الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

هل هو في مصلحة اليهود؟ سؤال قيد البحث ! 15 /9 /2014

أصبح معروفا أن اسرائيل لم تكن يوماً بحاجة الى مبرر جدي لاي عدوان تقوم به ضد غزة أو سواها، فهي قادرة على اختراع الذرائع واصطناع الاسباب وخلق الظروف التي تجعل مواطنيها اليهود اولاً والرأي العام اليهودي في جميع انحاء العالم ثانيا في حالة هي خليط من الدهشة والصدمة والانبهار والاستلاب العقلي الى درجة السقوط في حومة السؤال البسيط الخبيث: هل هو في مصلحة اليهود ؟       Is it good for the Jews ?    وحين ((يتنزل)) عليهم الجواب العاجل الجاهز رغم سطحيته ((نعم)) يصدقون وتهدأ نفوسهم فتمضي ((دولة)) اسرائيل في غيها لا تلوي على شيء ! وربما كانت بدايات سيكولوجية الرضى والقبول قد تجذرت عندهم بعمق منذ استخدمت الحركة الصهيونية ((بعبع)) معاداة السامية قبل الهولوكوست بزمان طويل ونجحت في تجميع كل يهود العالم حولها من اجل هدف واحد هو إنشاء دولة خاصة بهم تنهي الى الابد حالة الهوان والعذاب التي عاشوها عبر القرون، ثم اتسع استعمال هذا السؤال ليتكرر على لسان كل يهودي في مواجهة أي قرار تصدره حكومة ما أو موقف تقفه هيئة من الهيئات له مساس باسرائيل ولعل الابرز ما كان في الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها .
لورانس دافيدسون Lawrence Davidson استاذ التاريخ المتقاعد من جامعة وست تشستر في بانسلفانيا (وهو يهودي علماني) يسخر من هذا السؤال التقليدي في مقال له على موقع ICH 2/9 /2014 ويطرح السؤال المقابل: هل مازلنا نعتقد أن الصهيونية واسرائيل كانتا أصلاً لمصلحة اليهود ؟ رغم ان سياستهما نحو الفلسطينيين تضمنت دائماً استخدام اساليب التطهير العرقي والقتل الجماعي بحجة الدفاع عن النفس، وفي آخر عدوان على غزة مثلا وحسب تقديرات الامم المتحدة فإن 73% من الضحايا كانوا من المدنيين، كما ان تدمير اقتصادها لم يكن إلا لافقار أهلها اكثر فأكثر، حتى ان نائب وزير الداخلية إلي يشائي  Eli Yishaiلم يتورع عن القول ((إن هدف هذه العملية العسكرية هو إعادة غزة الى العصور الوسطى)) ! وماذا كان يا ترى شعور يهود إسرائيل تجاه ذلك أو على الأصح شعورهم الذي تمت برمجته مسبقاً ؟ 97 % منهم حسب استطلاعات الرأي أيدوا العملية و63 % قالوا إن العالم كله ضدنا ! وهذا يعني ان عدداً قليلاً منهم يعون حقيقية ما يحدث في دولة مصممة على إقصاء شعب آخر من وطنه وابتلاع ارضه بالكامل، ومن هؤلاء زئيف ستيرنهيل  Zeev Sternhell العالم المعروف والحائز على جائزة الدولة الذي يقارن بين إسرائيل الحاضر وفرنسا فيشي التي سقطت في ايدي اليمين مؤيدَّة بالغالبية العظمى من السكان وبضمنهم المثقفون من اساتذة جامعات وصحفيين، وبالمثل فأن العدوان على غزة نال ترحيب وموافقة نفس هذه الطبقة في اسرائيل وساهم في ذلك افلاس الاعلام الحر(!)  وانهيار الديمقراطية التي نتغنى بها !
ثم يصف كاتب المقال (دافيدسون) مشاعر الخوف التي تنتاب اليهود في الخارج جراء سياسة اسرائيل هذه، مستشهداً برأي شخصية يهودية بارزة مثل هنري سيغمان  Henry Siegmanالرئيس التنفيذي السابق للمؤتمر الاميركي اليهودي (ومجلس الحاخامين في اميركا) الذي يتحدث عن الهجوم الاخير على غزة قائلاً ((إن ذبح المدنيين الفلسطينيين وتدمير اجزاء كبيرة من غزة وتحويلها الى ركام على يد القوات العسكرية الاسرائيلية يشبه ما حدث لمدينة دريسدن في المانيا جراء الغارات الجوية الاميركية والبريطانية اثناء الحرب العالمية الثانية، وقد تم باسم مواطني اسرائيل وبذريعة الدفاع عن أمنهم وسلامتهم وهو زعم كشف عن مدى النفاق والكذب الذي يكتنف التعامل مع الفلسطينيين وإنكار حقهم في النهوض والتخلص من الاحتلال حتى ان الناطق الرسمي باسم الحكومة الاسرائيلية قال أثناء العدوان الاخير إن إسرائيل لا تحتل غزة فقد انسحبت منها قبل ثماني سنوات، وهو تعبير صارخ عن الخوتسبا((  ]وChutzpa  كلمة عبرية تعني: اوقح من الوقاحة نفسها [ .
ويشارك سيغمان في هذا الاستنكار يهود آخرون في الخارج كالناجين من الهولوكوست او أبنائهم وقد نشروا مؤخراً على صفحات النيويورك تايمز بيانا قالوا فيه: ((أننا مرتاعون من المعاملة العنصرية اللاإنسانية التي تسلكها اسرائيل ضد الفلسطينيين، خصوصاً تلك الدعوات المتطرفة التي ظهرت في صحف التايمز الاسرائيلية والجروساليم بوست على لسان ساسة ومجموعات تدعو صراحة للتطهير العرقي للفلسطينيين وتتبنى بفخر شعارات النازية الجديدة ..)) .
وفي النهاية يقول دافيدسون إن رؤية العالم من خلال المنظار الصهيوني والتعصب الاسرائيلي سوف يستمر في حجب الحقيقة عن أن عنف الفلسطينيين ضد اسرائيل حين ينفجر احيانا هو رد فعل طبيعي للسياسات الاسرائيلية المتمثلة في بقاء الاحتلال ومصادرة الاراضي وحكم الدولة البوليسية .  

وبعد .. فليس القصد دغدغة المشاعر بالحديث عن تعاطفٍ ما مع قضية الشعب الفلسطيني، لكن القصد هو إلقاء الضوء على عقدة واحدة من عقد كثيرة أدركها بعض اصحاب الضمائر الحية والعقول النيرّة من اليهود وهم يتصدون الآن لحلها .. من أجل مصلحة اليهود أنفسهم .      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق