الاثنين، 19 سبتمبر 2011

لقراء وماسونية جمال الدين الأفغاني!

احتراما لعقل القارئ وقدرته على التفكير وحريته في الاستنتاج اتعمد عند طرحي لبعض المواضيع ألا أقحم عليه رأيا محددا فيها، كما أني احيانا اصطنع الحياد كارهاً حتى يختار بنفسه موقفه المستقل منها فانا أمقت التلقين وإن كنت احتفظ بحقي في الايماء أو التلميح! حدث ذلك في كثير من مقالاتي وكان آخرها عن ماسونية جمال الدين الافغاني حيث تجنبت إبداء وجهة نظري حولها بل تركت ذلك لفطنة القارئ بعد أن أطلعته على لقطات موجزه من قصة الافغاني معها، فلو أنا أعلنت موقفي المنِكر للماسونية فأنني بذلك أدين الرجل الكبير مسبقاً وأدمغهُ بما استقر عنها في اذهان الناس من علاقات سرية مع المحافل الاجنبية بلغت في التاريخ حد الخيانة كما في قصة الضابط الفرنسي درايفوس، أو عن مبادئها غير المعلنه التي تخفي محسوبيةً تتنافى والعدالة المجتمعية أو محاباةً تفسد أحكام القضاء نفسه، ولو أنا أيدت الماسونية فأني أتناقض مع ذاتي وأغمض عينيَّ عما هو معروف وموثق عن بعض اعضائها من زعماء ومسؤولين كبار كانوا بوعي منهم أو بلا وعي، يتعاونون مع الاحتلال البريطاني في مصر أو الفرنسي في لبنان وسوريا ثم فيما بعد مع الصهيونية في فلسطين.

من القراء من لامني على ما سموه غموض موقفي من الماسونية إشفاقاً عليّ وعلى سمعتي من الاشتباه بأني ماسوني فينقم عليّ اعداؤها وهم - كما قالوا - الاكثر بين الناس، ومنهم من شكرني على أني أوضحت هذا الجانب من تاريخ الافغاني بعد أن شرحت كيف سخرَّ اعضاءَ محفله في تنظيم رقابة صارمة على أجهزة الدولة من خلال محاسبة وزاراتها المختلفه وبمباركة من الخديوي سعيد حتى بلغ به الطموح في تحديث مصر وتطويرها نحو الديمقراطية حد المطالبة بالدستور والانتخابات النيابية ما ضاق به المستعمر البريطاني فأوعز بنفيه الى الهند، وربما أنصفتُه بالتساؤل الاخير «من استخدم من ؟».

قارئ معجب بما أكتب وبهذا المقال تحديداً روى لي قصته وكيف حاول البعض اغراءه حين كان طالبا في الجامعة في أميركا للدخول في الماسونية لأنها سوف تفتح له طريق الوصول الى اعلى المناصب عند عودته لبلده لكنه رفض ثم سالني إن كنت قد انتسبت للماسونية مادمت قد أصبحت وزيرا ذات يوم! فأحلته الى ص 103 من مذكراتي «بين الطب والسياسة» حيث رويت قصة اعتقالي عام 1962 «... بعد الافراج عني بايام وكنت مازلت في حالة نفسية سيئة وضعف معنوي لم أعرفه سابقاً زارني صديق قديم أفصح لي بأنه ماسوني ووعدني بمساعدتي على الانضمام الى الحركة الماسونية لان فيها شخصيات ذات نفوذ كبير ومنها فلان وفلان وفلان، يستطيعون اخراجي من هذه الازمة ووعدته بأن ارد عليه بعد أيام لكنني فكرت مليا في الأمر ولم أرد ابداً «..

وبعد.. لم أهتم يوماً بأن أناقش موضوعا كبيراً متشعباً كالماسونية بل حاولت في المقال السابق أن ألمس لمساً خفيفاً قصة الافغاني معها، ولم يكن قصدي الدفاع عن وطنيته أو وطنية سعد زغلول والامام محمد عبده وفارس الخوري والامير عبد القادر الجزائري والعديد غيرهم فالقراء يعرفونهم ويعرفون اكثر مني تاريخهم العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق