19 / 5 /2011
الاخوان المسلمون .. الجدد !
د ز يد حمزه
أدهشني الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح – وهو المرشح المحتمل للاخوان المسلمين في مصر لانتخابات رئاسة الجمهورية – باجاباته البليغه على أسئلة المذيع في قناة دريم المصرية قبل أيام وقد أوضح منذ البداية بأنه لا يوافق على الكثير من الآراء التي دأب الاخوان على طرحها فيما يتعلق بالحجاب واللحى ونوع اللباس وغير ذلك من السلوكيات والمظاهر التي يختلف عليها الناس لكنها لا تدخل في عمق المشاكل الحقيقية التي يعانون منها، واوضح كذلك كيف انتصر رأيه في الفصل التام بين جماعة الاخوان المسلمين (( الدعوية )) والاحزاب التي تشكلت مؤخراً من صلب الحركة الاسلامية لتعمل في الحقل السياسي وعددها ثلاثة واحد منها فقط يحمل اسماً دينياً، وقال إن ذلك جاء بعد تجربة حزب جبهة العمل الاسلامي في الاردن التي وصفها بأنها غير ناجحه لأن الحزب ظل واجهة للجماعة تسيّره كما تشاء ، وكان الدكتور أبو الفتوح اكثر ليونة وتساهلاً في العديد من القضايا التي تعوّدْنا تشدد الاخوان وتزمتهم بشأنها وكرر اكثر من مرة أنه يُطَمْئن المواطنين (الناخبين !) وهو يتقدم بترشيحه ليمثل الجميع مسلمين ومسيحيين لكنه لم يذكر مِلَلاً أو اصحاب عقائد أخرى ! واحتاط كثيرا فلم يهاجم أيا من التيارات السياسية الناشطة في الوقت الحاضر وقال إنها جميعها وطنية تسعى للخدمة العامه بطرق مختلفه ، واختلاف الرأي اجتهاد يرضاه الاسلام ويدعو له ، خاصة بعدما توقف فترة طويلة من الزمن لكن لم يذكر من كان وراء هذا التوقف أو التجميد ! ولعل من أهم ما جاء في كلام الدكتور أبو الفتوح هو رأيه في الدستور وأنه لا يمانع في وصف الدولة بالمدنية (( فهكذا هي الدولة منذ إنشائها في عهد الرسول وحتى يومنا هذا في بلادنا العربية جميعا !)) ولم يكن واضحاً بشأن إلزام الدستور بمرجعية الشريعة الاسلامية بل شدد على الديمقراطية وحق جميع المواطنين من كل الاديان في المساواة والعيش في وئام تحت ظل ظليل من العدالة الاجتماعية والسياسية ..
وفي نفس السياق لكن هذه المرة في الاردن وفي رابطة الكتاب تحدث قبل أيام السيد زكي بني ارشيد احد قادة الاخوان المسلمين – وكنت أستمع له لاول مرة – فقال كلاماً يزخر بالمفاهيم المستنيرة التي تتناسب مع الأجواء التي يعيشها العرب منذ نجاح ثورتي تونس ومصر، وقد أدهشني مثلُ (( أخيه )) أبو الفتوح في مصر بطرحٍ منفتح متقدم وشعرت وكأنني أمام جماعة جديدة ! لكنْ في الحالتين ليست لديّ مع الأسف اوراق مكتوبة تمكنني من الاقتباس بامانة والتعليق بموضوعية، كما فعلتُ قبل شهور (26 /2 /2011) حين رحبت بما جاء في مقال د. رحيل غرايبة ( الرأي 18 /2/2011 ) واعتبرته مؤشراً ايجابيا .
وبعد .. فما لم يُعلَنْ على الملأ برنامجٌ جديدٌ واضح للأخوان المسلمين يتفق صراحةً مع وعي الجماهير في (( ربيع العرب )) وتحفظها الواسع على استخدام الدين في العمل السياسي ومطالبتها بالدولة المدنية التي تساوي بين كل المواطنين على اختلاف اديانهم ومعتقداتهم فان من الصعب الثقة بكلام جميل مفعم بالنوايا الطيبة التي لا احد يضمن صمودها أمام تيار التشدد، أو الاتكاء على تكتيك ذكي قد يقصد به ركوب الموجه وكسب الانتخابات ، لأن الناس لا يستطيعون أن ينسوا دفعةً واحدة تاريخ الاسلام السياسي في قسوته وتطرفه وتعصبه أو أن يتجاوزوا بسهولة السلوكيات المنفرة التي ما زالت تتكرر يومياً على أرض الواقع في دول عديدة تدّعي حكم الشريعة وتبتعد مسافات شاسعة عن روح العصر وعن أبسط حقوق الانسان .. وفي مقدمتها حقوق المرأة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق