الاثنين، 19 سبتمبر 2011

كيف يقف ثائر.. ضد أي ثورة؟

قد يكون الحديث عن القذافي بعد سقوطه من نافلة القول خصوصاً إذا لبس لبوس الحكمة بأثر رجعي! لكني لا أملك إلا أن أذكّر بموقف صغير بدا عابرا لكنه استوقفني بدلالته حين سئل هذا «الزعيم» عن الثورة التونسية بعد ساعات قليلة من انتصارها بفرار زين العابدين بن علي وقبيل اندلاع الثورة في ليبيا نفسها بأيام قليلة فأجاب: «إنه متألم لما حدث إذ لا يوجد أحسن منه (يقصد بن علي) في هذه الفترة لرئاسة تونس» ثم مضى يحذّر التونسيين من أنهم سيندمون على ما اقترفت ايديهم!.. هكذا ودون أن يرف له جفن يومئذ ناقض القذافي قائد «ثورة» الفاتح من سبتمبر نفسه وكل ما كان يزعمه على مدى اربعة عقود من أنه مع الثوار في كل مكان، فقد عبر بتلك الكلمات الفجة عن حقيقته كحاكم مستبد ولم يستطع أن يخفي تعاطفه مع واحد من اقرانه الطغاة مدفوعاً بقلقه وخوفه من مصير محتمل!

ربما يذكر البعض كيف حاول اعلامه في اليوم التالي ان يداري سَوْأته ويغطي على الاصداء المستنِكرة التي بدأت تتردد في كل مكان فراح يثير دخان التمويه ويطلق ضجة أخرى توجه الانظار لتصريحات ادعى انها صادرة عن الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي عشية عودته الى تونس من منفاه والتي نشرتها صحيفة «قورينا» الالكترونية المقربة من نجله سيف الاسلام وجاء فيها أنه اشاد بالزعيم معمر القذافي وبدعمه للثورة التونسية التي بدأت تتمثل بعد انتصارها بالنموذج الليبي (كذا!) ، لكن ما كتبته سمية الغنوشي (غير البعيدة عن سياسة والدها) في صحيفة الغارديان البريطانية في اليوم التالي يفند ذاك الادعاء إذ قالت: «الثورة التونسية كانت بمثابة صدمة لكل الحكام الذين ترتعش ابدانهم الآن خوفاً من انتقال عدواها الى شعوبهم» ، وتحدثت عن ضرورة قيام ائتلاف موسع للقوى التي تستطيع تفكيك إرث الحالة الاستبدادية لما بعد الحقبة الكولونياليه فأشارت الى «التحالف الذي تشكل من حزب الشغل الشيوعي بقيادة حمه الحمامي ومن حزب الشعب من اجل الجمهورية الشخصية الكارزماتية المنصف المرزوقي ومن حزب النهضة الذي يقوده والدي راشد الغنوشي، جنباً الى جنب مع النقابيين وناشطي المجتمع المدني» فهل هذا كلام يمت بأي صلة للنموذج المثير للسخرية ؟

وبعد.. إذا كان لابد من كلمة بهذه المناسبة التاريخية حقاً فهي أني لا ارى في سقوط القذافي عبرة للطغاة الآخرين إذ حدث ذلك للكثيرين من قبله وكان آخرهم على الاقل زين العابدين بن علي وحسني مبارك فلم يعتبر كما لن يعتبر باقي المستبدين ممن سيأتي دورهم ولو بعد حين ، ولا اعتقد أن الدرس سوف يستفيد منه اولئك الذين يصدقون الدكتاتور ويسيرون وراءه مخدوعين فلا يبصرون الهاوية حتى يسقطوا فيها.. لكن بعد أن يسقط!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق