوج شهرته في أميركا كناشط اجتماعي اقتصادي سياسي في ستينات ‏القرن الماضي، وكان في عنفوان شبابه حين أسس حركة حماية المستهلك التي انتشرت فكرتها ‏بسرعة مذهلة حتى بلغت العديد من دول العالم، ولما وصل صيته الى بلادنا طربنا أيضاً لاسمه ‏المتحدر من أصل عربي .. ‏
دعونا نتتبع المسيرة الفريدة منذ بدايتها عندما اكتشفت الصحافة الأميركية في ذلك الوقت ‏مجموعة من الكتاب الجادين وهم يتابعون ويبحثون عن المعلومات ويتقصون الحقائق فراحت ‏تنشر تقاريرهم واقتراحاتهم ووثائقهم وتوزعها على مختلف المراسلين ثم تؤيدهم حين يتوجهون ‏الى الكونغرس ليدلوا بشهاداتهم وكان نادر في مقدمتهم، وقد تمكن مع حلفائه من الحزب ‏الديمقراطي بين عامي 1966 – 1973 في إقرار 25 تشريعاً تتعلق بحماية المستهلك مثل قوانين ‏السلامة على الطرق، وأمان السيارات ومراقبة اللحوم والدواجن وسلامة الزيوت والمنتجات ‏الصناعية وضبط تلوث الهواء والماء والبيئة وقد نجحت تلك التشريعات في انقاذ حياة الملايين من ‏الناس بمنع الشركات الكبرى ‏Corporates‏ من الغش والتلاعب بالنوعية والمواصفات، ويذكر ‏الناس الشعار الخطير الذي طرحه نادر بالنسبة لعدم أمان السيارات ‏Unsafe at any speed ‎‏ ‏وهزّ به اركان أكبر صناعة للسيارات في العالم هي الجنرال موتورز‏G M ‎‏ التي حاولت ابتزازه ‏وتشويه سمعته بأن وضعت في طريقه أمرأة جميله لاغوائه لكن الخطة باءت بالفشل وافتضح ‏أمرها واضطرت الشركة أن تقدم له اعتذاراً علنياً !‏
وسط حماس شعبي كبير أصبح رالف نادر في تلك الأيام المجيدة رابع أقوى شخصية ‏اميركية بعد الرئيس ريتشارد نيكسون والقاضي ‏Earl Warren‏ والزعيم العمالي ‏George ‎Meany‏ وهنا تنبهتْ لخطورته آلة الكوربوربيت الجهنمية فكلفت محامي الشركات الكبرى ‏المعروف‎ Lewis Powell ‎بدراسة الأمر ووضْع الخطة الشامله لمواجهة ما اعتبرته هجوماً على ‏النظام الاقتصادي الحر، فقدمَ مذكرته الشهيرة التي وصف فيها رالف نادر بالعدو اللدود للشركات ‏وأوصى بأنشاء هيئة الBusiness Round Table ‎‏ التي رصدت أموالاً ضخمة من أجل حشد ‏الجهود لتغيير سياسة الحكومة بالنسبة للتشريعات الآنفة الذكر واعادة تشكيل الرأي العام واستخدام ‏الطرق اللازمة لاسكات صوت أولئك الناشطين المعادين لمصالح الشركات في الجامعات واجهزة ‏الاعلام، وفي نفس الوقت ايصال اكاديميين معروفين بولائهم للشركات الى مواقع اساتذة الاقتصاد ‏في الجامعات أو محللين في اهم الاذاعات ومحطات التلفزيون بعد أن أمكنَ طرد الذين يتهمون ‏الشركات بتجاوز كل الحدود الاخلاقية لتحقيق الأرباح المنفلته، كما تم إنشاء مراكز دراسات ‏وخزانات فكر ‏Think Tanks‏ وتمويلها بسخاء كبير لانتاج (( ايديولوجيات )) ترد على الناشطين ‏وتفندّ آراءهم، كما فُتحت مكاتب قانونية مختصة تتبني مصالح الشركات في المحاكم ولا تتورع ‏عن السعي الخفي لتعيين قضاة متعاطفين معها ! ‏
ويمضي كريس هيدجز ‏Chris Hedges‏ في مقاله علىI.C.H. ‎‏ في 5 نيسان الجاري ‏بعنوان (( كيف كسرت الشركات الكبرى رالف نادر .. وأميركا أيضا )) ليصل الى الحديث عن ‏الصحافة فيروي عن رالف نادر قوله (( إن جنرال موتورز وشركات البترول ومصانع الادوية ‏مارست ضغوطاً على هيئات نشر الصحف فمثلاً فرضت ‏Abe Rosenthal‏ من كندا رئيساً ‏لتحرير النيويورك تايمز التي كانت تعاني من اوضاع مالية صعبة فسخرها لخدمة تلك الشركات ‏مقابل الاعلان فيها ! وكان معروفاً بأنه يميني يكره الاشتراكية ويكره التقدميين عموماً وقد صرّح ‏بانه لا يحبني ولا يحب نعوم شومسكي ومنَعَ مقالاتنا !.)). ‏
وبعد .. فان باقي قصة رالف نادر معروفة ونهايتها المحزنة إساءة لسمعة الديمقراطية ‏الاميركية.. ‏‎ ‎‏ ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق