السبت، 23 يوليو 2011

‏19 / 5 /2011‏

الاخوان المسلمون .. الجدد !‏
د ز يد حمزه

أدهشني الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح – وهو المرشح المحتمل للاخوان المسلمين في ‏مصر لانتخابات رئاسة الجمهورية – باجاباته البليغه على أسئلة المذيع في قناة دريم المصرية ‏قبل أيام وقد أوضح منذ البداية بأنه لا يوافق على الكثير من الآراء التي دأب الاخوان على ‏طرحها فيما يتعلق بالحجاب واللحى ونوع اللباس وغير ذلك من السلوكيات والمظاهر التي ‏يختلف عليها الناس لكنها لا تدخل في عمق المشاكل الحقيقية التي يعانون منها، واوضح كذلك ‏كيف انتصر رأيه في الفصل التام بين جماعة الاخوان المسلمين (( الدعوية )) والاحزاب التي ‏تشكلت مؤخراً من صلب الحركة الاسلامية لتعمل في الحقل السياسي وعددها ثلاثة واحد منها ‏فقط يحمل اسماً دينياً، وقال إن ذلك جاء بعد تجربة حزب جبهة العمل الاسلامي في الاردن ‏التي وصفها بأنها غير ناجحه لأن الحزب ظل واجهة للجماعة تسيّره كما تشاء ، وكان ‏الدكتور أبو الفتوح اكثر ليونة وتساهلاً في العديد من القضايا التي تعوّدْنا تشدد الاخوان ‏وتزمتهم بشأنها وكرر اكثر من مرة أنه يُطَمْئن المواطنين (الناخبين !) وهو يتقدم بترشيحه ‏ليمثل الجميع مسلمين ومسيحيين لكنه لم يذكر مِلَلاً أو اصحاب عقائد أخرى ! واحتاط كثيرا ‏فلم يهاجم أيا من التيارات السياسية الناشطة في الوقت الحاضر وقال إنها جميعها وطنية تسعى ‏للخدمة العامه بطرق مختلفه ، واختلاف الرأي اجتهاد يرضاه الاسلام ويدعو له ، خاصة ‏بعدما توقف فترة طويلة من الزمن لكن لم يذكر من كان وراء هذا التوقف أو التجميد ! ولعل ‏من أهم ما جاء في كلام الدكتور أبو الفتوح هو رأيه في الدستور وأنه لا يمانع في وصف ‏الدولة بالمدنية (( فهكذا هي الدولة منذ إنشائها في عهد الرسول وحتى يومنا هذا في بلادنا ‏العربية جميعا !)) ولم يكن واضحاً بشأن إلزام الدستور بمرجعية الشريعة الاسلامية بل شدد ‏على الديمقراطية وحق جميع المواطنين من كل الاديان في المساواة والعيش في وئام تحت ‏ظل ظليل من العدالة الاجتماعية والسياسية .. ‏
وفي نفس السياق لكن هذه المرة في الاردن وفي رابطة الكتاب تحدث قبل أيام السيد ‏زكي بني ارشيد احد قادة الاخوان المسلمين – وكنت أستمع له لاول مرة – فقال كلاماً يزخر ‏بالمفاهيم المستنيرة التي تتناسب مع الأجواء التي يعيشها العرب منذ نجاح ثورتي تونس ‏ومصر، وقد أدهشني مثلُ (( أخيه )) أبو الفتوح في مصر بطرحٍ منفتح متقدم وشعرت وكأنني ‏أمام جماعة جديدة ! لكنْ في الحالتين ليست لديّ مع الأسف اوراق مكتوبة تمكنني من ‏الاقتباس بامانة والتعليق بموضوعية، كما فعلتُ قبل شهور (26 /2 /2011) حين رحبت بما ‏جاء في مقال د. رحيل غرايبة ( الرأي 18 /2/2011 ) واعتبرته مؤشراً ايجابيا . ‏
وبعد .. فما لم يُعلَنْ على الملأ برنامجٌ جديدٌ واضح للأخوان المسلمين يتفق صراحةً ‏مع وعي الجماهير في (( ربيع العرب )) وتحفظها الواسع على استخدام الدين في العمل ‏السياسي ومطالبتها بالدولة المدنية التي تساوي بين كل المواطنين على اختلاف اديانهم ‏ومعتقداتهم فان من الصعب الثقة بكلام جميل مفعم بالنوايا الطيبة التي لا احد يضمن صمودها ‏أمام تيار التشدد، أو الاتكاء على تكتيك ذكي قد يقصد به ركوب الموجه وكسب الانتخابات ، ‏لأن الناس لا يستطيعون أن ينسوا دفعةً واحدة تاريخ الاسلام السياسي في قسوته وتطرفه ‏وتعصبه أو أن يتجاوزوا بسهولة السلوكيات المنفرة التي ما زالت تتكرر يومياً على أرض ‏الواقع في دول عديدة تدّعي حكم الشريعة وتبتعد مسافات شاسعة عن روح العصر وعن أبسط ‏حقوق الانسان .. وفي مقدمتها حقوق المرأة ! ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق