16 / 6 /2011
اختلاف الآراء في موضوعة الأسماء !
د . زيد حمزه
عادةً ما يخضع اختيار اسم المولود في مجتمعاتنا، ذكراً أم أنثى ، لجدل عائلي هادئ في جو من السعادة والاستبشار وصاحب العلاقة بالطبع لا يستشار ! لكنه حين يعي بعض حقائق الحياة ومن بينها اسمه ( وقد لا يعجبه ) لا يعلم إن كان يملك حق الاعتراض عليه واستبداله بآخر يليق به، وحين يكبر ويتجرأ على مناقشة اسمه الثلاثي أو الرباعي الذي تفرضه قوانين الاحوال المدنية ويتفهم ضرورته لاغراض التوثيق وأهميته لحفظ الحقوق ويقبل حتى بدواعيه الأمنية فانه ربما يتساءل عن مدى عدالة الطريقة المتبعة ( هنا وفي أكثر الدول ) في اقتصار الاسم الثاني على الوالد وتغييب اسم الوالده تماماً مع أنها – ولا داعي للشرح – الأدقٌ نسباً كي يحمل الوليد اسمها، وقد يتساءل أيضاً لماذا ينتهي الاسم بعائلة الأب لا عائلة الأم وقد تكون أكثر تشريفاً لو كان ذلك هو المقصود، علماً بأن الاسماء في دول أميركا اللاتينية تنتهي باسم عائلة الأم ( بعد أسم عائلة الأب )، وربما يدخل كذلك في الجدل الذي لا ينقطع حول محاسن ومساوئ الانتساب لاسم العشيرة وليس اسم الجد فقط حيث يقال ان أسم العشيرة شرف لا يجوز التخلي عنه رغم أنه قد يمنح صاحبه تميزاً لا يستحقه أو يؤدي الى تمييز ضده بلا ذنب جناه، وكلاهما يتعارض مع اسس دولة القانون والمواطنه، ورغم ما نتغنى به في ديوان العرب من مثل: لا تقل أصلي وفصلي / إنما أصل الفتى ما قد فعل أو: ليس الفتى من قال كان أبي / إن الفتى من قال ها أنذا !
يختلف الناس في الاجابة على هذه التساؤلات أو الاعتراضات فمنهم من يحيلنا الى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1999 لعل فيها ما يسمح له بعد أن يشب عن الطوق (18 سنه) أن يطلب تغيير اسمه ، ومنهم من يذكّرنا بأن بعض الحكومات اضطرت تحت ضغط الأمر الواقع أن تعترف بما يُدعى (( اسم الشهرة )) وأن تَفرد له خانة خاصة في البطاقة الشخصية بالاضافة الى خانة الاسم القانوني ( الثلاثي أو الرباعي )، واسم الشهرة هذا – لمن لا يعلم – قد يكون فقط الاسم الأول إذا كان مركَّبا كمحمد صلاح الدين أبرز وزير خارجية مصري في العهد الملكي وكان اسم اخيه يوسف عز الدين مخرج أول فلم ديني مصري ( فجر الاسلام ) وكالكاتب السياسي الكبير احمد بهاء الدين ، وفي كل هذه الحالات ليس هناك ذكر لاسم الاب أو الجد أو العائله، وقد يختار اسمَ الشهره صاحبُه أو يطلقه عليه اهله تحبُّباً فيشيع أو يناديه به اهل حارته أو قريته أو اقرانه في المدرسة أو الجامعه أو العمل فيصبح مع الوقت اسمه الوحيد المستعمل، ومن الأمثلة نجوم السينما المشهورون: تحية كاريوكا، سعاد حسني، نادية لطفي، عبد الحليم حافظ، عمر الشريف، وكثير من المصريين لا يستعملون إلا اسمهم الأول مضافاً له اسم الاب كالزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي لم يستعمل قط اسم جده حسين ولا ادّعى باسم عائلة كبيره وسعد زغلول ليست عشيرته الزغاليل، وكذا طه حسين واحمد شوقي وحافظ ابراهيم، كما يكثر في مصر الانتساب لاسم المدينة أو القرية أو المحافظه كالشرقاوي والطنطاوي والقناوي والاسواني والبهجوري والابنودي واصحاب كل منها لا تجمعهم بالضرورة أي قرابة .
وما دامت (( سيره وانفتحت )) فالحديث عن (( موضوعة )) التسمية والأسماء لا بد أن يتطرق للظلم الذي يحيق بالمرأة بعد زواجها حين تفقد اسم أبيها وعائلته وتتبع اسم زوجها وعائلته طبقاً للقاعدة السائدة في كثير من دول العالم خاصة الغربية منها، لكننا في الاردن تمردنا عليها منذ سنوات وأعدنا للزوجة في البطاقة الشخصية اسمها الاصلي واسم أبيها وعائلته ولا ذكر قط لاسم الزوج !
وبعد .. فعلى السطح يبدو الأمر قليل الأهمية وهو في العمق ذو قيمة أنسانية تستحق الطرح والبحث، لكن وحتى لا يتشعب بنا الحديث فندخل (( مناطق )) اجتماعية أكثر حساسية فاننا – في مساحة المقال – نكتفي بهذا القدر من اختلاف الآراء حول الأسماء لعله يثير التأمل والتفكير لا الغضب والتعكير !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق