الاثنين، 19 سبتمبر 2011

استحضار نموذج روبن هود!

«نحن نعيش في عصر يشبه الى حد كبير ذاك الذي عاشه روبن هود حين كان اللوردات الاقطاعيون يحكمون انجلترا وينهبون الناس وسط فوضى ادارية وانفلات اقتصادي غابت فيه القيود الاخلاقية والضوابط الاجتماعية، فلماذا لا نتمثل ذكراه التي لا تُنسى بأن نتبنى من جديد مبادئه واهدافه من أجل تغيير الاوضاع في العالم والا انحدرنا الى الدرك الأسفل...» هذا ما يدعو له جون بيركنز في مقال له على الـ Information Clearing House 12 /8 /2011 ويعزز دعوته لاستحضار نموذج ذلك الثائر المرح بقوله: «إن ازمة الميزانية في واشنطن، والمواجهات الدامية والحرائق في المدن الانجليزية، والمظاهرات في اوروبا والشرق الاوسط هي اعراض لنفس الاضطراب الكبير الذي كان سائداً أيام روبن هود بدليل الحقائق التالية:

إن الذين ننتخبهم في ديمقراطينا الكبيرة ( الولايات المتحدة ) ليسوا هم الذين يشرّعون لنا القوانين فقد تخلّوا عن هذه المسؤولية للوسطاء والعملاء من مجموعات الضغط التي تعمل لحساب الشركات الكبرى Corporations وهذه في الاصل هي التي موّلت الحملات الانتخابية !

وسائل الاعلام المقروءه والمسموعة والمرئية لا تنقل لنا الانباء على حقيقتها ولا تقف الى جانبنا ونحن نحاول المحافظة على دستورنا لأنها مملوكة بالكامل لتلك الشركات.

الميزانية عندنا لن تكون متوازنه بلا عجز كبير طالما أننا ننفق تريليونات الدولارات في حروب للدفاع عن «استغلال» تلك الشركات لثروات البلاد الأخرى ! مع أننا نحرم شعبنا من الخدمات الاساسية في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والتي لا تكلف بالمقارنة إلا القليل..

لقد ابتعدنا كثيراً عن المبادئ الاخلاقية التي نتغنى بها، فنحن لا نخجل مثلا من استهلاك البضائع المنتَجة بعرق الذين يعملون كالعبيد في الدول الفقيرة، ونحن نلقي باللائمة على حضارات الآخرين واديانهم ونتهمها بأنها سبب مشاكلنا ومصدر متاعبنا ! ونقبل كأمر عادي الفساد الذي ينخر بعض ساستنا وأجهزة رقابتنا ثم لا نخجل أن نسجن واحداً كبرادلي ماننغ لانه فضح الجانب الأسود من سياستنا في العراق ( ماننغ هو الجندي الأميركي المحبوس في زنزانه انفرادية منذ أيار 2010 وينتظر حكما بالسجن 80 عاماً بتهمة تسريب الفيديو السري الى الويكيليكس الذي يكشف هجوم طائرة الاباتشي الاميركية على عراقيين مدنيين وقتل 11 منهم بدم بارد في تموز 2007 )...» ثم يمضي بيركنز للقول: «علينا أن نعترف بأن حكامنا - تماما كلوردات الاقطاع في انجلترا روبن هود - قد خلقوا لنا وضعاً سيئا ومروعاً، وأن رأسماليتنا النهّابة السلاّبه لا تخدمنا إلا إذا كان الواحد منا بليونيراً.. لذلك نتساءل أين روبن هود ؟ أين أولئك الرجال والنساء الذين انضموا له ببهجة وحماس وتحدوّا جبروت اللوردات في تلك الأيام المجيدة ؟ نحن نود أن نستعيدهم حتى لو في خيالنا لنقتدي بهم ونتعلم كيف كانوا «يشلّحون» الأغنياء ليردوا للفقراء بعض ما سرقوه منهم ! لقد آن الاوان لكل الشرفاء أن يتجمعوا رجالاً ونساءً من خلال نشر الافكار في شبكات الانترنت (كأنما يستوحي ثورتيْ تونس ومصر ) ففي هذه الايام لسنا بحاجة للقوس والنشاب ولا للسيوف أو أسلحة الموت، إن لوردات هذا العصر يسيطرون علينا بالدعاية والاعلان والاغراءات الماديه، ويملأون محطات التلفزيون بمعلّقيهم المأجورين ويتحكمون في الصحافة من خلال عملائهم ! علينا أن ندحرهم ونهزمهم في ميدان المعركة هذا حيث الوعي والمعرفة بدل الدم والعنف، فقوْسي هذه الايام هو حاسوبي أو منصّة محاضراتي، وسهامي هي كلماتي المكتوبة أو المسموعه...»

وبعد.. ربما تتذكرون جون بيركنز هذا ؟ لقد علقت في 18 /7 /2009 على كتابه الشهير (( اعترافات قاتل اقتصادي )) بعد أن صحا ضميره وأثار ضجة كبيرة بفضحه الوسائل غير المشروعه للمخابرات الأميركية في شراء ذمم قادة الدول لحساب الشركات الكبرى وإلا فالاغتيال لمن لا يبيع وطنه ! وكان آخر المقتولين وبنفس الطريقة جايمي رولدوز رئيس الاكوادور عام 1981 وبعده بشهرين عمر توريخوس زعيم بنما..

إذن، لا غرابة في أن يدعو بيركنز للاقتداء بروبن هود !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق