22 /4 /2010
هل تذكرون رالف نادر ؟
د. زيد حمزه
بلغ رالف نادر أوج شهرته في أميركا كناشط اجتماعي اقتصادي سياسي في ستينات القرن الماضي، وكان في عنفوان شبابه حين أسس حركة حماية المستهلك التي انتشرت فكرتها بسرعة مذهلة حتى بلغت العديد من دول العالم، ولما وصل صيته الى بلادنا طربنا أيضاً لاسمه المتحدر من أصل عربي ..
دعونا نتتبع المسيرة الفريدة منذ بدايتها عندما اكتشفت الصحافة الأميركية في ذلك الوقت مجموعة من الكتاب الجادين وهم يتابعون ويبحثون عن المعلومات ويتقصون الحقائق فراحت تنشر تقاريرهم واقتراحاتهم ووثائقهم وتوزعها على مختلف المراسلين ثم تؤيدهم حين يتوجهون الى الكونغرس ليدلوا بشهاداتهم وكان نادر في مقدمتهم، وقد تمكن مع حلفائه من الحزب الديمقراطي بين عامي 1966 – 1973 في إقرار 25 تشريعاً تتعلق بحماية المستهلك مثل قوانين السلامة على الطرق، وأمان السيارات ومراقبة اللحوم والدواجن وسلامة الزيوت والمنتجات الصناعية وضبط تلوث الهواء والماء والبيئة وقد نجحت تلك التشريعات في انقاذ حياة الملايين من الناس بمنع الشركات الكبرى Corporates من الغش والتلاعب بالنوعية والمواصفات، ويذكر الناس الشعار الخطير الذي طرحه نادر بالنسبة لعدم أمان السيارات Unsafe at any speed وهزّ به اركان أكبر صناعة للسيارات في العالم هي الجنرال موتورزG M التي حاولت ابتزازه وتشويه سمعته بأن وضعت في طريقه أمرأة جميله لاغوائه لكن الخطة باءت بالفشل وافتضح أمرها واضطرت الشركة أن تقدم له اعتذاراً علنياً !
وسط حماس شعبي كبير أصبح رالف نادر في تلك الأيام المجيدة رابع أقوى شخصية اميركية بعد الرئيس ريتشارد نيكسون والقاضي Earl Warren والزعيم العمالي George Meany وهنا تنبهتْ لخطورته آلة الكوربوربيت الجهنمية فكلفت محامي الشركات الكبرى المعروف Lewis Powell بدراسة الأمر ووضْع الخطة الشامله لمواجهة ما اعتبرته هجوماً على النظام الاقتصادي الحر، فقدمَ مذكرته الشهيرة التي وصف فيها رالف نادر بالعدو اللدود للشركات وأوصى بأنشاء هيئة الBusiness Round Table التي رصدت أموالاً ضخمة من أجل حشد الجهود لتغيير سياسة الحكومة بالنسبة للتشريعات الآنفة الذكر واعادة تشكيل الرأي العام واستخدام الطرق اللازمة لاسكات صوت أولئك الناشطين المعادين لمصالح الشركات في الجامعات واجهزة الاعلام، وفي نفس الوقت ايصال اكاديميين معروفين بولائهم للشركات الى مواقع اساتذة الاقتصاد في الجامعات أو محللين في اهم الاذاعات ومحطات التلفزيون بعد أن أمكنَ طرد الذين يتهمون الشركات بتجاوز كل الحدود الاخلاقية لتحقيق الأرباح المنفلته، كما تم إنشاء مراكز دراسات وخزانات فكر Think Tanks وتمويلها بسخاء كبير لانتاج (( ايديولوجيات )) ترد على الناشطين وتفندّ آراءهم، كما فُتحت مكاتب قانونية مختصة تتبني مصالح الشركات في المحاكم ولا تتورع عن السعي الخفي لتعيين قضاة متعاطفين معها !
ويمضي كريس هيدجز Chris Hedges في مقاله علىI.C.H. في 5 نيسان الجاري بعنوان (( كيف كسرت الشركات الكبرى رالف نادر .. وأميركا أيضا )) ليصل الى الحديث عن الصحافة فيروي عن رالف نادر قوله (( إن جنرال موتورز وشركات البترول ومصانع الادوية مارست ضغوطاً على هيئات نشر الصحف فمثلاً فرضت Abe Rosenthal من كندا رئيساً لتحرير النيويورك تايمز التي كانت تعاني من اوضاع مالية صعبة فسخرها لخدمة تلك الشركات مقابل الاعلان فيها ! وكان معروفاً بأنه يميني يكره الاشتراكية ويكره التقدميين عموماً وقد صرّح بانه لا يحبني ولا يحب نعوم شومسكي ومنَعَ مقالاتنا !.)).
وبعد .. فان باقي قصة رالف نادر معروفة ونهايتها المحزنة إساءة لسمعة الديمقراطية الاميركية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق