السبت، 6 مارس 2010

‏ ‏ 6 /3 /2010 ‏
‏ ‏
إنهم يسرقون .. حتى السمك !‏
د. زيد حمزه

أتحدث اليوم عن المقابلة التي اجراها ميشيل كولون ‏Michel Colon‏ وغريغوار لالو ‏Gregoire Lalieu‏ على موقعهما في 10 شباط 2010 في سلسلة من مقابلات (( لفهم العالم ‏الاسلامي )) مع محمد حسن وكانت حول الصومال وكيف دفعته القوى الاستعمارية الى حالة من ‏الفوضى الشامله، فمن هو أولاً محمد حسن هذا ؟ إنه خبير في شؤون العالم العربي من الناحية ‏الجيوسياسية، ولد في اديس أبابا (أثيوبيا) وشارك في بلده حين كان طالباً في الثورة الاشتراكية عام ‏‏1974 وقد درس بعد ذلك العلوم السياسية في مصر قبل أن يتخصص في الادارة العامه في ‏بروكسل ، وحين أصبح موظفاً في السلك الدبلوماسي عمل في سفارات أثيوبيا في كل من واشنطن ‏وبيجين وبروكسل وشارك في تأليف كتاب (( احتلال العراق )) عام 2003 وعدة كتب أخرى عن ‏القومية العربية والحركات الاسلامية .. ‏
يقدم الكاتبان للمقابلة بالقول : (( تَوفرَّت للصومال كل اسباب النجاح من موقع جغرافي ‏متميز ونفط ومعادن خام وديانة واحده ولغة واحدة لجميع من فيها (مع تنوع ثقافي واسع) وتلك ‏بمجملها تشكّل ظاهرة نادرة في افريقيا كان من الممكن بموجبها أن يصبح الصومال قوة كبرى في ‏المنطقة لكن الحقيقة المائلة مختلفة تماما، فالمجاعة والحروب القبلية والنهب والسلب والقرصنة هي ‏الحالة السائدة فيه فكيف حدث هذا التدهور المروّع ؟ لماذا ليس هناك حكومة صومالية حتى الآن ‏ومنذ عشرين عاماً تقريبا ؟ ما هي الخفايا وراء أولئك القراصنة الذين يخطفون سفننا ؟ في هذه ‏الحلقة الجديدة من سلسلة مقابلاتنا حول (( فهم العالم الاسلامي )) يشرح لنا محمد حسن أيضاً لماذا ‏وكيف طبقت القوى الامبريالية نظرية الفوضى ..)) ‏
من ناحيتي سوف اقتطف من المقابلة فقط ما جاء حول القرصنة الصومالية ومن هم أولئك ‏القراصنة الذين دوّخوا أساطيل الدول الكبرى في السنوات الأخيرة وقد كان جواب محمد حسن على ‏النحو التالي: منذ عام 1990 لم تعد هناك حكومة في الصومال وأصبحت البلاد في أيدي أمراء ‏الحرب ، وقد اغتنمت سفن الصيد الاوروبية والآسيوية الكبيرة المتخصصه فرصة هذه الحالة ‏الفوضوية وراحت تقوم بصيد الأسماك على طول الساحل الصومالي دون أي ترخيص أو أي ‏احترام لأبسط القواعد المرعية، ولم تراع حتى نظام الحصص المطبق في بلادها لحماية النوع ‏‏(الاحياء المائيه) فاستخدمت وسائل وطرقاً عنيفة في الصيد – ألى حد استعمال المتفجرات – أدت ‏الى تدمير واسع للثروة البحرية الصومالية فلم يعد بأمكان الصيادين الصوماليين البسطاء الذين كانت ‏لديهم وسائل بدائية لصيد السمك أن يعملوا ويجنوا رزقهم بعد أن سرقت شركات الصيد الكبرى ‏اللقمة من أفواههم، ولمقاومة هذا الوضع البائس والمصير المحتوم قرروا أن يتحولوا الى قراصنة ‏كي يحموا أنفسهم ومياههم، وهذا بالضبط ما لم تتورع الولايات المتحدة نفسها عن القيام بمثله خلال ‏الحرب الاهلية ضد البريطانيين ( 1756 – 1763 ) حين اضطر الرئيس جورج واشنطن الذي لم ‏يكن لديه اسطول يدافع به عن شواطئه أن يعقد اتفاقية مع عصابات القراصنة (!) للمحافظة على ‏الثروة البحرية الاميركية ..‏
وبعد .. أما باقي القصة المأساوية لهذا البلد العربي الذي كان أول من طُبقت عليه ‏‏(( نظرية الفوضى )) بعد أن أقرها اجتماع لمنظمة غير رسمية تدعى (( نادي السفاري )) ضم شاه ‏أيران وموبوتو ودولتين عربيتين وأجهزة مخابرات فرنسية وباكستانية عام 1977 وكان الغريب ‏حضور هنري كيسنجر دون أن تكون له في ذلك الوقت صفة حكوميه ! وقد جرى فيه استمالة ‏سياد بري رئيس الصومال آنذاك مع وعده بمساعدات سخية مقابل التحول عن تحالفه مع الاتحاد ‏السوفيتي .. فذلك ما يحتاج لمقال آخر ! ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق