2 /6 /2011
... وألمانيا راجعه !
د. زيد حمزه
العنوان الكامل لهذا المقال (( نحن ذاهبون الى المحطات النووية وألمانيا راجعه ! )) فقد جاء في (( الرأي )) 31 /5 /2011 : قررت المانيا امس اغلاق اخر مفاعلاتها النووية العام 2022 اثر الكارثة النووية في فوكوشيما، لتصبح بذلك اول قوة صناعية تتخلى عن الطاقة النووية، فقد توافق اعضاء الائتلاف الحكومي على وقف تشغيل القسم الاكبر من المفاعلات الالمانية ال 17 بحلول نهاية العام 2021 ... واوضح وزير البيئة الالماني نوربرت روتغن ان المفاعلات الثلاثة الاحدث ستستمر في العمل فقط حتى نهاية العام 2022 مؤكدا ألا عودة عن هذا القرار ... وصرحت ميركل للصحافيين ان (( نظامنا لتامين الطاقة ينبغي ان يتغير جذريا ونحن نستطيع القيام بذلك )). وقالت رئيسة الحزب كلاوديا روث (( لا ينبغي فقط معرفة كيفية الاستغناء عن النووي بل باي وتيرة وباي طموح يمكن خوض مجال الطاقات المتجددة )) واعلن مناهضو الطاقة النووية الذين استمروا في التظاهر خلال الاشهر الاخيرة، نيتهم التظاهر مجددا في نهاية الاسبوع. وشارك في اخر تظاهرة 160 الف شخص في عشرين مدينة المانية .
وهكذا فقد كانت كارثة فوكوشيما في اليابان القشة التي قصمت ظهر البعير في حسم الجدل حول الطاقة النووية وعززت الاقتناع بأنها بديل غير آمن لا بل شديد الخطر والضرر وبدات كثير من الدول وفي مقدمتها اليابان باعادة النظر في مشاريعها القائمة للتخلص منها وبالتوقف عن بناء مفاعلات جديدة .. اما في الاردن فلا يلوح في الافق أن هيئة الطاقة الذرية تتجاوب مع هذا الفهم العالمي ولا تستمع للاحتجاجات التي صدرت هنا عن جمعيات البيئة ولا تقرأ انتقادات كتاب واختصاصيين عديدين ولا تهتم بالاعتراضات المعبّره عن فزع حقيقي لدى سكان محافظة المفرق حيث تقرر نقل المشروع الى اراضيها بعد أن بينت دراسة الجدوى التي قيل انها كلفت 14 مليون دولار أن إنشاءها في منطقة العقبة غير آمن لأنها تقع ضمن حفرة الانهدام المعرّضه للهزات الارضية ، وليتها (أي الهيئه) شهدت – كما شهد آلاف الاردنيين المارين من الدوار الرابع وكنت واحدا منهم – الاعتصام الذي قام به الثلاثاء الماضي المئات من الناشطين البيئيين تتقدمهم الاميرة بسمة بنت علي أمام رئاسة الوزراء مستنكرين أنشاء المفاعل النووي في الاردن ومطالبين بالتوجّه نحو الطاقة المتجدده الآمنه .
ومن الغريب، في هذا الوقت بالذات حيث ألمانيا واليابان ودول عديدة في العالم تراجع مواقفها من الطاقة النووية، أن يتحدث الباحث اللبناني الدكتور محمود نصر الدين مستشار الامين العام لجامعة الدول العربية للشؤون العلمية ( وكأن العرب راضون عن انجازات الجامعة في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولم يبق سوى الشؤون العلمية حتى يكتمل الرضا !) في محاضرة له بمنتدى شومان الثقافي (الاثنين 30 /5 /2011) فيؤيد السير قدماً في إنشاء المفاعلات النووية في الدول العربية ويقلل من اهمية ما حدث في شيرنوبيل وفوكوشيما ويعتبرهما حادثين عاديين لا يختلفان كثيراً عن حوادث السيارات والقطارات (كذا !) ويحاول تهميش البدائل النظيفة الرخيصه كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما أن المثير للريبة والشك أن يتحول بناء المفاعلات النووية من الدول المتقدمة الى المتخلفه بلا اعتبارٍ مما حدث وبلا احترام لحياة وصحة البشر بل بتواطؤٍ غير خفي مع كبريات الشركات العالمية التي تحقق من وراء ذلك أرباحاً طائلة !
وبعد .. فالى متى يبقى المسؤولون عن هذه المشاريع يديرون ظهورهم للرأي العام بحجة أنهم وحدهم الذين يفهمون في الطاقة وهم وحدهم الحريصون على مستقبل الوطن !؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق