السبت، 23 يوليو 2011

‏16 / 6 /2011‏
اختلاف الآراء في موضوعة الأسماء !‏
د . زيد حمزه ‏

عادةً ما يخضع اختيار اسم المولود في مجتمعاتنا، ذكراً أم أنثى ، لجدل عائلي هادئ ‏في جو من السعادة والاستبشار وصاحب العلاقة بالطبع لا يستشار ! لكنه حين يعي بعض ‏حقائق الحياة ومن بينها اسمه ( وقد لا يعجبه ) لا يعلم إن كان يملك حق الاعتراض عليه ‏واستبداله بآخر يليق به، وحين يكبر ويتجرأ على مناقشة اسمه الثلاثي أو الرباعي الذي ‏تفرضه قوانين الاحوال المدنية ويتفهم ضرورته لاغراض التوثيق وأهميته لحفظ الحقوق ‏ويقبل حتى بدواعيه الأمنية فانه ربما يتساءل عن مدى عدالة الطريقة المتبعة ( هنا وفي أكثر ‏الدول ) في اقتصار الاسم الثاني على الوالد وتغييب اسم الوالده تماماً مع أنها – ولا داعي ‏للشرح – الأدقٌ نسباً كي يحمل الوليد اسمها، وقد يتساءل أيضاً لماذا ينتهي الاسم بعائلة الأب ‏لا عائلة الأم وقد تكون أكثر تشريفاً لو كان ذلك هو المقصود، علماً بأن الاسماء في دول ‏أميركا اللاتينية تنتهي باسم عائلة الأم ( بعد أسم عائلة الأب )، وربما يدخل كذلك في الجدل ‏الذي لا ينقطع حول محاسن ومساوئ الانتساب لاسم العشيرة وليس اسم الجد فقط حيث يقال ‏ان أسم العشيرة شرف لا يجوز التخلي عنه رغم أنه قد يمنح صاحبه تميزاً لا يستحقه أو ‏يؤدي الى تمييز ضده بلا ذنب جناه، وكلاهما يتعارض مع اسس دولة القانون والمواطنه، ‏ورغم ما نتغنى به في ديوان العرب من مثل: لا تقل أصلي وفصلي / إنما أصل الفتى ما قد ‏فعل أو: ليس الفتى من قال كان أبي / إن الفتى من قال ها أنذا ! ‏
يختلف الناس في الاجابة على هذه التساؤلات أو الاعتراضات فمنهم من يحيلنا الى ‏الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1999 لعل فيها ما يسمح له بعد أن يشب عن الطوق (18 ‏سنه) أن يطلب تغيير اسمه ، ومنهم من يذكّرنا بأن بعض الحكومات اضطرت تحت ضغط ‏الأمر الواقع أن تعترف بما يُدعى (( اسم الشهرة )) وأن تَفرد له خانة خاصة في البطاقة ‏الشخصية بالاضافة الى خانة الاسم القانوني ( الثلاثي أو الرباعي )، واسم الشهرة هذا – لمن ‏لا يعلم – قد يكون فقط الاسم الأول إذا كان مركَّبا كمحمد صلاح الدين أبرز وزير خارجية ‏مصري في العهد الملكي وكان اسم اخيه يوسف عز الدين مخرج أول فلم ديني مصري ‏‏( فجر الاسلام ) وكالكاتب السياسي الكبير احمد بهاء الدين ، وفي كل هذه الحالات ليس هناك ‏ذكر لاسم الاب أو الجد أو العائله، وقد يختار اسمَ الشهره صاحبُه أو يطلقه عليه اهله تحبُّباً ‏فيشيع أو يناديه به اهل حارته أو قريته أو اقرانه في المدرسة أو الجامعه أو العمل فيصبح مع ‏الوقت اسمه الوحيد المستعمل، ومن الأمثلة نجوم السينما المشهورون: تحية كاريوكا، سعاد ‏حسني، نادية لطفي، عبد الحليم حافظ، عمر الشريف، وكثير من المصريين لا يستعملون إلا ‏اسمهم الأول مضافاً له اسم الاب كالزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي لم يستعمل قط ‏اسم جده حسين ولا ادّعى باسم عائلة كبيره وسعد زغلول ليست عشيرته الزغاليل، وكذا طه ‏حسين واحمد شوقي وحافظ ابراهيم، كما يكثر في مصر الانتساب لاسم المدينة أو القرية أو ‏المحافظه كالشرقاوي والطنطاوي والقناوي والاسواني والبهجوري والابنودي واصحاب كل ‏منها لا تجمعهم بالضرورة أي قرابة .‏
وما دامت (( سيره وانفتحت )) فالحديث عن (( موضوعة )) التسمية والأسماء لا بد أن ‏يتطرق للظلم الذي يحيق بالمرأة بعد زواجها حين تفقد اسم أبيها وعائلته وتتبع اسم زوجها ‏وعائلته طبقاً للقاعدة السائدة في كثير من دول العالم خاصة الغربية منها، لكننا في الاردن ‏تمردنا عليها منذ سنوات وأعدنا للزوجة في البطاقة الشخصية اسمها الاصلي واسم أبيها ‏وعائلته ولا ذكر قط لاسم الزوج ! ‏
وبعد .. فعلى السطح يبدو الأمر قليل الأهمية وهو في العمق ذو قيمة أنسانية تستحق ‏الطرح والبحث، لكن وحتى لا يتشعب بنا الحديث فندخل (( مناطق )) اجتماعية أكثر حساسية ‏فاننا – في مساحة المقال – نكتفي بهذا القدر من اختلاف الآراء حول الأسماء لعله يثير التأمل ‏والتفكير لا الغضب والتعكير ! ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق