الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

((المولات)) أمجرد دلالة على ما وراءها !؟ 26/10/2014


 ليس من الضروري أن تكون عالم اقتصاد لكي تدرك أن هذا العدد الكبير من((المولات)) الضخمة الفخمة في عمان والتي تضاهي ارقى مثيلاتها في عواصم اوروبا وأميركا لا يمكن أن ينشأ في بلد ما إلا باستثمارات ضخمة، ولستَ بحاجة الى أن تكون باحثا اجتماعياً لكي تكتشف أن روادها الذين يملأون ردهاتها ومطاعمها ومقاهيها ومحلاتها التجارية وينفقون فيها من الاموال مالا تستطيع ان تحصيه، ليسوا هم الاكثرية الغالبة من السكان بل جزء من الأقلية، ولستَ مضطراً لأن تسأل منظّراً اشتراكيا لكي يفسر لك أن المولات استثمارات توظف آلاف المواطنين فتحل جزءً من مشكلة البطالة لكنه لا يستطيع ان يؤكد لك أنها تحد من الفقر! ولستَ مطالباً من بين كل الناس أن تشغل نفسك بالتفكير في هذه المولات وكيف يمكن أن تعتبر وسيلة إنتاج وطني وهي في حقيقتها ليست مشاريع صناعية بل وسيلة تجارية ترسّخ ثقافة الاستهلاك التي لا تبني اقتصاداً حقيقياً !
ومع ذلك كله فانت إذا كنت مراقباً حصيفا وغيوراً على مصلحة وطنك فانك بحاجة الى التأمل في هذه المولات وماذا يمكن ان تعني في الواقع، وان تطرح بدافع الشك الذي هو محور البحث عن الحقيقية اسئلة ذات دلالات مالية واقتصادية واجتماعية وربما سياسية مثل: ترى ماذا حدث لمئات الدكاكين الصغيرة التي كانت تشكل اسواق المدينة في الحارات والجبال والضواحي؟ الم تغلق ابوابها أمام المنافسة العملاقة الجديدة المتمثلة في المولات؟ ماذا حدث لاصحابها وزبائنها ؟ ترى في اي شيء يشبه هؤلاء الذين يؤمونها أولئك الذين لا يعرفون الطريق اليها ؟ هل يلبسون مثل ما يلبسون؟ هل يأكلون ويشترون كما يفعل الآخرون؟ والأعمق من ذلك هل يفكر الفريقان – رغم البون العددي الشاسع بينهما – بنفس الاسلوب في شؤون الحياة والدين والسياسة والوطن وداعش وحماس ونتائج الغزوة الاسرائيلية الاخيرة على غزة ؟! هل يتابعون احداث بلدهم ومنطقتهم في الصحف باهتمام أم أن الاعلانات هي الجاذب الأول لهم ؟ هل يقرأون روايات اردنية لهاشم غرايبة مثلاً أو عربية ليوسف زيدان أو المغترب أمين معلوف ؟ قد يقال إن في بعض هذه الاسئلة استفزازاً لمشاعر الذين لا ((يملكون)) وكأن استفزازهم يمكن ان يتم بمثل هذه الكلمات العابرة ؟! أو يقال إن في مضامينها تملقا لعواطفهم ((المنهكة)) الجاهزة للاصطياد وهم الذين يعرفون عن اوضاعهم وعن ظروفهم اكثر بكثير مما تطرح هذه الاسئلة !

وبعد .. فليست عمان وحدها هي التي ((تتمتع)) بمثل هذه المرحلة من التقدم التجاري البرّاق، فمدن أخرى كثيرة مرت وتمر بها لكن من واجبنا أن نطرح الأسئلة حولها لكي نفسح لعقولنا حرية التفكير في المرحلة التالية التي قد لا تشبها قط ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق