السبت، 23 يوليو 2011

‏12 / 5 /2011 ‏

بين الصحة واطبائها، ليس الطريق مسدوداً ؟
د. زيد حمزه

في الاضراب الطويل لاطباء وزارة الصحة لا يبدو الموقف واضحاً لدى الرأي العام الاردني ‏حتى بعد مرور خمسة اسابيع ، فمن ناحيةٍ هناك فئة من موظفي الدولة تسعى لتحسين شروط عملها ‏بزيادة رواتبها وتلقى تأييد الكثيرين وانا واحد منهم لكنْ ضمن فهم محدد شرحته لمجلس النقابة ‏وللوزير ولا يقوم على قاعدة (( أُنصرْ اخاك ظالماً او مظلوماً )) ولا على استدرار شعبوية لم أسعَ ‏لها يوماً، ومن ناحيةٍ أخرى لا تقف الحكومة من هذه القضية موقفاً رافضاً بل متفهماً حتى أنها لا ‏تعترض على حق الاضراب رغم أنه – حسب تفسيرٍ رسمي سابق – مخالفٌ لنظام الخدمة المدنية .. ‏إذن لماذا يستمر الاضراب كل هذه المدة ونحن نعلم أن محادثات جرت بين النقابة والوزارة للوصول ‏الى تسوية يرضى بها الطرفان كما ينتج عادة عن اي مفاوضات مطلبية بين اطراف متنازعه ؟ وتُرى ‏ما هو النظام الخاص الموحد الذي تطالب به النقابة لاطباء وزارة الصحة ؟ وهل يستحقونه وينسجم ‏مع العدالة المالية التي يفترض أن تعم الجميع أم أنه – كما تقول الحكومة – (( يميّزهم )) على باقي ‏موظفي الدولة من اصحاب المهن الأخرى أو سواهم من حملة الشهادات الجامعية المختلفه الذين لهم ‏ايضاً قيمتهم واهميتهم وحاجة المجتمع لخدمتهم وإنْ بدرجات مختلفه ، وتبعا لذلك بدأتْ كثير من ‏النقابات المهنية تتقدم بمطالب مشابهة !؟ وترد النقابة لتبرير مطلبها بأن الدولة أنشأت للقضاة نظاماً ‏خاصاً لكنها – أي النقابة – لم تنتبه الى أن هذا هو الحال في أكثر الدول لأن القضاء سلطة مستقلة ‏عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ، فهل الاطباء سلطة رابعة ؟ ‏
وفي هذا السياق أعلنت الحكومة أن النظام المقترح سيكلف 28 مليون دينار وليس 4 ملايين ‏كما تقول النقابة، كما أنها بصدد أخراج نظام مالي جديد يتمثل في مشروع لاعادة هيكلة الخدمة ‏المدنية يشمل جميع العاملين في اجهزة الدولة ويطبق بعدالة حسب مقياس واحد ليلغي التشوهات ‏القائمة في النظام الحالي ويحسّن مجمل الرواتب في حين سيخفض الرواتب الكبيرة غير المحقه في ‏المؤسسات الخاصة المستقلة التي سيعيدها الى حظيرة النظام المالي أو يلغيها ، وهي أصلاً لم تكن ‏نماذج صالحة حتى تسعى النقابة للاقتداء بها ! ‏
وقبل ايام نشرت الصحف أن الحكومة سوف تسمح لاي موظف حكومي بالعمل في القطاع ‏الخاص خارج الدوام الرسمي وهو مبدأ معمول به منذ تأسيس الامارة وبأذن من مجلس الوزراء ولا ‏اعلم أنه أوقف إلا بالنسبة للاطباء منذ عام 1965 وهم اكثر من كانوا يستخدمونه بين موظفي الدولة ‏‏.. والعودة له الآن سوف تحل جزءاً كبيراً من المشكله القائمة أذا وضع في نظام محدد وبضوابط ‏واضحة تلافياً لإساءة الاستعمال . ‏
وعلى هامش الخلاف القائم يسمع الناس أن هناك غُبناً مزمنا لَحقَ باطباء الصحة يتبدى عند ‏مقارنة رواتبهم برواتب اطباء القوات المسلحة أو أطباء الجامعة لكنهم لم يسمعوا تفسيراً لذلك من ‏حيث ظروف العمل العسكري وطبيعة المهام الأخرى الملقاة على عاتق الطبيب كضابط في الجيش ‏علماً بأن راتب الطبيب العام عند بدء عمله في الخدمات الطبية الملكية هو أقل من راتب زميله في ‏وزارة الصحه الذي يصل لاكثر من 600 دينار شهرياً لكن التفاوت الكبير في الدخل يبرز واضحاً ‏لدى أصحاب الرتب العليا فبالاضافة لحصولهم على حصتهم من الحوافز من دخل المرضى المحولين ‏للمدينة الطبية من خارج القوات المسلحة فهناك امتيازات أخرى وبعثات ومؤتمرات لا يحظى بها ‏طبيب الصحه ، صحيح أن رواتب الاختصاصيين في الصحة قد تصل الى الآلاف شهرياً لكن النقابة ‏ترد بأن معظمها علاوات لا تجدي عند احتساب التقاعد على الراتب الاساسي وهو الضئيل الذي ‏يقترح النظام الخاص رفعه .. أما بالنسبة لاطباء كليات الطب فالتفسير مختلف إذ أنهم من الحاصلين ‏على درجات علمية عالية تؤهلهم – بالاضافة لمعالجة المرضى – للقيام بمهام التعليم والتدريب ، ‏فضلاً عن حصولهم على نسب سخية من دخل مستشفى الجامعة الاردنية أو مستشفى الملك المؤسس ‏في جامعة العلوم والتكنولوجيا المتأتي من الاجور التي يدفعها مرضى القطاع الخاص والأهم والأغزر ‏ما يدفعه صندوق التأمين الصحي لهذين المستشفيين مقابل المرضى الذين يحولهم لهما، وهو ما يزيد ‏من الشعور بالغبن في اوساط أطباء الصحه !‏
وبعد .. فمن غير المقبول أو المعقول لمجرد تمسك كل من طرفي النزاع بموقفه، أن يستمر ‏الاضراب فيتسبب بمعاناة يومية مؤلمه لآلاف المرضى غير القادرين على تحمل نفقات العلاج ‏الباهظة في عيادات ومستشفيات القطاع الخاص ، وأنا على يقين من أن هذا المأزق المأساوي يشكل ‏عبئاً ثقيلاً على ضمائر أطبائنا واعضاء مجلس نقابتنا ، لذلك ادعو الى تعليق الاضراب فوراً والسعي ‏لانجاح الحوار بين الطرفين بادخال طرف ثالث محايد من المحكّمين ذوي الخبرة .. والمعرفة . ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق