السبت، 23 يوليو 2011

‏26 /5 /2011‏
الاساتذه .. قادمون ! ‏
د . زيد حمزه ‏

لا يكفي أن أقول للقراء من الاجيال الجديدة أن أُولى نوافذ الاعلام التي انفتحت أمام ‏جيلنا كانت الصحف المصرية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، فتلك (( أيام لها ‏تاريخ )) على حد تعبير أحمد بهاء الدين في عنوان احد كتبه القليلة العظيمة ، حيث العالم بعد ‏الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية والفاشية يضطرم باشواق الشعوب المتطلعة ‏للحرية والاستقلال، ومن القاهرة يهب علينا نسيم الفكر السياسي محمولاً على مجلات وجرائد ‏تتحدث عن الحياة الحزبية والانتخابات البرلمانية وتطفح بمقالات حماسية تطالب برحيل ‏الاستعمار البريطاني وبجلاء قواته عن قناة السويس وتفضح فساد صفقات الاسلحه في حرب ‏اغتصاب فلسطين، ويتجرأ كتابٌ شبابٌ يكسرون حواجز الخوف ويواجهون سلطة مستبدة ‏حاملين ألوية التغيير متعاونين سراً مع الضباط الاحرار وصولا الى ثورة يوليو 1952، ومن ‏بينهم احسان عبد القدوس واحمد بهاء الدين وعبد الرحمن الخميسي وعبد الرحمن الشرقاوي ‏وصلاح حافظ ويوسف إدريس وكامل زهيري وفتحي غانم وخالد محمد خالد، يكتبون في ‏‏(( روز اليوسف ))، وفي (( المصري )) (صحيفة حزب الوفد ذي الشعبية الواسعه) ويزحزحون ‏عن مواقعهم كتابا كباراً كفكري أباظة ومحمد عبد القادر المازني ومصطفى امين واحمد ‏الصاوي محمد ومحمد التابعي كانوا قد ازمنوا في صحف (( المصور )) و(( اخبار اليوم )) ‏و(( آخر ساعه )) . ‏
حتى احتواها السادات في السبعينات بقيت الصحف المصرية محتفظةً بمستوى مهني ‏جيد وقدرات فنية متقدمه، لكنْ وحدها (( روز اليوسف )) استطاعت بصعوبة ولفترة محدودة أن ‏تتمسك ببقية من هويتها المتفرده ومذاقها المختلف، لا بمن صمد من محرريها الشجعان فحسب ‏بل كذلك بالمبدعين من رسامي الكاريكاتير السياسي الذين واصلوا السير على خطى الاوائل ‏أمثال عبد السميع وزهدي وصلاح جاهين ومن بعدهم رجائي والبهجوري واللباد والليثي ‏وحجازي والقائمة تطول .. ‏
ثم .. لا يلبث الاعلام المصري أن يدخل في نفق معتم طويل ويصبح الصحفيون ‏مجرد أحجار شطرنج ينقلها بين المؤسسات الصحفية على هواه رجلٌ واحد لم يتزحزح عن ‏مواقع المسؤولية لاربعة عقود منذ نجح أول مرة في التقاط صور سرية ابتزازية لسياسيٍّ مع ‏امرأة ! فهبطت الى الحضيض صحافة سُميت (( قومية )) وما هي في حقيقة الأمر إلا حكومية ‏مأمورة تنضح نفاقاً وخداعاً .. أما التلفزيون الرسمي وبعد أن كانت له الريادة على مستوى ‏الوطن العربي فقد راح يتراجع ويخبو بريقه ويلوّثه الفساد حتى أنبلج فجر الثورة في 25 يناير ‏فإذا بالمواهب التي أُحبطت وقُمعت ومنُعت ردحا من الزمن تقفز الى المشهد المضيء فيبهرنا ‏اصحابها من مذيعين ومحاورين مثل يسري فوده ومنى الشاذلي ووائل الابراشي وعمرو ‏الليثي وأبراهيم عيسى وريم ماجد وبلال فضل واحمد المسلماني وحسن فوده وأماني الخياط ‏وجابر القرموطي والكبير دائماً حمدي قنديل ونتسمر أمامهم لساعات طويلة نتأمل باحترام ‏واعجاب قدراتهم ومهنّتيهم وجرأتهم وأدبهم الجم ونتمنى لو تواضع بعض اعلاميينا وانتسبوا ‏لمدرستهم ! .. ‏
وبعد .. ألم أقل منذ العنوان .. الاساتذه قادمون ؟ ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق